مصطفى القرة داغي
&
&
&
&
صدام حسين عدو العراقيين الأول و المطلوب الأول للعدالة في العراق يقبع في جحر صغير في أحدى ضواحي تكريت.. و العراقيين و أصدقائهم من قوات التحالف يلقون القبض عليه ذليلاً مهاناً كجرذ خائف مذعور.. صورة بدأت تفرض نفسها على أرض الواقع الذي يعيشه العراقيون هذه الأيام.. و أغلبهم بدؤا يتقبلون هذه الحقيقة و يستوعبونها كأمر واقع مُعاش تعيشه أغلب شعوب العالم في هذه الأيام فأغلب شعوب العالم المتحضر تربطها اليوم مع بعضها البعض أواصر و قواسم مشتركة من أهمها رغبة هذه الشعوب في العيش بسلام و طمأنينة على هذه الأرض.. و لتحقيق هذه الرغبة لا بد من أن يسود التعاون الأحترام والمحبة بين هذه الشعوب بدلاً من الأختلاف و التناحر.
لقد كان صدام واحد من أعتى الطغاة و أشدهم وحشية على الأطلاق ليس في تأريخ العراق فحسب بل في تأريخ البشرية جمعاء.. فقد عرف صدام حسين و خلال سنوات حكمه الطويلة بروح عدائية و وحشية و دموية ليس تجاه الشعب العراقي فقط بل تجاه الكثير من الشعوب و الأقوام بدئاً بأبناء شعبه من الشيعة و الأكراد و وصولاً الى جيرانه من الشعوب العربية و الأسلامية كالشعب الكويتي الشقيق و الشعب الأيراني الجار.. فجرائمه البشعة تجاه أبناء شعبه من الشيعة و الأكراد و أعتدائاته السافرة على جيرانه و أستباحته لأراضيهم.. كلّها أمور غنية عن التعريف و الشرح لأي متابع منصف للشأن العراقي.. و الطريقة التي ألقي بها القبض على الطاغية و هو مختبيء في أحد جحور قضاء الدور التابع لمدينة تكريت أن كانت تدل على شيء فأنما تدل على النهاية الحتمية التي ينتهي أليها كل طاغية متجبر يبني حكمه لشعبه على أساس من الظلم و الطغيان.
فصدام و أمثاله من الطغاة لا بد أن يصلوا بعد سنين طغيانهم و قمعهم لشعوبهم الى هذه النهاية المذلة و المهينة التي أنتهى اليها صدام لأن الطغاة بطبيعتهم جبناء في باطنهم.. متسلطون و أستبداديون في ظاهرهم.. و هم يحيطون أنفسهم و أنظمة حكمهم بهالة من الأستبداد و الجبروت ليُخفوا بها جبنهم و ليَحموا بها أنفسهم المريضة من غضب شعوبهم.. و لقد كان صدام بثيابه الرثة و لحيته القذرة التي و جد بها ساعة القاء القبض عليه مثالاً صارخاً لأمثاله من الطغاة.. فرغم توارد الأنباء عن وجود مسدس و رشاشتين الى جانبه و هو في جحره.. الاّ أنه لم يمتلك الشجاعة الكافية لمقاومة الأمريكان أو لأطلاق رصاصة الرحمة على نفسه لينهي بها حياته التعسة نهاية رجولية بدلاً من مظاهر الذل و المهانة التي ظهر بها أمام الملايين من الناس على شاشات التلفزيون و هو الذي كان يحث العراقيين على المقاومة و عدم الأستسلام للمحتلين في خطاباته الأخيرة و التي أدّعى في آخرها بأنه يلف حول جسمه حزامين ناسفين سيفجرهما أذا أهتدى الأمريكان الى مكانه.. و هذا ما لم يحدث و لم يكن ليحدث على الأطلاق خصوصاً من قبل شخص مجنون و مهووس بحب الحياة كصدام حسين.
المؤسف أن بعض الشرائح من مجتمعنا العربي و الأسلامي لا تزال ترى في هذا الجرذ الجبان قائدها الملهم و أملها المنشود في الخلاص ( لا أعرف مم ؟ ) مدفوعة بالنظريات القومجية لخمسينيات القرن المنصرم حتى بعد أن رأته بهذه الصورة المذلة المهينة و بهذا الجبن و الأنصياع أمام جنود قوات التحالف.. فلازال البعض و على مستوى النخب و المؤسسات الحكومية في بعض الدول العربية يكابر و يراهن على شعارات خاوية مهترئة أكل عليها الدهر و شرب فرضتها ضروف مرحلية خاصة في الماضي محاولين تسويقها على بعض السذج من شعوبهم التي بدأت تعي حقيقة ما يجري حولها في هذا العالم بشكل واقعي و موضوعي.. ظهر ذلك جلياً من خلال متابعة التغطية الأعلامية التي رافقت خبر أعتقال الرئيس العراقي المخلوع.. أذ أن الكثير من وكالات الأنباء الرسمية لبعض الدول العربية تطرقت بشكل عابر و سريع الى هذا الحدث الكبير بل أن بعضها لم تتطرق أصلاً لهذا الموضوع متصورة أنها بتجاهلها لأحداث الواقع ستوقف دولاب الزمن الذي سيطالها أن عاجلاً أو آجلا ًبدلاً من التعامل مع هذا الواقع بشكل موضوعي يخدم بلدانها و شعوبها التي تعيش بسبب سياسات هذه الحكومات على حافة العالم أن لم نقل خارجه.
وعند الحديث عما جرى للطاغية في صبيحة ذلك اليوم في الدور و ما سبقه من أحداث قبل أشهر لولديه في الموصل لا بد من الأشارة الى ما يمكن تسميته ِبنيّة أمريكية صادقة هذه المرّة لتخليص العراقيين من سنوات القمع و الظلم التي قاسوها على يد الطاغية و أزلامه و لمساعدتهم في فتح صفحة جديدة من حياتهم و حياة أجيالهم القادمة ملؤها التفائل و الأمل بمستقبل مشرق بلا دكتاتورية و بلا حروب.
فألف مبروك لكل العراقيين الشرفاء سقوط الطاغية بما كان يمثله من أستبداد و ديكتاتورية و رعب للعراقيين و لنفتح بيوم سقوطه صفحة جديدة للمصالحة الوطنية و لبناء العراق الجديد بعيداً عن تأثيرات المرحلة الصدامية الغابرة و لنقف يد بيد الى جانب مجلس الحكم لنجتاز معاً هذه المرحلة الفاصلة من تأريخ وطننا الحبيب.
وألف مبروك لكل الطيبين و الشرفاء في العالم من المحبين للشعب العراقي و ممن و قفوا و لا زالوا الى جانب العراقيين في نظالهم ضد الديكتاتورية و في مسيرة بناء عراقهم الجديد عراق الحرية و الحب و السلام.. و سيبقى يوم الرابع عشر من كانون الأول يوماً فاصلاً ليس في تأريخ العراقيين فحسب بل في تأريخ كل الشعوب الحرة المنكوبة بأمثال صدام من الطغاة ممن خرجوا من جحورالجرابيع و أليها سيعودون.
التعليقات