هل يمثل العماد سليمان لبنان في قمة دمشق؟
الأزمة الرئاسية في لبنان أصبحت عبئًا على جميع الأطراف

بلال خبيز من بيروت: يحاول حزب الله وحركة أمل، وهما الطرفان المعنيان مباشرة بأي حرب قد تشنها إسرائيل على لبنان، طمأنة اللبنانيين عمومًا، وأهل الجنوب خصوصًا، عن إستبعاد إحتمالات الحرب. ذلك أن التقارير الواردة من الجنوب اللبناني والبقاع الشمالي أظهرت حجمًا خطرًا من النزف اليومي الذي بدأت تعانيه هذه المناطق. حيث يستعد الجنوبيون والبقاعيون إلى تجنب ويلات الحرب المرجحة الحصول، بالحصول على التأشيرات من الدول المجاورة ومحاولة السكن في مناطق لبنانية يعتبرونها أكثر أمنًا. وهذا ما دفع بحركة امل إلى اصدار بيان تعتبر فيه أن الحديث عن إحتمال تجدد الحرب بين لبنان وإسرائيل هو حديث يقع معظمه في خانة التهويل، وإنبرى القيادي في حزب الله نواف الموسوي إلى التصريح بأن إحتمالات حصول الحرب في القريب العاجل باتت مستبعدة. هذا فضلاً عن تحليلات صحافية قريبة من حزب الله وحركة أمل، أخذت تفند الأسباب التي ترجح تأجيل هذه الحرب، بسبب أن إسرائيل لم تكمل إستعدادتها بعد، وأن خوفها من التعرض لهزيمة جديدة يجعلها تتريث كثيرًا قبل أن تعمد إلى إشعال حرب غير مضمونة النتائج.

في الانتظار، لا يرى اللبنانيون سببًا لتأجيل احتياطاتهم حيال الحرب، خصوصًا أن الاستعدادات العسكرية واللوجستية لدى حزب الله بلغت مدى غير مسبوق في الأيام الأخيرة. وفضلاً عن النزف اليومي الذي تتعرض له المناطق التي يغلب عليها السكن الشيعي في لبنان، ثمة النزف المتمادي في اوساط لبنانية اخرى، خصوصًا في أوساط الطائفة المارونية التي بات المسؤولون الروحيون عنها يحذرون من احتمال زوال امتيازاتها كافة في لبنان، خصوصًا في ظل الأزمة الرئاسية المستعصية على الحل منذ خريف العام 2007.

هذا الواقع المتأزم يلقي بثقله على حركة امل وحزب الله الشيعيين، ولا بد انه سيدفعهما في الأيام القليلة المقبلة إلى اتخاذ تدابير سياسية قد تكون مفاجئة. خصوصًا إذا ما اقترنت هذه الازمة الداخلية برغبة سورية أكيدة في تجنب تمثيل لبنان في القمة العربية من خلال رئيس الحكومة التي تطعن المعارضة المدعومة من سوريا بشرعيتها. وفي هذا السياق برز موقف لافت لجبهة العمل الوطني التي تضم شخصيات سياسية من quot;القوة الثالثةquot; يدعو إلى تمثيل لبنان في القمة من خلال قائد الجيش ميشال سليمان، بوصفه المرشح الوحيد لرئاسة الجمهورية والذي تجمع عليه القوى كافة، خارجيًا وداخليًا. مما يفتح الباب على مصراعيه امام سجال حاد حول تمثيل لبنان في قمة دمشق قد يعيد تعويم ترشيح سليمان داخليًا.

لهذه الأسباب لا يخفي بعض المسؤولين اللبنانيين تفاؤلهم بحصول اختراق ما في جلسة 25 آذار ndash; مارس، يتمثل بانتخاب الرئيس الذي سيمثل لبنان في القمة، مما يجعل البند اللبناني في القمة أقل البنود خلافية بسبب ضيق المسافة بين الإنتخاب والإنعقاد، وليس بسبب تلاشي الأزمات الداخلية والخارجية في لبنان وحوله.

على هذه الأرضية من الترجيحات والتقديرات، تنشط دبلوماسية اللحظات الأخيرة التي تقودها دولة قطر عربيًا والتي نجحت حتى الآن في إنتزاع إعلان سعودي بحضور القمة من دون تحديد مستوى التمثيل السعودي فيها، ونجحت من جهة ثانية في انتزاع موافقة سورية على تقبل حضور رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة قمة دمشق ممثلاً لبنان. لكن ما يفصلنا عن موعد القمة العربية قد يحفل بالكثير من المستجدات. إذ وعلى مسار آخر تنشط التحضيرات للقمة الإسلامية المزمع عقدها في دكار يوم غد، وتروج في لبنان معلومات تفيد ان الحكومة التي يرأسها فؤاد السنيورة طالبت بإدراج الملف اللبناني على جدول اعمال القمة، الأمر الذي استدعى خشية من تأثيرات هذا الملف الشائك على إمكانية نجاح القمة. لهذه الغاية نشّطت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دبلوماسية المطارات، حيث يجول وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي بين المطارات العربية عاقدًا اجتماعات سريعة مع المسؤولين العرب المعنيين بالملف اللبناني، في محاولة لإخراج تسوية ما تنقذ القمتين، الإسلامية والعربية، من الفشل الذريع.

في لبنان وحوله، كل المؤشرات تفيد أن الانتظار بات مستحيلاً. وأن الظروف باتت ناضجة للتنازلات الكبيرة، وإلا فإن المخرج من هذه المراوحة لن يكون اقل من انفجار سيحرق الاخضر واليابس، وحيث انه لم يعد ثمة عرق اخضر في لبنان، لتأكله النيران، فإن الأخضر الذي سيطاوله الحريق هذه المرة سيتجاوز الحدود اللبنانية نحو الجوار.