القاهرة ـ ايلاف: في تطور يتوقع أن يكون بداية حملة جديدة يشنها المتشددون سواء داخل مؤسسة الأزهر، أو من جماعات الإسلام السياسي في مصر وخارجها على الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الازهر، الذي أصدر قراراً بتعيين الشيخ ابراهيم القرشي رئيساً للجنة الفتاوى في الأزهر بدلاً من الشيخ علي ابو الحسن، وذلك على خلفية إطلاق الأخير فتوى منفردة قال فيها "بوجوب قتال القوات الاميركية اذا دخلت العراق، وأن دماء الجنود الاميركيين والبريطانيين تعد في هذه الحالة مباحة"، كما نادى المسلمين "أن ينفروا للجهاد وطلب الاستشهاد"، في حال اندلاع الحرب بالعراق.
من جهة أخرى يبدأ شيخ الأزهر زيارة قريباً إلى الولايات المتحدة، على رأس وفد من علماء الأزهر يلتقي خلالها عدداً من النشطاء الإسلاميين والمسيحيين هناك، فضلاً عن استقبال بعض كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية لوفد المؤسسة الإسلامية الأعرق في العالم الإسلامي.
وكان معهد البحوث الاسلامية التابع للازهر قد أصدر خلال اجتماع رأسه شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي، فتوى تحرم وصف اليهود الحاليين بانهم "أبناء القردة والخنازير"، كما دأب بعض خطباء المساجد والمشايخ على وصفهم.
وأضاف المصدر ان طلب الراي من المعهد في هذه المسالة جاء بناء على طلب استفتاء تقدمت به السفارة المصرية في واشنطن بعد أن تلقت احتجاجات من مواطنين أميركيين على تعبير (أبناء القردة والخنازير) الذي يستخدم في وصف اليهود بالخطب التي يلقيها بعض الوعاظ" المسلمين.
وشيخ الأزهر المقاتل دائماً، لم يتردد في ادانة الإرهاب والعدوان على الابرياء، حتى قبل أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، إذ أدان قيام حركة "طالبان" المخلوعة عن حكم أفغانستان بتدمير تماثيل بوذا، وأدان تفجيرات حدثت في مصر وخارجها، ودعا فور وقوع تلك التفجيرات إلى عقد عدة مؤتمرات صحفية عالمية لادانة الارهاب، واعتبرت مقولاته في هذا السياق مأثورات توزعها سفارات أميركا وبريطانيا وغيرهما على كل مسلمي العالم، بوصفها الرؤية الإسلامية الصحيحة في مواجهة تحرض منظمات الإرهاب مثل القاعدة، وغيرها من جماعات الإسلام السياسي.
المطرقة والسندان
وقد أثار الشيخ طنطاوي منذ توليه هذا المنصب عام 1996 غضب قطاعات عريضة، إذ وجد الرجل نفسه بين شقي رحى، بين معارضة رجال الدين المتشددين الذين يريدون منه ان يؤكد استقلاله عن سياسة الحكومة, إضافة إلى غضب الليبراليين الذين يتهمونه بعدم الوقوف في وجه رجال الدين المتشددين.
ولم يحظ طنطاوي قط برضا جماعات الإسلام السياسي، ولا الحرس القديم من علماء الدين الذين كانوا معجبين بشيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق لمواقفه المحافظة، والتي اتسمت بالكثير من التشدد،&حيث عارض عمليات نقل الاعضاء وتنظيم الأسرة وفائدة البنوك رغم تباين هذه المواقف مع الاتجاهات الحكومية الرسمية.
اما طنطاوي الذي كان آنذاك مفتي الديار المصرية فايدها جميعا كذلك أيد جاد الحق ختان الاناث في حين عارضه طنطاوي، وبسبب هذه المواقف رحب الليبراليون في مصر بتعيين طنطاوي شيخا للازهر بعد وفاة الشيخ جاد الحق ولكنه سعى بعد توليه المنصب لاسترضاء معارضيه من علماء الازهر المحافظين، بتصريحات بدت متباينة بعض الشئ مع مواقفه السابقة في مسائل مثل ختان الاناث.
وجعلته مثل هذه التصرفات يخسر تأييد المحافظين والليبراليين على السواء. واشتد الخلاف بين طنطاوي ومعارضيه بعد ان اجتمع في خطوة غير مسبوقة مع سفير اسرائيل بالقاهرة، وكبير حاخامات اسرائيل عام 1997.
وصرح حينئذ السكرتير الصحفى للأزهر إن "فضيلة الإمام الأكبر قابل السفير الإسرائيلي"، وأضاف قائلا أن الأزهر ليس مؤسسة دبلوماسية تعترف أو تنكر فليس ذلك من شأن الأزهر ولكن الأزهر كان ولا يزال وسوف يبقى ان شاء الله مؤسسة دعوة يقوم رجالها خلف شيخهم يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله.
وألغى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1961 شغل منصب شيخ الازهر بالانتخاب بين علماء الازهر وجعل تعيينه بقرار جمهوري. وانشيء الجامع الازهر قبل الف عام في عهد الفاطميين الشيعة لكنه اصبح بعد ذلك اهم مؤسسة دينية سنية، ويدرس في جامعته طلبة مسلمون من جميع انحاء العالم الاسلامي من روسيا الى اندونيسيا، واصدر طنطاوي صحيفة اسبوعية باسم (الشروق، صوت الازهر)، لكن هذه الصحيفة اثارت انتقادات المتشددين الذين ينظرون اليها على انها جزء من خطة طنطاوي لتحويل الازهر الى مرآة لسياسات الحكومة.