&
القاهرة- إيلاف: تعيش المطربة أنغام هذه الأيام حالة خاصة جدا. فكل كلمة حب تصلها تحمل لها ألف معنى ومئات التفسيرات. تغيرت نظرتها للحياة وطريقة تعاملها معها. ويبدو أنها قد اعتادت العواصف وقسوة الأيام. فرغم سنها الصغيرة، إلا أنها مرت خلال هذه السنوات بتجارب قاسية، ليزداد عمق إحساسها بالألم، وتزداد مساحة الشجن في كلمات أغانيها،
ونبرات صوتها. وفي هذا الحوار تعترف أنغام بأنها تغيرت تماماً، وتريد أن تعيش حياتها بشكل جديد لأنها كانت تشعر بالضيق من نظرات الناس إليها وكلامهم عنها حتى ما يهمسون به لبعضهم البعض
تعترف بأنها جلست مع نفسها جلسات طويلة، تحدثت مع أنغام السابقة، وبحثت معها ملامح التغيير، وقامت بعملية تقييم كاملة لكل جزء فيها.. ثم تحدق في وجه ابنها عمر وتقول: "كنت أبحث عن عمري قبل أن يسرقوه مني".
في بداية الحوار معها كان طبيعياً أن نسألها عن تفاصيل انفصالها عن زوجها وهو الخبر الذي نشرته جميع الصحف وأصبح معروفا للجميع، إلا أنها طلبت منا ألا نتحدث في هذا الموضوع إذا كنا نحب أنغام، طلبت منا أن نترك لها هذه المساحة الخاصة، والتي لا تريد الحديث عنها، وقالت: إن الجمهور الذي يحب أنغام سوف يحترم رغبتي في عدم الكلام في هذه التفاصيل.
لماذا خرجت عن شكلك المعتاد في الغناء في ألبومك الأخير؟
فقالت: أنا أيضا تغيرت، فأنغام التي تجلس أمامك الآن تختلف تماما عن أنغام التي قابلتها من قبل.. تغيرت رؤيتي لنفسي وللحياة.. أصبحت أحاول التقرب من الذوق العام ومن سني الحقيقية.. أريد أن أعيش حياتي وشبابي، وأن استثمر هذه المرحلة من عمري بشكل جيد ومناسب قبل فوات الأوان، لا أريد أن أكتشف فجأة أنني كبرت في السن ولم أعش هذه المرحلة بكل تفاصيلها.
لماذا تقولين هذا الكلام؟!
لأنني أمينة مع نفسي، فقد كنت أظهر في صورة أكبر من سني الحقيقية وكان الناس ينظرون لي علي أنني سيدة كبيرة في السن، وكنت أشعر بذلك من كلامهم ونظراتهم.. حتى همساتهم.. وساعتها كنت أشعر بالضيق الشديد.ولكن الجمهور كان مقتنعا بك
وبصدقك دون تغييرات؟!
بابتسامة رقيقة قالت: هذه نعمة من الله عز وجل وقد يكون السبب أنني ظهرت صغيرة وتربيت أمام الناس وبين أيديهم ونضجت أمامهم.. وهذا الحب يفرض عليٌ أن أشكر الله طوال الوقت لأنها نعمة.
تحرصين على تجنب الأغنية الخفيفة، فهل تقدمين هذا الأسلوب عن قناعة أم لمجرد الاختلاف؟
عن قناعة شديدة.. وأذكر أن البعض طلب مني أن أقدم فن 'هايف' حتي يعجب الناس إلا أنني رفضت.. لأنني لا يمكن أن أقدم أغنية بهذه المواصفات وأفضل في هذه الحالة الاعتزال فأنا عاشقة للموسيقي واحترمها جدا.. كما انني أرفض تماما ما يقال بأن الجمهور يبحث عن التافه فهذا كلام غير صحيح ولدي ثقة كبيرة في هذا الجمهور الذي يبحث دائما عن الفن المحترم.. هذا الجمهور فاهم وقادر علي التمييز واختيار الجيد ووضع كل فنان في مستواه الحقيقي.
من هي المطربة التي يمكن ان تحتل القمة بذكائها وموهبتها؟
المعادلة هنا صعبة للغاية.. فهناك فنانة ذكية لكنها غير موهوبة وهناك فنانة موهوبة لكنها غير ذكية. معادلة صعبة تحتاج دراسة متأنية.. وان كنت اري ان الفنان عندنا 'غلبان' لانه مطالب بأن يفعل كل شيء بنفسه.. عكس الفنان في الخارج الذي تتابعه مؤسسة ضخمة تخطط له وترسم له المستقبل وتساعده علي التقدم والنجاح.. أما عندنا في الوطن العربي فالفنان يجب ان يكون صاحب "سبع صنايع".. والمطربة عندنا مطلوب منها ان تكون أما ومسئولة عن اسرة بالإضافة لكونها نجمة مشهورة.. ومن الطبيعي ان يفشل البعض في التوفيق بين كل هذه الامور.

حتى الآن لم تجيبي عن سؤالي الخاص بالمطربة التي تحتل القمة؟
لا يمكن معرفة من ستتربع علي القمة ومن تتراجع فالمعادلة صعبة وتحتاج حل.. 'يوم تحت ويوم فوق' مثل لعبة الكراسي الموسيقية.. وعلي فكرة هناك فنانون ذوو موهبة بسيطة ولكن خلفهم أموال تصرف عليهم وطبعا الناس هنا لا تري فنا بل تري أموالا!!
ملامحك المليئة بالشجن هل هي احد عوامل نجاحك؟
لا اعرف.. وان كنت اري انني اشبه كل الناس.. وكل المصريين.. وعندما تقابلني إحدى الفتيات تقول لي انني اشبه والدتها واخري تقول لي انت شبه اختي او بنتي او ابنة عمي وهكذا
أيهما اكثر مساحة بداخلك الشجن ام الفرح؟
الفرح عندي أوقاته قليلة جدا.. لأنني تعودت دائما علي الحزن.. حتى عندما اشعر بسعادة شديدة تكون سعادتي هذه داخلية.. "عارف ليه لأني بخاف احسد نفسي".
هل ترين ان الغناء يتطلب قدرا من التمثيل لتوصيل الأحاسيس والمشاعر؟
نعم هذا مطلوب وان كنت اري ان هناك فارقا بسيطا جدا بين التمثيل والاداء لان الناس لو شعرت ان المطرب يمثل علي المسرح سترفض اغانيه.. والامر يحتاج لشيء من الاداء التعبيري المغلف بالاحساس وان ما يقدمه المطرب 'واجع حته فيه' وبالتالي فهو يعيش الحالة بكاملها وهذا يتطلب جهدا كبيرا وغير عادي.
هل تصدق انني عندما انتهي من فقرتي الغنائية وادخل غرفتي اشعر انني 'متكسرة' وان جسدي مرهق للغاية.. معاناة نفسية وجسدية يعيشها المطرب من أجل توصيل العمل للناس بسهولة.
هل جمهورك له سمات خاصة؟
&طبعا.. ومن أهم هذه السمات أنه يحب أنغام.
ثقافتك كمطربة هل يمكنك إبرازها أثناء الاداء؟
&هذا شيء مطلوب لكن هذا التوصيل يجب ان يتم بأسلوب بسيط بعيدا عن الفذلكة.
ولماذا يقال أن أنغام تقدم للناس فنا من وجهة نظر خاصة بها بعيدة عن الجمهور؟
&باندفاع واضح قالت: هذا غير صحيح ومن يردد هذه المقولة يتحدث عن نوع آخر من الفن لن
أقدمه.. وقد تكون عندي وجهة نظر أحاول تقديمها للناس وهذا شيء مطلوب من الفنان.. نعم لدي وجهة نظر لكنها ليست بعيدة عن الناس الذين صدقوني وتجاوبوا معي. أعترف ان جزءا كبيرا من أعمالي الغنائية ينبع من ذوقي الخاص وستجده قريبا من أنغام الانسانة والفنانة والدليل تقبل الناس لما أقدمه من فن.. فلا يعقل أن أظهر للناس في صورة فتاة هندية أو "خواجاية".. هنا لن يتقبلوني ولا أنكر أنني أحاول الاستعانة ببعض الثقافات كما فعلت في ألبومي الأخير الذي حمل الكثير من التطور والرشاقة بحيث تجد الجمل الشرقية العربية متجانسة مع التوزيع الغربي وكل هذا يتم من خلال تنفيذ 'شيك'.. وأعترف أنني كنت حريصة علي تقديم هذا الأسلوب لأنه الأسلوب الذي يبحث عنه الشباب وهذا حقهم.
ابنك عمر ألم يحرك بداخلك حالة فنية غنائية تتحمسين لتقديمها؟
&ابني عمر هو الذي يدفعني للحياة وهو القادر علي جعلي أتحمل كل شيء.. حتي ان أعمالي الغنائية التي أقدمها يدفعني احساسي بوجود عمر لتقديمها.. وهو يبلغ الآن أربعة أعوام إلا أنه يتحدث بأسلوب أكبر من سنه وهذا هو أسلوب كل الاطفال. لذلك تجدنا نعيش حالة من الحيرة.. فماذا سنقدم لهذا الجيل من أغان للاطفال. وللعلم فهو يحب كل أعمالي الغنائية التي أقدمها ويغني دائما "بتحبها والا" ومن ألبومي الجديد أغنية "ليه سبتها".

هل يشعر ان الغناء أخذك منه؟
هذا صحيح لانه يشعر بغيرة شديدة من الفن والغناء لانه يأخذني منه.
وفجأة ينادي 'عمر' علي والدته أنغام ويقول لها بلهجة رجل كبير.. 'قدامك كتير'.
وتنفجر أنغام ضاحكة وهي تقول: أحيانا يكون عندي تسجيل في الاستديو وأفاجأ به يطلب مني عدم الغناء وعندما أخبره انني ذاهبة الي الاستديو لتسجيل اغنية أجده يقف أمام باب المنزل رافضا خروجي ويقول لي 'أنا مش عاوزك تغني'.. هذه التصرفات تؤكد لي ان عمر بدأ يشعر بأن الفن يأخذني منه ويشغلني عنه.. فارتباطي به قوي للغاية وعلاقتي به علاقة غرام لاتوصف.
وماذا يحدث عندما تسافرين للخارج؟
عندما أتحدث معه في التليفون يكلمني بعصبية شديدة ويظل يلومني بعنف وفجأة يضع سماعة التليفون وينهي المكالمة.. وعندما أحاول الاتصال به من جديد يرفض التحدث معي.. وعند عودتي يظهر سعادة مؤقتة يشاهد خلالها اللعب الجديدة التي اشتريتها له وبعد دقائق قليلة تبدأ عملية العتاب ويظل يتحدث معي بعنف وعصبية شديدة فهو طفل عصبي للغاية وعن نفسي أعترف ان أكثر شيء يولمني اثناء سفري هو إبتعادي عنه فأنا مرتبطة به جدا ولا أحب أن تضيع لحظة دون رؤيته.. أحب الاستمتاع به باستمرار.