وفاة القصيمي
& يذكر المحامي إبراهيم عبدالرحمن أن العشر سنوات الأخيرة من حياته، بدأ يواجه بعضاً من المتاعب الصحية، وبدأت تظهر عليه آثار السنين، ويقول السفير حسن السحولي أنه بعد فقده لزوجته ساءت أحواله الصحية، وقد رفض الاستعانة بخادمة أو ممرضة بعد رحيل زوجته، تقديراً لها ووفاء منه، ويضيف السحولي أن القصيمي بكى بكاءً مراً على زوجته، وقال الدكتور فيصل القصيمي أن والده في السنتين الأخيرتين بدأ يشتكى من التهاب في الرئة على الرغم من أنه لا يدخن
الراحل القصيمي
طلاقاً، وقد دخل المستشفى عدة مرات، ثم ذهب للعلاج في أمريكيا على نفقة الأمير طلال بن عبدالعزيز، وفقاً لرواية المحامي إبراهيم، ثم عاد وأدخل مستشفى فلسطين في مصر الجديدة، بتاريخ 12/12/1995، وفقاً لما ذكرته لـ"إيلاف" السيدة آمال عثمان، المسؤولة الإدارية في القسم الخاص بكبار السن في مستشفى فلسطين.
مستشفى فلسطين في القاهرة
وفي اليوم التاسع من شهر كانون الثاني/ يناير من عام 1996 اسلم الروح لبارئها، بعد رحلة طويلة من الجهد والبحث والمنازلات الفكرية، شكل القصيمي خلالها ظاهرة من أهم الظواهر الفكرية في عالمنا العربي، لا تزال كثير من التساؤلات حولها مجهولة الإجابة، فربما حمل القصيمي معه أسرار كثيرة، قد نحتاج إلى وقت طويل لفك طلاسمها ومعرفة كنهها، وعلى الرغم من أن القصيمي وصف قومه العرب بأنهم ظاهرة صوتية، فإن هذا الصوت خفت ولم يرثه أحد!! سوى صديقه إبراهيم عبدالرحمن الذي نشر خبر نعيه في صحيفة" الأهرام" المصرية إضافةً إلى بعض أخبار النعي التي كتبت في صحف عربية كالشرق الأوسط وغيرها، وهي أخبار لا تتناسب وقامة هذا الرجل الذي ظل لعقود ستة مشغلاً للرأي الثقافي العربي، ما بين مؤيد ومعارض! .

جامع رابعة الدوية
يقول المحامي إبراهيم عبدالرحمن: في يوم وفاته وزعت السفارة السعودية بياناً على الصحف المصرية، نشرته بعض الصحف المهمة، كما قامت السفارة بعمل إجراءات الدفن وأمنت سيارة لنقله من المستشفى إلى الجامع والمقبرة، وعرضت السفارة السعودية على أبنائه، وفقاً لرواية المحامي، نقله إلى السعودية لدفنه هناك، إلا أنه أوصى أن يدفن إلى جوار زوجته في مقابر باب الوزير، وقد شيعت الجنازة من جامع رابعة العدوية في مصر الجديدة ووريت الثرى، رحم الله القصيمي وتجاوز عنا وعنه.
أولاد القصيمي :
تزوج القصيمي من السيدة فاطمة علي محمود، وذلك في الثلاثينات الميلادية، كما يذكر الدكتور فيصل القصيمي، وأنجبا أربعة من الأولاد، هم :
1- الدكتور محمد بن عبدالله القصيمي، درس الطب في انجلترا، وتخرج من الكلية الملكية للأمراض الباطنية، وعمل عميداً لكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، وهو أستشاري الأمراض الباطنة والصدرية.
2- الدكتور فيصل القصيمي، هو الآخر درس الطب في انجلترا، في الكلية نفسها التي درس بها أخوه محمد، وهو ألان استشاري الأمراض الباطنة والصدرية.
3- السيدة عفاف القصيمي، زوجة الأستاذ محمد أنعم غالب، وزير الاقتصاد اليمني سابقاً، وسفير اليمن في كوريا.
4- السيدة ليلى القصيمي، زوجة الدكتور وسيم النشاصي(طبيب أردني).
&&&&&&&&&&
الإرث الفكري ومكتبة المفكر القصيمي:
تشكّل لدى المفكر عبدالله القصيمي من خلال رحلته الطويلة في البحث والتأمل والقراءة والكتابة، مكتبةً ضخمة حوت المئات من الكتب المتخصصة في كافة المجالات، وقد آلت مكتبته بعد رحيله إلى مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، وهي المكتبة القومية السعودية، واحد أبرز المعالم الثقافية بالسعودية.
أما عن كتب الشيخ القصيمي، فقد لاحظت " إيلاف"& حركة طرح ناشطة لإعادة طباعة كتبه في بيروت وألمانيا!، وقد سألت" إيلاف" المحامي إبراهيم عبدالرحمن فيما إذا كان الشيخ عبدالله القصيمي قد منح أحداً حقوق نشر كتبه بعد وفاته، فقال: أن الشيخ عبدالله لم يمنح أحداً حقوق النشر،إلا أنه وكأنه قد أهدى هذه الحقوق إلى رفيق دربه وصديقه الأستاذ قدري قلعجي، لما له من افضال عليه، وقد كان هدف القصيمي هو النشر، أما ما يترتب على ذلك من حقوق فلم يكن يفكر فيه، والعلاقة فيما بين القصيمي وقدري أكبر من أن يطالب أحدهما الآخر، ولكن لم يكن هناك اتفاق، بل هو إهداء شفهي، لا أقل ولا أكثر، أما ما يحدث اليوم فشيء يؤسف له، ويضيف المحامي إبراهيم قائلاً : أن الأستاذ خالد المعالي، صاحب دار منشورات الجمل في ألمانيا، قد اتصل بي وقال لي أنني نشرت بعض كتب الشيخ لأني لا اعرف من هو صاحب حقوق النشر، وقلتُ له: أنهم أبناؤه وأعطيته أرقام هواتفهم في السعودية، والذي أعلمه أن الأستاذ خالد هاتفهم ونسق معهم بهذا الخصوص، وقد ذكر الدكتور فيصل لـ" إيلاف" أن الأستاذ خالد المعالي قد أتصل بهم، يريد أن يأخذ الموافقة منهم في النشر، لكنه في نفس الوقت وجد أن دور النشر في بيروت قد نشرت وأعادت طباعة بعض كتب الشيخ، فنشر، وكل الذي يعنينا والكلام للدكتور فيصل، أن تنشر كتب الشيخ وان تطبع طباعة قيمة جيدة .
&
القصيمي في سيرة الجنابي
الشاعر العراقي المقيم في باريس عبد القادر الجنابي، يكتب في سيرته الذاتية "تربية الجنابي" عن المفكر الراحل القصيمي قائلا:
إثر كلّ اجتماع، إثر كلّ فيلمٍ نشاهدُهُ، إثر كلّ كتابٍ نقرأه أو نصتفَّحه، كان عِرقُ التساؤل ذاتُهُ ينبُضُ في السرّة. وليس ثمّة أفضل من عبداللّه القُصيمي في طرح هذا التساؤل الذي لا أزال أستصرِخُهُ إلى اليوم: "متى يوجد فينا هؤلاء الخوارج المتّحدّون المبارزون المعاقبون لنا؟ متى يوجد فينا كُتّاب، بل متى يوجد فينا كاتبٌ واحدٌ يشعر أنّه يجب أن يقول فينا وعنّا مثلما يقول هؤلاء الكتّاب اليهود والإنكليز والأميركيون والروس وغيرهم في قومهم وفي آبائهم، وفي قبورهم ومعابدهم؟ متى يوجد فينا كاتبٌ واحدٌ يشعر أنّه يجب أن يقول مثل ذلك، ثم يجسر على قوله، ثم نسمح له نحن بقوله له، بل نُحَرّضُهُ بكّل أساليب التحريض على قوله؟... يجب أن يوجد فينا هؤلاء المفترسون، أن يجيئوا إلينا بقوّةٍ ووحشيّةٍ، أن يجيئوا إلينا قساة متوحّشين، وإذا لم يجيئوا وجب أن ندعوَهُم إلى المجيء، أن نخلقَهُم، أن نستعيرَهُم إذا لم نستطِع أن نخلقَهُم كما نستعير من الآخرين أشياءهم الأخرى".
"تربية عبدالقادر الجنابي" دار الجديد،& بيروت 1995، صفحة: 103-104
&