&
ايلاف-لندن: يحل عاهل المغربي العلوي الملك محمد السادس اليوم ضيفا على ابن عمه عاهل الاردن الهاشمي في اول لقاء رسمي في "الحال البروتوكولي" منذ تولي كلا الملكين عرش بلديهما المغربي والمشرقي قبل سنوات ثلاث من بعد ان ادى الوالدان الحسين والحسن الثاني قسطهما للعلا "وناما مستريحان في رحلة ابدية" ، وكأنها مصادفة في التاريخ والجغرافيا وتوقيت الزمن.
الاردن الهاشمي في عهده الجديد استعد منذ شهور لزيارة الملك العلوي الجديد، وكلا العهدين عازم على بناء علاقات لا تأخذ من ماضي "الصراع" الا ايجابياته في حالين متفردتين سياسة وتاريخا.
لم يزر عاصمة الهاشميين عمان في المشرق العربي أي عاهل مغربي منذ استقلالها في عهد الراحل محمد الخامس مرورا بالراحل الحسن الثاني، وكذا الحال كان اردنيا، فلا زيارة رسمية سجلت لعاهل هاشمي الى بلد تحكمه عائلة من ابناء العمومة العلوية والعكس صحيح الا اذا كانت عمان او الرباط تستضيف لقاء عربيا.
واذ العلاقات بين عائلتي الحكم تبدو مرنة وطبيعية، فان مجريات الامور تشير الى عكس ذلك، فالعائلتان المدعيتان الانتساب الى النبي العربي محمد من خلال بناته الكريمات وتحديدا فاطمة الزهراء اختلفتا في حال من سيمثل من؟ ومن سيرث من؟.
وهذا الجدال والخلاف قاد الى قطيعة يعرفها الطرفان الملكيان في عاصميتهما اللتين ظلتا تنتظر قرار ملكيا في اعادة حاسمة من جانب صاحبي القرار في الرباط وعمان.
الخلاف بين عائلتي الحكم في عمان والرباط له جذور تاريخية لا حصر لها لجهة الانتماء لصاحب الرسالة الأكبر وهو لا ولد له سوى فاطمة الزهراء زوج علي الخليفة الثالث في العصر الاسلامي الاول.
ومع هذه الخلفية في علاقات العائلتين، حيث تقاطعتا سياسيا لمرات عديدة في شأن مشكلة الشرق الاوسط واساليب حلها، فان العاهل العلوي المغربي الآن هو ضيف العاهل الهاشمي والغريب ان الزيارة ستمتد الى خمسة ايام وهذا الرقم يفوق ايام أي زيارة رسمية لأي زعيم في العالم الى أي بلد كان.
واذ للاردن معركته الخاصة في شأن فلسطين وهو ظل محافظا على رعايته للاماكن المقدسة هناك اسلاميا ومسيحيا ،فانه احس بالخطر الداهم من ابناء العمومة في السبعينيات حين تبنى العاهل المغربي الراحل الثاني مسألة القدس، واصبح الملك الراحل رئيسا للجنة القدس بدعم عربي واسلامي عريض، وهذه الرئاسة انتقلت الى الوريث محمد السادس.
كان من يحكم الاردن من الملوك الهاشميين يعتبر نفسه الحاكم الشرعي لما تبقى من ارض فلسطين وهي الاماكن الدينية المقدسة، وهو فعلا مارس عمليا هذا الدور ماليا وسياسيا ودينيا، فيما "الخصم المغربي العلوي" يمارس دورا اعلاميا لا اكثر من ذلك من خلال رئاسة لجنة القدس التي لم تنجح الى الآن من بعد تشكيلها بثلاثة عقود في تاكيد اسلامية او عروبية القدس سواء بسواء.
المغرب لها هويتها السياسية المرموقة على صعد سياسية عالمية، وهي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني حققت الاتفاق المصري الاسرائيلي السلمي الذي قاد الى اتفاقية كامب ديفيد.وهي انجزت مقولة ان لا حوار بين والغرب والشرق من دون احترام كل طرف للآخر في سياق الحالة النهضوية الانسانية.
هذه المغرب تتعامل مع المعطيات واقعيا خلاف ما هو معمول به في الشرق العربي الذي لا يريد ان يستمع الى ذلك.
الآن، هنالك تغيير كبير في الاستراتيجيات والمواقف مع فرض نظام العولمة الجديد اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
فهل الرباط تتجه شرقا نحو بلدان القرار كالسعودية والاردن متابعة دورا يمكن ان ينتهي قريبا ويضمحل مع كل التداعيات القائمة؟، ام انه بناء جديد لهذا الدور الفاعل بعيدا عن "المناورات السياسية التي مورست في عهد ملكي سابق؟".
الملك الاردني زار الدار البيضاء في طريقه الى واشنطن والتقى ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبد العزيز هناك، لكنه لم يلتق العاهل المغربي الذي كان يستعد لزيارة واشنطن.
ولي العهد السعودي صاحب مبادرة السلام العربية عقد قمة مع الرئيس الاميركي في تكساس، وقبله وزار الملك المغربي الولايات المتحدة، وكذا حال الملك الاردني، والمثير انه في مجمل التقارير والاخبار فان ملكي المغرب والاردن لم يلتقيا الى اللحظة؟.
والسؤال الذي يفرض نفسه من مجمل الجفاء بين الملكين هو لماذا؟.
يبدو ان زيارة رسمية تمتد الى خمسة من الايام لعاهل المغرب لعاصمة ابناء العمومة الهاشميين ستنجز قرارات مهمة ليس لصالح التفاهم واعادة اللحمة العائلية في "التناقض الهاشمي العلوي وتراث العائلتين" بل لقضايا اكثر اهمية وحساسية.
وأخيرا، فانه خلافا لمقولة المثل الشعبي العربي "لا تأكلوا الحصرم اولادكم يضرسون" فان محمد السادس ومعه عبدالله الثاني من المغرب الى المشرق عازمان على صوغ توجه عربي اسلامي جديد مدعوما بشقيقين كبيرين هما شرقا الرياض وغربا القاهرة.