ايلاف تحاور النائب اللبناني السابق تمام سلام:
القمم العربية فلكلورية... وبلدنا يدفع ثمن صراعات الخارج غاليًا
ريما زهار من بيروت: من الفراغ الرئاسي والقمم العربية والحرب الإسرائيلية على لبنان، إلى قانون الإنتخاب وغيره من القضايا الملحة على الساحة اللبنانية تناقشها إيلاف مع النائب اللبناني السابق تمام سلام. وفي حوار خاص يتحدث سلام عن المخاطر القائمة بسبب الفراغ الرئاسي في لبنان، كما يتطرق الى موضوع القمم العربية التي يصفها بالفلكلورية. وفي ظل كل هذه الازمات يتخوف سلام من حرب في لبنان، خصوصًا أن إسرائيل لن توفر مناسبة برأيه في ممارسة العنف. أما عن قانون الانتخابات والجدل القائم حول موضوع قانون العام 1960، فيعتبر أنه امامنا فرصة نادرة جدًا تتمثل بما توصلت إليه الهيئة الوطنية التي شكلت وهي من عناصر واصحاب كفاءة معينة، من كل اللبنانيين، وتمكنت بعد مخاض عسير استمر عامًا أو أكثر، أن تخرج بمشروع جديد وطموح، لتغيير جذري في موضوع قانون الانتخابات يعتمد نصف الامر على الاكثرية والنصف الآخر على النسبية، مؤكدًا أن كل القوانين الماضية بما فيه القانون 1960 بالية، مشيرًا الى ان موضوع طرح اسماء لرئاسة الحكومة في هذه المرحلة بعيد عن الواقع، ويتطرق الى سياسة اميركا الناشطة والمتحركة في العالم وفي المنطقة، مشيرًا الى اطماع ومصالح وخطط لأميركا فيها وبأنه ليس من السهل تجاهل الدور الأميركي، ولكن ليس من الممكن الاعتماد عليه، وبأن التدخل الاميركي قائم في كل موقع ومكان وباشكال مختلفة.
وفي ما يلي نص الحوار معه
* ما هي برأيك مخاطر استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان؟
- المخاطر قائمة وليست بحاجة إلى استشراف، ومنذ 5 اشهر ونحن نعاني والبلد والناس يعانون من هذا الفراغ، وتراكم العجز والاخفاق والفشل انعكس على كل الاوضاع في البلاد، وبالتالي المزيد منه سيوصلنا الى احوال واوضاع اسوأ مما نحن فيها اليوم، كما يلاحظ الجميع فإن الهجرة على قدم وساق، والناس يائسون من البلد، وهذا مزعج جدًا.
* هناك وجه خارجي للازمة اللبنانية، متى برأيك ينضج الحل في لبنان؟
- كما تقولين الوجه الخارجي هو الذي يتحمل مسؤولية كبيرة اليوم مما نحن فيه، وهذا لا يعني اننا نعفي انفسنا من مسؤولياتنا في التماهي والمماشاة في هذا الوضع الاقليمي الخارجي، ولكن لا شك بأن المنطقة كلها في واقع مؤجج ومشدود وتنعكس كل الصراعات الدولية في المنطقة علينا، لأن لبنان يبقى الواحة للمواجهة، وبالتالي يحاول كل فريق بالمنطقة ان يسرح ويمرح فيها وندفع الاثمان جراء ذلك.
جدل
* هناك جدل بيزنطي حول اعتماد قانون انتخابات العام 1960، ما هو رأيك بالموضوع؟
- هذا من الاوضاع المتردية التي وصلنا إليها نتيجة الفراغ، في هكذا اجواء من الضياع والتشتت ومن التراجع يتم طرح مواضيع كثيرة ومنها موضوع قانون الانتخابات، هذا الفريق يطرح تصورًا والفريق الآخر تصورًا آخرًا، ويبدأ الجدل حول هذا الموضوع كأننا في احسن حال وكأن البلاد بخير وتتحمل هكذا امور، وهذا للاسف مؤشر جديد لإفلاس الساحة السياسية، واذا ما اردنا ان نعالج موضوع الانتخابات وقانونها امامنا فرصة برأيي نادرة جدًا، ولكن تتمثل بما توصلت اليه الهيئة الوطنية التي شكلت وهي من عناصر واصحاب كفاءة معينة، من كل اللبنانيين، وتمكنت بعد مخاض عسير استمر عامًا او اكثر ان تخرج بمشروع جديد وطموح، لتغيير جذري في موضوع قانون الانتخابات يعتمد نصف الامر على الاكثرية والنصف الآخر على النسبية وهذا باعتقادي محاولة جدية للخروج من الانظمة والقوانين البالية الماضية التي لم تأتِ الا بالمزيد من التمثيل الطائفي وانعكس ذلك على أداء المجلس النيابي.
* هل يعني ذلك انك تعتبر قانون انتخابات العام 1960 باليًا؟
- كل القوانين الماضية بالية ومضى عليها الزمن ولم تكن القوانين المثلى للنقل من ممارسة ديموقراطية بوسائل متأخرة مضى عليها الزمن ويجب اعتماد آليات جديدة ووسائل تواكب طموحات الاجيال والتغيير الذي يطرأ في كل العالم، واذا اردنا ان نواجه استحقاقات ديمقراطية وكل شيء يجب ان ينطلق مما ندعو اليه دائمًا من خلال المساءلة والمحاسبة، فلا نظام ديمقراطي دون مساءلة ومحاسبة على كل المستويات، بدءًا من القاعدة في موضوع قانون الانتخابات، اذا لم يشعر المواطن ان لديه قدرة لمحاسبة ومساءلة المرشح والنائب، وبالمقابل النائب لا يشعر بان من يسائله ويحاسبه فلا يمكن للدورة الديمقراطية ان تستقيم، فالمحاسبة والمساءلة ليستا فقط على مستوى القيادات والادارات واصحاب النفوذ بل هي مطلوبة من القاعدة اولاً، وعندما تتحقق على مستوى القاعدة ويأتي مجلس نيابي من نواب يدركون معنى المساءلة والمحاسبة، ينعكس ذلك على كل القوانين والآداء السياسي في البلد.
* هذا بالنسبة إلى قانون الانتخاب اما بالنسبة إلى رئاسة الحكومة، فإن البارز تداول اسمك كمرشح لرئاسة الحكومة، ما هو تعليقك على الموضوع؟
- اعتقد ان موضوع طرح اسماء لرئاسة الحكومة في هذه المرحلة بعيد عن الواقع الذي يتطلب معالجات تتقدم على رئاسة الحكومة، واولها وابرزها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعندما يتم هذا الانتخاب يتم تنفيذ الدستور في الدعوة الى استشارات نيابية ملزمة وعلى ضوئها يتم البحث الجدي باسم رئيس للوزراء الذي سيكلف، وموضوع الاسماء التي يتم تداولها هي برأيي بعيدة عن واقع الامر، لان رئيس الوزراء لا يمكن التوافق حوله كما يتم الامر بالنسبة إلى رئاسة الجمهورية، رئيس الوزراء يأتي نتيجة الاستشارات الملزمة ومن يحوز على اكثر عدد من النواب يجب ان يكلف، والتكهن وطرح الاسماء والسعي الى تداول تلك الاسماء مضيعة للوقت لا اكثر ولا اقل.
الحرب
* هل تتوقع حربًا اقليمية مسرحها لبنان كما يشاع؟
- الحرب الاقليمية لا بد ان نأخذ نصيبنا منها، لهشاشة الوضع عندنا، وكما تعلمين لبنان اليوم يتم تحميله اعباء تفوق طاقته، بينما الدول التي يجب ان تعتبر دول مواجهة تنعم بالاستقرار والآمان وبالازدهار حتى، ونحن ندفع الاثمان الغالية، نأمل جميعًا الا يكون هناك حربًا اقليمية وان يتوقف هذا الصراع الاقليمي وان يحل السلام في المنطقة وتسوّى الامور، ولكن مع الاسف المعطيات ليست بهذا الاتجاه، ولا بد اذا ما حصل انفجار اقليمي ان نأخذ نصيبنا من شظاياه.
* انت على خط محايد بين المعارضة والموالاة هل انت على اتصال بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله؟
- اليوم قلّ من هم على اتصال بالسيد حسن نصرالله لان الظرف الامني للسيد حسن نصرالله لا يسمح له بالاتصال والتواصل، ولكنني على اتصال مع اعضاء في حزب الله ولم يتوقف التواصل كما مع كل الافرقاء، ولكن طبعًا انا موقفي وسطي ومعتدل ولكن هذا لا يمنعني من ان اقول ما يجب ان يقال في الوقت المناسب وفي الاتجاه المناسب عندما ارى ان الامور تجنح باتجاه مضر او مؤذ للبنان، لانني اولاً وآخرًا اريد حرية هذا البلد واستقلاله.
القمة العربية
* ما الذي تنتظره من القمة العربية المقبلة وما ستكون تأثيراتها على لبنان؟
- كما يبدو اجواء التحضير لتلك القمة ليست اجواء مريحة، وكما تعلمين القمم عادة لها جانب استعراضي وفلكلوري اكثر من عملي وبالامس كنت اسمع ان مؤتمر القمة الاسلامي اليوم في السنغال مقرراته اصبحت بالتداول قبل ان يبدأ المؤتمر، الاجواء التي ترافق المؤتمرات هي تسبق المؤتمرات على مستوى الاتفاق، ان هذا المؤتمر العربي في دمشق يبدو وكأن هناك تعثر او عدم توافق على ماذا يتم الاتفاق عليه مسبقًا، والامر فيه جانب مجهول حتى هذه اللحظة، كما نعلم بعض الدول ربما لن تشارك وبالتالي وليس مأمولاً ان نرى حلولاً جذرية لواقعنا العربي والاقليمي المتعثر والمستعصي والذي تسيطر عليه الكثير من الاعتبارات الاقليمية والدولية.
* الملاحظ اليوم ان المبادرة العربية قد وصلت الى حائط مسدود نوعًا ما، هل ترى ان هناك املًا في انتخاب رئيس للجمهورية في اللحظة الاخيرة؟
- الامر بوضوح مرتبط بتوافق القوى العربية، اذا لم يكن هناك توافق قبل القمة العربية لن تنجح ولن ينجح انتخاب رئيس جديد في لبنان، اما اذا حصل توافق فكل شيء ممكن ويحل ويكون موضوع انتخاب رئيس جديد للبنان مصدرًا عمليًا لانجاح القمة.
* هل ترى ان موضوع لبنان ورئاسة الجمهورية ذاهب الى التدويل؟
- المنطقة كلها متحولة في هذه المرحلة الى التدويل وكل الامور والمواجهات والصراعات القائمة فيها حصة كبيرة من التدويل، اما التدويل بمعناه القانوني فهذا امر تفصيلي والمهم المناخ العام وهو مثقل بتدخل الدول الكبرى وبادوار متقدمة لها وخصوصًا في ما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي الذي تبذل فيه جهود كبيرة ولكن مع الاسف لن تتمكن هذه الجهود الدولية من ان تحرز تقدمًا في هذا الموضوع.
* في اطار الدعم الدولي والمصالح الدولية كيف تحدد سياسة اميركا تجاه لبنان اليوم وهل برأيك تتأثر هذه السياسة بعلاقاتها بسورية؟
- ان لأميركا سياسة ناشطة ومتحركة في العالم وفي المنطقة عندنا بالذات، ولا شك ان لاميركا اطماعًا ومصالح وخططًا وليس من السهل تجاهل الدور الاميركي، ولكن ليس من الممكن الاعتماد على هذا الدور، لانها تتحرك بحسب مصالحها والجميع يعلم بان الكثير من مصالحها يتحكم بها النفوذ الصهيوني الاسرائيلي الذي يتقدم على مصالح الدول العربية وهذا امر مزعج جدًا، وبالنسبة لنا نحن في لبنان، لا شك اننا نحصد منه اوضاعًا صعبة، وبالامس القريب قال الرئيس الايراني احمدي نجاد انه سيحارب اميركا في لبنان، ويبدو ان الاميركيين صدقوا ذلك ووقعوا في هذا الاطار ويريدون فعلاً محاربته في لبنان، فهل للبنان طاقة في تحمل الحروب بين دول اخرى، ومن الطبيعي ان ندفع ثمنها غاليًا.
* هل معنى ذلك ان يكون هناك تدخلاً اميركيًا مباشرًا من خلال حرب على لبنان؟
- التدخل الاميركي قائم في كل موقع ومكان وباشكال مختلفة، ومؤخرًا سمعنا بما يتعلق بارسال المدمرة كول الى لبنان وقطع بحرية اخرى، ساعة يقولون انها من اجل فرض سياسة معينة، ومنع الآخرين من التمادي، وساعة يقولون انه امر طبيعي من ضمن تحرك الاسطول الاميركي في البحر المتوسط، ولكن من الواضح ان هناك اجراءات وخطوات معينة تحضر لها اميركا، ولكن بأي اتجاه وبأي توقيت وموقع، هذا ليس واضحًا حتى الآن، ولكن بالامس عندما تمت استقالة قائد القوات الاميركية في المنطقة فلا بد ان لذلك علاقة بأمر ما يقوم به الاميركيون.
* هل يمكن ان نشهد في ظل الممانعة السورية انقسامًا وتدهورًا امنيًا اكبر في لبنان؟
- لا شك ان اي ممانعة واي معاكسة او تعطيل في لبنان سينتج عنه مزيد من الضعف وسينعكس سلبًا على لبنان واللبنانيين، وفي هذا المجال طالبنا ان تتم انتخابات رئاسة الجمهورية ولا سيما ان هناك شخصية توافق عليها الجميع، فما الذي يعيق انتخابها ولماذا يتم ربط هذا الانتخاب باستحقاقات اخرى، فلننجز الاشياء تباعًا، هل الشروط والشروط المضادة من المعارضة والاكثرية ستتغير؟ ستبقى هي ذاتها، ولكن لماذا ربطها بانتخاب رئيس للجمهورية، فليتم انتخاب رئيس للجمهورية.
* في موضوع الاتفاق على رئيس للجمهورية وهو قائد الجيش العماد ميشال سليمان هناك تعليق على ما قاله الوزير السابق وئام وهاب انه مع عدم انتخاب رئيس للجمهورية في العام 2008 فإنهسيتم انتخاب الجنرال ميشال عون في العام 2009؟
- لو كان هناك امكانية من انتخاب العماد ميشال عون لماذا لا تتم اليوم، ولماذا انتظار الـ 2009، هذا شيء من قبيل المواقف السياسية التي تصدر من هذا الفريق او ذاك.
* في حال تكهنت اسرائيل بأن حزب الله هو المسؤول عن عملية القدس، هل تتوقع ان تفتح اسرائيل الحرب خصوصًا مع الحديث ان البقاع الغربي سيكون الساحة لهذه الحرب؟
- نوايا اسرائيل العدوانية على العرب ليست بجديدة وخصوصًا وسط اجواء الضعف والعجز العربي والشرذمة العربية القائمة، فنعم اسرائيل لن توفر مناسبة في ان تهدد وتمارس فيها العنف كما تمارسه اليوم في غزة والدول العربية، طالما انها تحوز على تغطية دولية وان العرب عاجزون عن الحصول على هذه التغطية فكل شيء منتظر.
* اين اصبحت شعارات الوالد صائب سلام ومنها لبنان واحد وليس لبنانين ولا غالب ولا مغلوب، هل ترى انه معمول بها اليوم ام انها اصبحت مجرد شعارات يتغنى بها السياسيون في بعض الاحيان؟
- هذه الشعارات أتت من عصارة تجارب من جهة وتلبية لمحطات معينة في تاريخ لبنان الحديث، وفعلت فعلها في وقتها وزمانها وكانت تنسجم كليًا مع طموحات اللبنانيين ومع مستقبل لبنان اذا كان يراد له ان يكون معافى ومزدهرًا وقويًا، وكلها شعارات تدعو الى الوحدة والقوة والمناعة، اما اليوم مع الاسف مع الاجواء المتردية والعجز المسيطر فنحن بعيدون كل البعد عن هذه الشعارات، ولكن تبقى صالحة لكل زمان وكل وقت لبلد مثل لبنان، ومنذ سنة شعار لا غالب ولا مغلوب تمت الاستعانة به بشكل مكثف، ونجح في الماضي وكان يجب ان ينجح هذه المرة ايضًا وتبقى هذه الشعارات لبنان واحد لا لبنانين ولبنان لا يقوم الا على توافق ابنائه، وكلها شعارات تنسجم مع حاجة لبنان اليها وستبقى هذه الحاجة كي يبقى لبنان ويستمر.
التعليقات