طارمية - تقع مدينة طارمية على بعد عشرة كيلومترات من بغداد في مواجهة بلدة جديدة، يفصل بينهما نهر دجلة ولا يجمعهما شيء: فالاولى سنية تنتشر فيها المنازل الفخمة، والثانية شيعية تنوء تحت ثقل الفقر والبؤس.
لدى سقوط نظام صدام حسين، اجتاح الخوف سكان طارمية الاثرياء اذ كانوا يخشون ان يجتاز الشيعة النهر ويحتلوا قريتهم عن طريق الاستيلاء على المباني التي اخلاها حزب البعث والنظام السابق. وذات يوم انهار الجسر الحديدي الذي يصل بين المنطقتين نتيجة شحنة ناسفة قوية من الديناميت، مما جعل التنقل بالسيارات بينهما امرا عسيرا.
ولا تزال هناك حفرة كبيرة باتساع مترين في وسط الجسر من الصعب جدا عبورها من دون الحاق ضرر بالسيارة. في الجانب الشيعي، لم ينس السكان بعد الاذلال والحرمان. ويقول امام جديدة جبار المعموري "لم تحصل مدينتنا على شيء. صدام حسين كان يحلم باحياء مجد الماضي وكان يبني القصور التي تخلد اجداده، الا انه لم يهتم بالناس الاحياء".
ويضيف "لقد صرف اموال الشعب من اجل اثراء الاشخاص المحيطين به ولم يفعل شيئا لخير الشعب". وكان محظرا على جبار المعموري ان يخطب في هذه المدينة الشيعية المهمشة خلال عهد صدام حسين. ويقطن جديدة 15 الف شخص وتحتل موقعا مثاليا وسط بساتين النخيل المطلة على دجلة. الا انها دفعت ثمنا غاليا خلال حكم النظام السابق: الاف النازحين واعدام 48 شخصا من سكانها وسجن اكثر من 300 آخرين بمن فيهم نساء، الى جانب عدد من السكان انتهوا في مقابر جماعية.
وكان الشيعة بشكل عام مهمشين في عهد صدام حسين. ويتابع رجل الدين الشيعي "حتى الاولاد عانوا من ذلك. فالمدارس اهملت الى درجة ان الطلاب في الصفوف التمهيدية لا يعرفون كتابة اسمائهم".
في المقابل، تم فصل مدينة طارمية عن محافظة ديالى والحقت بالعاصمة بغداد بهدف ان تستفيد بشكل اسرع من مشاريع التطوير والتجهيز المدني. وتنتشر على جانبي طرقها المغطاة بالاسفلت محلات صغيرة تبيع صناعات حرفية عراقية، ومطاعم للوجبات السريعة.
ويتجمع عدد من الاطفال الذين تقل اعمارهم عن عشر سنوات في احد مساجد المدينة مساء للاستماع الى ما يلقنه اياهم الامام الشاب ضاهر ابراهيم الخطيب (20 عاما) عن الدين. ويتوجه ضاهر الخطيب الى الاطفال بالقول ان "الجهاد واجب على كل مسلم" ويشرح لهم ان "الاشرار" هم قوات الاحتلال التي "تريد تدمير الاسلام والاستيلاء على ثروات البلاد".
ويؤكد رجل الدين السني انه يعمل من اجل خير كل المسلمين، شيعة وسنة. ويقول احد مساعديه القادم من بغداد والشاب هو ايضا انه تم الاتصال "بالضفة الاخرى من اجل الانضمام الينا في حرب الجهاد" الا ان الجانب الآخر رد بانه لا يملك "موافقة من سلطته الدينية" على ذلك.