صنعاء عبده عايش: في حوار خاص بـ "إيلاف" قال الشاعر اليمني علي المقري أن الشكل العمودي للشعر لم يعد يقدم أي جديد، معترفا أن بدايته الشعرية كانت شفاهية وعبارة عن سجال مع أقران آخرين ويتمثل في عبارات ذات إيقاعات شعرية تحتوي علي كلمات جنسية.
وطالب بفعل ثقافي عربي يحدث صدمة في السائد ويوجد ثورة مغايرة له، والمقري شاعر حساس صدرت له ثلاث مجموعات شعرية الاولي في عام 1987 حملت عنوان "نافذة الجسد" بينما الثانية كان إسمها "ترميمات" وصدرت في عام 1999م والثالثة "يحدث في النسيان" صدرت العام الجاري.
يعمل حاليا سكرتيرا لمجلة الحكمة التي يصدرها دوريا اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين كما يشرف علي الصفحة الثقافية في جريدة الشوري الاسبوعية، وفيما نص الحوار معه.
&
* كيف كانت بدايتكم الشعرية؟
- البداية كانت شفاهية، أي ترديد العبارات الشعرية التي كان يتساجل بها أقراني الطلاب. والابداع في اطارها، وهذا السجال يتمثل في قول عبارات في ايقاعات شعرية يظهر فيها الكلام الذي يمكن وصفه بالمحرج أو الاباحي حيث كان يحوي علي كلمات جنسية وصفية تقال علي سبيل تبادل الشتائم بين الاطفال الذين كانت اعمارهم بين الثامنة والثانية عشرة.
ويمكن القول أن بداياتي كانت هنا في تركيب الكثير من العبارات الشعرية ذات الايقاع الشعري الشعبي، أما بعد ذلك فكان لقراءة الشعر ثأثيره الكبير علي في الاتجاه الي كتابة القصيدة الموزونة، ثم التخلي عنها لاحقا والاتجاه نحو الشكل النثري الذي وجدت فيه مساحة تعبيرية تتلاءم مع هواجسي ومزاجي في الكتابة.
* وبمن الشعراء تأثرت؟
- الشعراء الذين تأثرت بهم فلا أعرفهم، فقد قرأت الكثير من الشعراء والقصائد، وأجد بعضهم يشبهونني، كما أجدني أشبه بعضهم، والعكس تماما.
&
*كيف أمكنكم الجمع بين كتابة الشعر واحتراف الكتابة الصحافية؟
- بالنسبة للشعر فهو حال مزاجي ليس منتظما، ويتعلق بالرغبة في الكتابة في هذا الشكل، أما احتراف الصحافة فهو عيش وحياة، وانا كما تعلم أشتغل في الصحافة الثقافية التي هي أقرب الي اهتماماتي الخاصة والعامة.
* كنتم أول من تقدم عام 1988 ببرنامج تنفيذي لمشروع صنعاء عاصمة للثقافة العربية وذلك ضمن ندوة أقيمت حينها، ماهي أبرز محاور ذلك البرنامج؟
- كان تصوري قائم علي ايجاد بني أساسية للمناشط الثقافية، واقتراح بعض الحلول للمشاكل التي تعيق تحقيق ذلك ومن بينها المشكلة المالية، وهو ما تحقق عبر انشاء صندوق التنمية الثقافية، بالاضافة الي تصور ومقترحات تفصيلية حول نوع النشاط وأسماء الفعاليات، وقد أخذ الكثير منها في الخطة المعلنة سابقا والخطة المجددة لها لاحقا من قبل وزارة الثقافة، وما يهمني هو انجاز الفعل الثقافي بغض النظر عن الذي فكر به أو اقترحه.
* وكيف ستكون صنعاء عاصمة للثقافة وهي تفتقد لصناعة النشر والتأليف؟
- اليمن في الحقيقة مازالت ناشئة في هذا المجال مقارنة بيروت والقاهرة مثلا , وما نأمله هو أن يكون إعلان صنعاء عاصمة للثقافة العربية حافزا لايجاد البني الاساسية للفعل الثقافي في كل جوانبه.
&
الشكل العمودي للشعر لم يعد يقدم أي جديد
* كيف تنظر الي الشكل العمودي للقصيدة الشعرية يعد موت البردوني والجواهرجي؟
- القصيدة العمودية ماتت عن النمو الذي مازال يكتب بها البعض الان , فهذه القصيدة في شكلها الكلاسيكي تعتبر أبرز الموروثات الجمالية العربية، لكن الشعراء الذين يكتبونها حاليا يقومون باجترار جمالياتها القديمة ولا يستطيعون أن يقدموا أي جديد يضاف الي ما تم إنجازه في إطار هذا الشكل في العصور القديمة.
وإذا ما انبهر بها بعض القراء بالشعر العمودي المعاصر فالسبب يعود الي أنهم لا يعرفون الشعر العربي القديم ولم يقرأوه، وإذا اطلعوا علي القديم لاكتشفوا أن العموديين الجدد أقل شعرية بكثير من الاقدمين. أنا مع حرية الكتابة في أي شكل من الاشكال لكن أيضا من حقي ان أكون حرا في القول أن الشكل العمودي للشعر لم يعد يقدم أي جديد.
* ألا توجد مساحة لقاء واتفاق بين الحديث والقديم؟
- الاتفاق هو في حق العيش والحياة، ربما، فالحديث يصبح قديما، وهذا يتناسل من ذاك، ولا يمكن لنا أن نوقف الرغبات والحركة والاستمرار، لاننا سنكون بذلك نجاول أن نوقف الحياة.

* أخيرا كيف تنظرون لواقع الشعر والثقافة في اليمن؟
- لا يختلف الواقع الادبي والثقافي في اليمن عن حاله في بعض البلدان العربية، فباستثناء بعض الجهود الفردية مازال الفعل الثقافي العربي مهمشا ويدور في مواضيع تقليدية ومحافظة ولم يستطع أن يجترح المألوف والاعتيادي. ومنذ عقود طويلة لم نجد أي فعل ثقافي عربي يحدث صدمة في السائد ويوجد ثورة مغايرة له، وكل ما يحدث هو تقليد لفعاليات أنجزت في أماكن أخري وأزمنة ماضية غالبا.&