&
عرفات هزم في المعركة التي خاضها ضد إسرائيل في السنة الاخيرة، والشخص الذي هزمه ليس كافرا صهيونيا مثل ارييل شارون او شاؤول موفاز، وانما كان مسلما عربيا مثله تماما.. انه اسامة بن لادن. بشكل غير مباشر وجزئي تأكد الافتراض القائل ان الجيش النظامي سيجد صعوبة في مكافحة ظاهرة الارهاب، وان جيش ارهاب آخر هو الذي يستطيع ان يتغلب علي هذا الارهاب.
الجيل الجديد والشاب لا يحترم اساتذته ومعلميه. ساعة واحدة من الهجمات علي المدن الأميركية أفسدت علي عرفات سنة عمل كاملة في إسرائيل.
العقد الماضي منذ انتهاء الحرب الباردة أسدل الستار علي الحقيقة السياسية الدولية الاساسية: انها معركة دول قومية، فهي مؤطرة في أطر عامة (الامم المتحدة) واقليمية (الناتو، الاتحاد الاوروبي والاتحاد الآسيوي، والجامعة العربية) وغيرها. ويوجد لها برلمان (الجمعية العامة) وحكومة (مجلس الامن) والاعضاء الدائمون في هذه الحكومة هم بمثابة المجلس الوزاري المصغر. وهم يتعاملون بتسامح مع المنظمات غير الحكومة طالما لم تكن هذه المنظمات تشكل تهديدا عليها.
حتي الاسبوع الماضي اعتقد عرفات ان بامكانه ان يستفيد من العالمين في ان يحصل علي مكانة الدولة وان يواصل العمل كأنه منظمة غير حكومية عنيفة من دون مسؤولية وواجبات. عمليات السبعينيات والثمانينيات التي تمتع بها بدعم السوفييت مباشرة او من خلال المانيا الشرقية كانت أحد الوسائل القتالية في الصراع بين المعسكرين الدوليين، والذي جري ايضا بين جيوش نظامية (كوريا، فيتنام) وكان علي شفا اندلاع الحرب النووية. ذلك العنف تمتع برعاية رسمية وحتي من الدول العظمي وكان علي الغرب ان يخاطر بتصعيد شامل حتي يقوم باقتلاعه. الا انه اختفي اخيرا مع اختفاء السوفييت.
اطار العنف المتعدد الجنسيات القاعدة الذي يديره اسامة بن لادن، كان حتي الآونة الاخيرة مجرد ازعاج للأميركيين، ولكن عندما تحول هذا الازعاج الي كابوس في داخل البيت عدنا الي أسس عالم الحكومات وليس المنظمات، والحكومة تفرض سطوتها علي الموجودين في داخلها او تتحمل النتائج.
في المقياس المقلص هذا ما كان يريده جيش الدفاع في مواجهة التنظيمات الفلسطينية، الا ان رديف عرفات الدولي من المانحين المشجعين من الجانب ولاعبي التعزيز، قيد وحدد قوة التحرك الإسرائيلية، القيود كانت صعبة بشكل استثنائي ذلك لان عرفات حرك ضد إسرائيل وبوسائل مشابهة اجهزة رسمية (القوة 17) ومنظمة غير حكومية خاصة (فتح ـ التنظيم) الي جانب المنظمات التي تعتبر الارهاب عقيدة. وعمليتان كبيرتان، محلية وعالمية، أفشلتا مساعيه. الاولي حدثت في الاول من حزيران (يونيو) في الدولفينريوم في تل ابيب، اذ وجهت ضده ضغطا خارجيا، وأوضحت له ان صدور رد إسرائيلي شديد سيلقي التفهم، وعندها اضطر للموافقة علي وثيقة تينيت، الا انه تهرب منها مع زوال الضغط. والثانية كانت عملية نيويورك وواشنطن، عرفات والمسألة الفلسطينية تقلصا الي حجمهما الحقيقي، وقد اصبح لوسائلهما القتالية سابقة سلبية صارخة.
كولين باول كشف في يوم الاثنين امر المحادثة التي أجراها عمري شارون وآفي غيل مع عرفات، الا ان البشري الجوهرية كانت ان الاستعداد اللفظي لوقف اطلاق النار (مرة اخري) كثمن للقاء مع بيريس لم يكن كافيا. عرفات سيضطر ليس فقط الي عدم محاكاة حماس والجهاد وانما الي مقاتلتهما، واذا لم يتصرف كدولة فسيتعاملون معه كتنظيم ارهابي.
أمير أورن
(هآرتس) ـ 20/9/2001