&
عجبا لبعض الحكومات العربية التي ترى بأن بناء كازينوهات وأندية ليلية عامل أساسي لانعاش اقتصادها وتقويته. ويزداد العجب إذا علمنا بأن هذه الحكومات تعاني من الضعف الاقتصادي المزمن وعدم الاستقرار السياسي. مثل ما فعلت السلطة الفلسطينية عندما أنشأت كازينو أريحا كأكبر كازينو في الشرق الأوسط بزعم انه يدعم الاقتصاد الوطني الفلسطيني ويقوي القضية أمام الاحتلال الإسرائيلي كما انه يوفر فرص عمل للشباب الفلسطيني العاطل عن العمل. ولحقها الآن الأردن الذي وافقت حكومته من حيث المبدأ القانوني بجواز بناء كازينو في خليج العقبة لإنعاش اقتصاد الأردن المريض. فكما هو معلوم بأن المملكة الأردنية الهاشمية نشأت على أرض جرداء ليس فيها أي مقومات اقتصادية تذكر. وانها عاشت وما زالت مستمرة في البقاء بفضل المساعدات المالية البريطانية والأمريكية والعربية بالإضافة إلى التحويلات البنكية للعاملين في الخارج لا سيما في دول الخليج العربي. ومنذ إعلان قيام المملكة الأردنية الهاشمية إلى اليوم وهي تعاني من عدة مشكلات وتعرضت لعدة نكبات سياسية واقتصادية أولى هذه المشكلات المشكلة الفلسطينية. فبعد اجتياح القوات الاسرائيلية للضفة الغربية وانتزاعها عام 1967 من السيادة الأردنية عملت الحكومة الاسرائيلية على تهجير آلاف الأسر الفلسطينية من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية فترتب على ذلك مشاكل أمنية واقتصادية أسفرت عن ركود اقتصادي أردني كما أسفرت عن أحداث أيلول الأسود عام 1970 باصطدام الجيش الأردني مع الفصائل الفلسطينية المسلحة التي حاولت الانقلاب على الملك حسين فعمل هذا الأخير على تصفيتها وابعاد من تبقى منها من الأردن. وفي عام 1994 عانت الأردن من عدة مظاهرات وأحداث شغب في محافظة الكرك والقرى المحيطة بها أطلقت عليها (مظاهرات الخبز) جاءت نتيجة إعلان الحكومة الأردنية رفع سعر الطحين وبعض المواد الغذائية الأساسية في محاولة لإنعاش الوضع الاقتصادي المتردي بسبب عزلتها التي تعاني منه منذ عام 1990 عندما أيدت النظام العراقي في احتلاله دولة الكويت. فخسرت بسبب تأييدها الكثير من المساعدات المالية التي كانت تتلقاها من الخارج كما خسرت التحويلات البنكية التي يرسلها العاملون في الكويت ودول الخليج العربي إلى أسرهم في الأردن. كما عانت أيضا الأردن من التوترات السياسية الداخلية باصطدامها مع الأحزاب الإسلامية ومنها حزب الاخوان المسلمين الذي سمح بتأسيسه الملك عبدالله الأول عام 1946 على أساس انه عبارة عن جماعة دينية لا تحظى باهتمامات سياسية. غير ان الحزب سعى ونجح في الحصول على تمثيل دائم في المجالس التشريعية كما حصل على كراسي وزارية عام .1991 إلا أنه قاطع الانتخابات النيابية عام 1997 وتحولت جماعته إلى قوة معارضة بشدة من معاقل أخرى أبرزها النقابات المهنية والجمعيات الخيرية والبلديات واتحادات الطلاب في الجامعات. أما في الوقت الحاضر وبعد استلام جيل جديد شاب للملك في الأردن حاولت الحكومة الأردنية العمل على إيجاد تمويل اقتصادي ذاتي يغنيها أو على الأقل يقلل من اعتمادها على المساعدات الخارجية فاتجهت إلى تنشيط السياحة. غير ان موقعها الجغرافي القريب من بؤرة الصراع العربي الاسرائيلي لم يحقق لها ما كانت تطمح إليه من تدفق للسياح العرب والأجانب. ولهذا جاءت فكرة إنشاء كازينو ونواد ليلية في خليج العقبة كعامل جذب للسياح. ويكون بديلا عن كازينو أريحا المغلق منذ أن بدأت انتفاضة الأقصى مجازفة بذلك بعلاقتها المتوترة مع الأحزاب الإسلامية المعارضة التي ترى بأن تحريم القمار مسألة شرعية محسومة من الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ولا يجوز إخضاعها لميزان المكاسب السياسية. وحتى تصدر الحكومة الأردنية قرارها بالأخذ بالفتوى القانونية بالسماح ببناء الكازينو نهمس في أذنها بأن رفع الاقتصاد لا يأتي ببناء الكازينو وإلا لرأيت الدول الشيوعية السابقة التي تعج بالكازينوهات والنوادي الليلة من أغنى الدول وأقواها اقتصاديا وليس كما هو وضعها الحالي المزري ولكن تقوية الاقتصاد تبدأ من هرم السلطة أولا بتشجيع الاستثمار الأجنبي والعربي خاصة. ووضع استراتيجية جديدة للصناعة والزراعة وتشجيع الشباب الأردني على الإبداع والاعتماد على المنتجات الوطنية وتطويرها. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه). فاتركوا عنكم فكرة بناء الكازينو لأنه بصراحة تنفيس للاسرائيليين المحبين للمقامرة بعد أن أغلق كازينو أريحا