محلات ومقاه اقفلت واخرى على طريق الاقفال
وسط بيروت التجاري على جموده مستمر


ريما زهار من بيروت:مع بدء فصل الصيف في لبنان، لا يزال وسط بيروت على حاله من الجمود وذلك لاسباب عدة، منها الوضع الامني المتردي في لبنان يضاف اليه تمركز المعارضة فيه منذ شهر كانون الاول (ديسمبر) الماضي، الامر الذي دفع برواده الى هجره، فاصبح بقعة لا تزال جميلة لكنها مقفرة وحزينة.
المكان اصبح يومًا بعد يوم شبه خال الا من بعض من كان يقصد عمله هناك، حتى اضحى مكانًا تقصده الطيور فقط لخلوه من البشر، المطاعم هنا تقفل الواحدة تلو الاخرى كذلك المحلات التجارية، فمثلًا مطعم الدانكن دونات اقفل ومحلات عزت الداعوق كانت الاولى التي قررت ان تنقل فرعها الى مكان آخر، وهكذا دواليك، لتصبح المساحة فارغة من اي نشاط حيوي.
في مثل هذا الوقت كان السياح العرب والاجانب يقصدون وسط بيروت، فتشكل حركتهم متنفسًا لابناء هذه المنطقة ليس فقط اقتصاديًا، بل تشكل محور لقاءات تبعث الى الامل في وطن بات فيه الامل كالاوكسيجين ضروري للحياة والتفاعل.

تفتيش مركز

قبل الوصول الى وسط بيروت يفتشك صاحب موقف السيارات بامعان شديد، واذا كنت تملك بعض الاسطوانات المدمجة فقد ينبؤه كاشف التفجيرات بان هناك امرًا مريبًا في سياراتك، الامر الذي يحمله ربما الى عدم السماح لك بركن سيارتك، وبما ان المواقف باتت محدودة ويلزمك ان تمشي مسافات كبيرة كي تصل الى وسط بيروت، فان مجرد التوجه الى هناك يعتبر رحلة بحد ذاتها، وربما لكل تلك الاسباب فضل رواد وسط بيروت عدم التوجه مجددًا اليها.
موظف في محل لبيع الثياب، يؤكد انه لا يزال مستمر في العمل في وسط بيروت لكنه يتساءل الى متى ستبقى الاوضاع على ما هي، فلا بوادر امل رغم ما يتم الحديث عنه سياسيًا من مبادرات هنا وهناك، غير ان الحل يجب ان يأتي برأيه من عند اللبنانيين، ويقول ان الحركة شبه معدمة في وسط بيروت، وهي لا تكفي لتغطية المصاريف الكبيرة التي يتطلبها العمل في وسط بيروت من كهرباء وبدل ايجار، الامر الذي دفع معظم المحلات على خفض اعداد الموظفين، اما الهدف من البقاء والاستمرار في وسط بيروت، فهو عائد بالنسبة لصاحب المحل على اثبات ان لبنان واللبناني لا يمكن ان يهزم وربما مع وجود بعض الامل بان الامر لن يستمر على ما هو عليه، وان الفرج آت لا محالة.
آمال تعمل في احدى المحلات تقول ان الوضع التجاري شبه معدوم وتكمن المشكلة الحقيقية في استمرار التفجيرات تصاعديًا في مختلف المناطق الامر الذي حدا باكثر اللبنانيين الى المكوث في منازلهم .

زبائن وهميون

اذا صودف ان لاحظت وجودًا لبعض الزبائن في المقاهي، فلا يغرنك الامر، لان هؤلاء لن يكونوا سوى اصحاب او موظفي المقهى الذين تجمعوا ربما للحديث عن مشاكلهم المادية التي تتكاثر يومًا بعد يوم.
داني موظف في احد المقاهي يعتبر ان حركة المطاعم في وسط بيروت انما تستمر بفضل الطلبات الخاصة الى المكاتب ومقرات العمل وربما قد يأتي بعض اصحاب القلوب الكبيرة ويتوجهون الى المطعم ليلًا لكن اعدادهم تبقى محصورة وقليلة جدًا.
وداني الذي عمل قبلًا في الخليج، يطمح اليوم الى الذهاب الى اي دولة قد تكون عربية او اجنبية وذلك لتأمين ابسط امور الحياة، لكن ما يمنعه اليوم من ترك البلد هو حال ابيه الصحية التي تتطلب العناية من قبله ومن قبل اخوته.
في وسط بيروت، حتى النواب هجروا مقراتهم ايضًا بعدما اقفلت ابواب البرلمان، الذي بدا مع الساعة الكبيرة التي تظلله وكأنه شاهد على مأساة يعيشها كل لبنان بكل انتماءاته الطائفية والسياسية.

* تصوير ريما زهار