باسم الانصار
&
&
جاءت النازية الى العالم المعاصر في غفلة من الزمن..وجدت في المانيا، الارض الخصبة التي ستورق فيها اشجارها الصفصافية.. ليس لان الجرمان شعب يعشق التعالي ماهويا.. هذا مرفوض بكل المعايير.. بيد ان الايدولوجية النازية قد سبقتها بذور هيغل وغيره من المؤمنين بالمركز الواحد في هذا العالم.. كانت تلك البذور منتشرة تحت تلك الارض.. ارض الجرمان.. ولم يتوان هايدغر عن القيام بالمهمة التي لم يكملها سلفه.. فراح يسقي هذه البذور بمياه افكاره الجهنمية.. وفي تلك الاثناء كان ثمة مسخ يعبث في هذه الارض.. يحرث، او يحفر او لنقل ينقب عن بذور تسد رمقه.. كان المسخ جائعا، ولايود هضم اي شئ سوى بذور التعالي على المختلف.. وجدها المسخ واكلها واشتد عوده فتجسد على هيئة رجل قصير لايتقبل الالوان المغايرة له.. وخصوصا العرق المختلف.. المختلف اشد الاشياء خطورة عليه.. لذا مارس الاقصاء بحقه، بل انه حاول نثر بذوره التي اينعت في بقاع العالم اجمع.. ولكنه بدأ بقطف الثمار المختلفة اولا في ارض الجرمان.. الثمار التي لايستسيغها.. فكان اليهود هم الثمرة الاكثر مرارة في فمه.. فاضحت جريمة اليهودي في بلاده هي انه يهودي قبل كل شئ.. وهو الامر الذي لم يضمره ولكنه حاول ان يضفي نوعا من التبريرية على افعاله الاقصائية بحق هذا اليهودي.. فارتكز على بروتوكولات صهيون المزيفة وغيرها من التبريرات.. وخلق التبرير سهل لانه جواب.. انه ليس سؤال.. فصعوبة الحياة تكمن في صياغة السؤال فيها.. والنازيون، الفاشيون، القومانيون، الاصوليون، اللادنيون، الصداميون، والقادمون المجهولون الذين سيواصلون موائد الجماجم والدماء لايحبون السؤال، لانه يؤرقهم.. فالجواب هو الذي يحتمون به طوال حياتهم.. لذا فقد حدث ماحدث من محارق وتصفيات وقتل بالمجان لليهود الى ان وصل عددهم الملايين.. اذن الرجل القصير ذو الشارب مقطوع الاطراف لم يكن بحاجة الى مبرر لقتل اليهودي.. فبما انه هتلر اذن المختلف غير موجود..
الان، وفي ارض النهرين والنماء الذي قرأنا عنه ولم نلمسه حتى الان.. لالشئ سوى لان كل شجرة تحاول ابراز اخضرارها لرفيقاتها في البستان الكوني، تقطف وتمزق الى اشلاء من اياد لاتحب الجمال والنمو والمعنى بحد ذاته.. ولكن هذه الشجرة جذورها ضاربة في الاعماق ومن المستحيل اقتلاعها.. لذا فهي دائمة السعي الى النمو مجددا.. لقد مزقها ابن القرية التي نسي اهلها ان يبنوا بيوتها بأستقامة.. فكل من كان يطأ ارضها كان يرى الاعوجاج جليا في تلك البنيان.. وفي التاسع من نيسان قد لاذ بالفرار.. قلنا للشجرة.. شجرة المعنى.. شجرة الحياة.. شجرة ادم المكلومة.. ان اوان نموك مجددا.. ولكن برز علينا كالمعتاد اناس اجلاف، نحتت عقولهم من الحجر.. اثروا السير في الصحارى الجرداء، وفضلوا النوم في الكهوف المظلمة.. لانهم لايحبون رؤية الشجيرات.. فقدموا الى شجرة المعنى الجديدة في بلاد الرافدين.. ومجددا راحوا يبتكرون المبررات لممارساتهم البدائية.. ( فثمة اناس غرباء ومختلفون عنا بكل شئ يطأون هذه البلاد، وعلينا طردهم منها ).. هذا هو المبرر المعلن لهم.. ولكن أ قتل المعنى بحاجة الى مبرر؟!!!.. مع ان اهل تلك البلاد.. بلاد الرافدين.. مختلفون عنهم.. وهم ايضا في قائمة التصفيات التي يعلقونها على جدران كهوفهم.. ولكن للقتل اولويات ايضا.. فالغرباء اولا.. اذن المبرر الخفي الحقيقي موجود، وهو الذي يحركهم بعد ان ملأ رؤوسهم بالفراغ وبات يوجههم ببراعة عالية.. المبرر هو انهم لايطيقون رؤية المختلف.. اي مختلف.. انهم لايطيقون الحياة الجديدة، لانهم يعشقون الحياة القديمة.. لايحبون ثياب الحضارة الجديدة لان اجساهم اعتادت على ارتداء الاسمال البالية..
انهم بأختزال النازيون الجدد ولكن بثياب السلف الطالح وليس الصالح.. انهم يقتلون المعنى في بلاد الرافدين لالوجود الغرباء فيها الان.. هذا الكلام للتصدير فقط.. وعلى من يريد تصديقه فعليه ان يضع نفسه في خانة السذج.. انهم يقتلون المعنى الرافديني والكوني باكمله.. وهم على غرار الرجل القصير صاحب الشارب مقطوع الاطراف، كانوا يحرثون ايضا، ولكن في ارض تختلف عن ارض الجرمان.. فهم ابناء الصحارى والكهوف.. واهل مكة ادرى بشعابها لذا راحوا ينقبون في الصحراء التي انبتتهم.. فوجدوا في صحارى نجد والحجاز البيئة الخصبة لتشييد خرائبهم عليها.. ثم عثروا على البذور التي تسد رمقهم هناك.. ومااكثرها في تلك البلاد الصحراوية.. التهموها وصاروا الان يبحثون عن كل شجرة تخلق المرارة في افواههم، لكي يزيلوها عن الوجود.. عن كل نبتة تخلق معنى مغاير.. بل كل نبتة تثمر المعنى بحد ذاته.. لانهم اعداء المعنى الاشداء..
ولهذا سالت الدماء بغزارة في اليوم الاول من رمضان في بغداد المعنى والحياة..