القاهرة ـ ايلاف:جاء رفض القاهرة استقبال وفد من لجنة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد الأوروبي لتقصي أوضاع الأقباط في مصر ميدانياً، ليجدد خلافا سابقا بين مصر والاتحاد الأوروبي على خلفية المسألة الحقوقية، فبعد اتهامات كانت وجهتها السلطات المصرية للدكتور سعد الدين إبراهيم، الناشط المصري الأميركي في مجال حقوق الإنسان، وأستاذ علم الاجتماع الذي قضي ببراءته بعد حكمين سابقين ضده بالسجن سبع سنوات، وكانت من بين الاتهامات التي وجهت إليه، تهمة الاحتيال على الاتحاد الأوروبي وتقاضي أموالاً منه من دون تصريح، الأمر الذي نفاه مسؤولو الاتحاد حينئذ في إفادة رسمية بعثها للمحكمة التي كانت تنظر قضية إبراهيم.
وأوضحت السلطات المصرية في معرض رفضها للطلب الأوروبي أن لجنة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد يمكنها الرجوع إلى تقارير منظمة العفو الدولية حول الأوضاع الحقوقية في البلاد، إضافة لمنظمات حقوق الإنسان المصرية والعربية في هذا الصدد.وتعول مصر كثيراً على علاقة التعاون الاقتصادي التي تربطها بالاتحاد الأوروبي، والتي بدأت في حقبة السبعينات، ومنذ ذلك الحين تشهد هذه العلاقة تطورا مستمرا، وصل خلال السنوات الأخيرة إلى مستوى يلبي عددا لا بأس به من متطلبات الجانب المصري، وللشراكة مع الاتحاد الأوروبي خصوصية شديدة بالنسبة إلى مصر، حيث تمثل السوق الأوروبية بإمكاناتها الهائلة أحد الخيارات الأولية التي تراهن عليها السياسة المصرية، وتسعى إلى تطويرها بصفة مستمرة.
لكن السلطات المصرية اعتبرت طلب الاتحاد الأوروبي بتقصي أوضاع الأقباط في البلاد، استجابة لحملة من جهات لم تسمها، غير أنها وصفتها بالسعي إلى إفساد علاقات التعاون الاقتصادي والسياسي بين مصر والاتحاد, مشيرة في هذا السياق إلى الحملات الدورية التي تنظمها هيئات وجمعيات وصفتها بالمشبوهة، لدى الكونغرس الأميركي بهدف تشويه صورة مصر، ومؤكدة أن استجابة الاتحاد لهذه الحملات تنظر إليه القاهرة بوصفه أمراً طارئاً في طبيعة العلاقات المصرية ـ الأوروبية ينبغي عدم التوقف حياله طويلاً، فضلاً عن كونه يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية ترفضه مصر بشكل قاطع.
وفي خطوة وصفها المراقبون بأنها تعكس استجابة للمطالبات بضرورة احترام حقوق الإنسان في البلاد، أنشأت الحكومة المصرية مؤخراً مجلساً قومياً لحقوق الإنسان، وأعدّت مشروع قانون لهذا الغرض عرضته على البرلمان الذي أقره، ووافق عليه الرئيس.
وجاءت تلك الخطوة ضمن سلسلة من المبادرات المتعلقة بقضايا حقوق الانسان في البلاد، كانت قد اقترحتها أمانة السياسات التي يرأسها نجل الرئيس المصري جمال مبارك، وفي مقدمتها إلغاء عقوبة الاشغال الشاقة، وإلغاء قانون محاكم امن الدولة، وانشاء مجلس قومي لحقوق الانسان، يتبع مجلس الشورى، ولا يضم أي موظفين حكوميين، بل عدداً من رجال القانون ورؤساء الأحزاب.
ويعتبر نشطاء أقباط في مصر، تحدثوا مع (إيلاف) شريطة عدم ذكر اسمائهم، أن الشكوى للمؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الانسان، أمر مشروع تماماً، استناداً إلى أن المواثيق الدولية تعلو على كافة القوانين المحلية، بما فيها الدستور ذاته، وذلك وفقا لنصوص هذه المعاهدات التي وقعت عليها مصر، ووفقا لمبدأ تدرج القوانين المعروفة في الحقل الحقوقي.
وقال التقرير السنوي لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) إن السلطات المصرية كثفت من قمعها للمعارضين السياسيين, في الوقت الذي يستمر فيه التعذيب، إلا أن التقرير رصد تطوراً إيجابياً تمثل بقرار السلطات إحالة عدد من رجال الشرطة المتهمين بممارسة التعذيب على القضاء، كما لم يشر التقرير إلى انتهاكات بحق الأقباط تتعلق بأوضاعهم الدينية.كما رأى التقرير أن الحكومة المصرية شددت من سيطرتها على مؤسسات المجتمع المدني، مشيرا إلى استمرار العمل بقانون الطوارئ دون انقطاع منذ 1981، غير أن وزارة الداخلية المصري أعلنت مؤخراً إطلاق ألف شخص من عناصر الجماعات الأصولية المتطرفة الذين عدلوا عن أفكارهم.