د. خالد منتصر
&
&
[ كل من شاهد الطبيب الأمريكى وهو يفحص شعر صدام حسين تخيل أنه ينظفه من الحشرات أو " يفليه "، وكل من رأى على القنوات الفضائية فم صدام مفتوحاً على مصراعيه يستقبل خافض اللسان بكل ترحاب إعتقد أنه يفحص اللوز !، كانت عملية الفحص والتقليب والتفعيص والدعبسة من أجل الحصول على كلمة السر ومفتاح اللغز، إنه ال DNA الذى هو سر الحياة وليس سر صدام فقط، والذى يعتبر الجهل به نوعاً من الأمية الجديدة التى لم تعد الآن الأمية الأبجدية ولاحتى أمية الكمبيوتر بل أصبحت أمية هذه الشفرة الوراثية المدهشة.
[ تأجل إعلان القبض على صدام حسين والتأكيد على نجاح عملية أسره فى القبو التكريتى إلى حين التأكد من مطابقة الDNA المستخلص من الأسير صدام المشكوك فى أمره بال DNA الذى أخذه الأمريكان من صدام فى السابق عندما كان الأمريكان يمرحون فى العراق كحلفاء يمدون عميلهم حاكم بلاد الرافدين بأحدث أسلحة الدمار الشامل من كيماوى وغيره ليضرب الخصم الإيرانى العنيد، كان من السهل على الأمريكان أن يحتفظوا بشفرة صدام الوراثية بكل سهولة، وكانت الطرق التى تخيلها المحللون وقيلت على ألسنة معامل المخابرات الأمريكية كثيرة ومتعددة فمنها الأكواب التى كان يشرب منها صدام ومنها فرشاة الأسنان التى كان يستعملها أو المشط الذى يصفف به شعره، وهناك عقب السيجار الكوبى الفاخر الذى كان يدخنه بشراهة والذى من خلال اللعاب المتعلق به يمكن الكشف عن هذه الشفرة وهذه الطريقة هى التى يؤكد عليها الكثيرون من الخبراء، وهناك غير ذلك تحليل البول وهى نفس الطريقة التى إستخدمها الموساد فى حفظ شفرة حافظ الأسد الوراثية أو طريقة تحليل البصاق أو الدم أو السائل المنوى أو العظام أو خصلة الشعر بشرط أن تكون فيها البصيلة....الخ، وهى كلها طرق تعتمد على قراءة هذه المادة الوراثية المدهشة التى تميز كل فرد فى هذا الكون والتى لايمكن أن تتشابه إلا فى التوائم المتطابقة أو لو أردنا الدقة فهى من الممكن أن تتكرر بنسبة واحد فى المليون مليون مليون وبماأننا ستة الآف مليون نسمة تقريباً على ظهر الكرة الأرضية فالتكرار مستحيل، وهذه المادة الوراثية التى تشكل كياننا وصفاتنا وهويتنا لايزيد وزنها على ستة من مليون مليون من الجرام، وبماأن كل فرد منا ينشأ من خلية واحدة تسمى الزيجوت وهى ناتج إلتقاء الحيوان المنوى بالبويضة ثم يتضاعف ال DNA فى الخلايا لتصبح حوالى ستين ألف بليون خلية، وإذا جمعنا كل الDNA للستة بلايين إنسان فإن وزنه لن يزيد عن 36 ملليجراماً !!، تخيلوا مادة بهذه الضآلة تتحكم فى مصائرنا وترسم خريطة أحلامنا ومستقبلنا وتثبت هويتنا، إنها ببساطة بصمة الحياة ولغزه فى نفس الوقت.
[ بنفس طريقة تثبيت " الباركود " على البضاعة فى السوبر ماركت تم تثبيت الباركود أو الشفرة الوراثية لصدام حسين على أجهزة كمبيوتر السى آى إيه، وكان إعلان الجنرال تومى فرانكس فى منتصف إبريل الماضى أمام شاشات ال CNN أنهم يملكون ال DNA لصدام وولديه عدى وقصى إعلاناً مدهشاً ومثيراً وهو يقول بثقة " هو سيظل حياً إلى أن أعلن لكم أنه قد مات أو يعلن الطب الشرعى الأمريكى من خلال الDNA أنه قد قتل! "، وكانت هذه الكلمات فى غاية الأهمية لبث الطمأنينة فى قلب الأمريكان بعد اللخبطة التى حدثت فى السابع من أبريل حين أعلن عن موت صدام وولديه فى تفجير حى المنصور ببغداد بقنبلة ال 2... رطل وثبت بعد ذلك أنها مجرد إشاعة ناتجة عن خلط التمنيات بالواقع، وقد تحدث بعدها خبير الطب الشرعى كوبيلنسكى إلى الواشنطن بوست حديثاً هاماً شرح فيه عملية تحديد الهوية التى قامت بها القوات الأمريكية بالتفصيل، ومن ضمن النقاط الهامة التى ذكرها هذا الخبير الشهير:
أن العلماء الأمريكان إستخدموا فى المقارنة أيضاً DNA الخاص ببرزان التكريتى الأخ غير الشقيق لصدام من الأم، وبما أن الأخ من الأم فهو يحمل تشابهاً فى نصف الجينات، ولكن الأهم هو دراسة مصدر الطاقة فى الخلية والتى تسمى الميتوكوندريا والتى تورث من خلال الأم فقط ومقارنتها بين الأخين صدام وبرزان
تعرض كل فرد مقبوض عليه من عائلة صدام لعملية تحديد بصمته الوراثية حتى يتم التأكد تماماً بنسبة 1..% من التطابق
يتم نقل العينات إلى معملAFIDL وهو إختصار الأحرف الأولى
من Armed Forces DNA Identification Laboratory، والمهم أنه قد ذكر فى حديثه نقطة هامة عن المدة التى يستغرقها تحليل العينة، فالعينة المأخوذة من العظام أو الشعر تستغرق مدة أطول من كرات الدم البيضاء، والمادة المأخوذة من العينة تحدد وتحلل فى حوالى يومين، وإذا إعتمدنا على إختبار الميتوكوندريا فستستغرق العملية من أسبوع إلى إسبوعين مما يجعلنا نتشكك فى مدة النصف يوم التى ذكرها الأمريكان بعد إعتقال صدام حسين، ويقودنا إلى نتيجة أنه تم القبض عليه قبل تلك المدة أو ذلك الوقت الذى أعلنوه
عندما سأله محاوره عن إشاعة أن صدام إستنسخ نفسه من خلال الDNA رد كوبيلنسكى قائلاً حتى ولو كان ذلك صحيحاً فإن نسخة صدام ليست بالضرورة شخصية دموية ومن الممكن جداً أن تصبح لطيفة وودودة !!.
[ البصمة الوراثية لم يكن أحد يعرفها حتى 1984 حينما نشر دكتور إليك جيفريز عالم الوراثة بجامعة ليستر بلندن بحثاً أوضح فيه أن المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات وتعيد نفسها فى تتابعات عشوائية، وبعد عام واحد إكتشف جيفريز أن هذه التتابعات مميزة لكل فرد ولايمكن أن تتشابه إلا كماذكرنا فى التوائم المتطابقة، وال DNA مادتنا الوراثية تتشكل فى صورة لولب مزدوج من جديلتين أو ضفيرتين، كل واحدة من الجديلين تتكون من سلسلة طويلة مؤلفة من تتابع أربع قواعد كيماوية يرمز لها بالحروف الألف والثاء والسين والجيم، وهو تتابع متفرد يصل طوله فى الإنسان إلى نحو ثلاثة آلاف مليون حرف، يقسم عادة إلى كروموسومات وعلى هذه الكروموسومات تقع الجينات أو مانسميه بالعربية المورثات وهى مقاطع من هذا اللولب أحياناً يكون طولها مئات وأحياناً عشرات الآلاف من القواعد، وتتابع الحروف العشوائى والكم اللانهائى من التباديل والتوافيق فى التكرار والإرتباط بين هذه الحروف الأربعة هو مايصنع هذه اللغة البشرية العجيبة التى تتكون من كل سكان الأرض، وكما أن لغة العرب 28 حرفاً فإن لغة الكون هى أربعة حروف فقط
[ السؤال هو هل يقتصر تحديد الDNA وقراءة البصمة الوراثية على إعتقال الحكام الطغاة والتأكد من هويتهم ؟!، بالطبع لا، ولنتذكر معاً بعض القصص التى نجح ال DNA فى فك ألغازها وغموضها، بالطبع أشهرها خوف وفزع كلينتون حين وجد أن ملابس مونيكا الداخلية التى إحتفظت بها ملطخة بسائله المنوى ستفضحه بعد أن تم قراءة ال DNA من خلالها، وإضطر الرئيس الأمريكى المبجل عازف الساكسفون أن يعزف عن لؤمه ويخرج عن صمته ويعترف، ففضل أن يفضح نفسه بيديه بدلاً من أن ينفضح على أيدى المحكمة التى لاترحم، وغير حوادث الإغتصاب هناك التعرف على الجثث المشوهة والمحروقة وتتبع الأطفال والجنود المفقودين وكلنا يذكر حادثة البوينج المصرية عام 2... حين تم التعرف على رفات 25 جثة مصرية إنتشلت من قاع المحيط، وأيضاً التعرف على جثث ضحايا مركز التجارة العالمى فى 11 سبتمبر من خلال البصمة الوراثية، وبالطبع هناك جرائم القتل التى يترك فيها القاتل أثراً بسيطاً ولايترك بصمات أصابع، أما إثبات البنوة فقد أصبح الDNA هو البطل الحقيقى فى ساحات محاكم أغنى الدول وأفقرها ففى السودان على سبيل المثال لعبت البصمة الوراثية دوراً كبيراً فى قضية شهيرة إسمها " الحصاحيصا" حيث كان هناك إختلاط فى طفلتين عمرهما يوم واحد سلمت القابلة كل منهما إلى الأم الأخرى ولكن الدليل العلمى والDNA كان هو الدليل الحاسم الذى إرتاح له ضمير المحكمة
أما أغرب الحكايات التى تصلح لفيلم بوليسى إخراج هيتشكوك فقد كان بطلها هو جيفريز مكتشف البصمة الوراثية نفسه البالغ من العمر 34 عاماً والذى كان يسكن على بعد أميال من قرية الرعب الإنجليزية "ناربرة "، وقد إكتسبت هذا الإسم لأنه قد إغتصبت فيها فتاتان بشكل مرعب وقاسى، الأولى الصبية ليندا مان 15 عاماً والتى إغتصبت فى 21 نوفمبر 1983 وعثر على جثتها مغتصبة ومخنوقة ولاأثر للجانى إلا سائله المنوى، والثانية دون آشويرث 15 عاماً والتى إغتصبت بنفس الطريقة فى 31 يوليو 1986 ولكن إغتصابها تكرر بعد موتها مع جثتها بمنتهى الوحشية، وعندما ذاع صيت إكتشاف جيفريز أرسلت له النيابة عينة من دم المتهم ريتشارد بكلاند وعينة من السائل المنوى الذى وجد مختلطاً بالجثتين، والغريب أن المتهم بكلاند كان قد إعترف بأنه إغتصب الثانية ولكنه لم يغتصب الأولى، ولكن الظاهر أن إعترافه تم بالطريقة البوليسية المصرية الشهيرة التى جعلت الممثلة حبيبة تعترف بقتل زوجها بمفرمة الديمقراطية!، وذلك لأن العالم الشهير قرر بعد الفحص أن المتهم لم يغتصب أو يقتل أى فتاة منهما !، وبدأت أعجب مطاردة فى التاريخ حين أمرت النيابة بأخذ عينات من دم ولعاب كل شباب ورجال القرية والقرى المجاورة والتى تم نقل وقائعها على الهواء مباشرة حتى تم التوصل إلى القاتل المغتصب كولين بيتشفورك الذى حكم عليه بالسجن فى 23 يناير 1988 بالسجن مدى الحياة.
[ إنها قصة عجيبة وغريبة ولكن الأعجب والأغرب والأكثر إدهاشاً قصة الDNA نفسه الذى يحمل سر الحياة فى داخله، والذى مازال يلفه الغموض، والذى إحتفل العالم هذا العام بمرور خمسين سنة على إكتشافه، ولكنه الإكتشاف الذى زادنا حيرة، فالصندوق الأسود للحياة مازال مغلقاً لم يطلع عليه أحد، وباب مغارة الكون مازال مستعصياً على عبارة على بابا "إفتح ياسمسم "، ومازلنا حتى الآن لانستطيع أن نمنع القدر من أن يهدينا أمثال صدام حسين وغيره ممن يضعون شعوبهم على "الباربكيو " ويتلذذون بسادية وهم يلتهمون فتاتهم المتساقط، إنه كشف السر الذى ولد من رحمه سراً أكبر ولغزاً أضخم وحيرة أشد.
[ تأجل إعلان القبض على صدام حسين والتأكيد على نجاح عملية أسره فى القبو التكريتى إلى حين التأكد من مطابقة الDNA المستخلص من الأسير صدام المشكوك فى أمره بال DNA الذى أخذه الأمريكان من صدام فى السابق عندما كان الأمريكان يمرحون فى العراق كحلفاء يمدون عميلهم حاكم بلاد الرافدين بأحدث أسلحة الدمار الشامل من كيماوى وغيره ليضرب الخصم الإيرانى العنيد، كان من السهل على الأمريكان أن يحتفظوا بشفرة صدام الوراثية بكل سهولة، وكانت الطرق التى تخيلها المحللون وقيلت على ألسنة معامل المخابرات الأمريكية كثيرة ومتعددة فمنها الأكواب التى كان يشرب منها صدام ومنها فرشاة الأسنان التى كان يستعملها أو المشط الذى يصفف به شعره، وهناك عقب السيجار الكوبى الفاخر الذى كان يدخنه بشراهة والذى من خلال اللعاب المتعلق به يمكن الكشف عن هذه الشفرة وهذه الطريقة هى التى يؤكد عليها الكثيرون من الخبراء، وهناك غير ذلك تحليل البول وهى نفس الطريقة التى إستخدمها الموساد فى حفظ شفرة حافظ الأسد الوراثية أو طريقة تحليل البصاق أو الدم أو السائل المنوى أو العظام أو خصلة الشعر بشرط أن تكون فيها البصيلة....الخ، وهى كلها طرق تعتمد على قراءة هذه المادة الوراثية المدهشة التى تميز كل فرد فى هذا الكون والتى لايمكن أن تتشابه إلا فى التوائم المتطابقة أو لو أردنا الدقة فهى من الممكن أن تتكرر بنسبة واحد فى المليون مليون مليون وبماأننا ستة الآف مليون نسمة تقريباً على ظهر الكرة الأرضية فالتكرار مستحيل، وهذه المادة الوراثية التى تشكل كياننا وصفاتنا وهويتنا لايزيد وزنها على ستة من مليون مليون من الجرام، وبماأن كل فرد منا ينشأ من خلية واحدة تسمى الزيجوت وهى ناتج إلتقاء الحيوان المنوى بالبويضة ثم يتضاعف ال DNA فى الخلايا لتصبح حوالى ستين ألف بليون خلية، وإذا جمعنا كل الDNA للستة بلايين إنسان فإن وزنه لن يزيد عن 36 ملليجراماً !!، تخيلوا مادة بهذه الضآلة تتحكم فى مصائرنا وترسم خريطة أحلامنا ومستقبلنا وتثبت هويتنا، إنها ببساطة بصمة الحياة ولغزه فى نفس الوقت.
[ بنفس طريقة تثبيت " الباركود " على البضاعة فى السوبر ماركت تم تثبيت الباركود أو الشفرة الوراثية لصدام حسين على أجهزة كمبيوتر السى آى إيه، وكان إعلان الجنرال تومى فرانكس فى منتصف إبريل الماضى أمام شاشات ال CNN أنهم يملكون ال DNA لصدام وولديه عدى وقصى إعلاناً مدهشاً ومثيراً وهو يقول بثقة " هو سيظل حياً إلى أن أعلن لكم أنه قد مات أو يعلن الطب الشرعى الأمريكى من خلال الDNA أنه قد قتل! "، وكانت هذه الكلمات فى غاية الأهمية لبث الطمأنينة فى قلب الأمريكان بعد اللخبطة التى حدثت فى السابع من أبريل حين أعلن عن موت صدام وولديه فى تفجير حى المنصور ببغداد بقنبلة ال 2... رطل وثبت بعد ذلك أنها مجرد إشاعة ناتجة عن خلط التمنيات بالواقع، وقد تحدث بعدها خبير الطب الشرعى كوبيلنسكى إلى الواشنطن بوست حديثاً هاماً شرح فيه عملية تحديد الهوية التى قامت بها القوات الأمريكية بالتفصيل، ومن ضمن النقاط الهامة التى ذكرها هذا الخبير الشهير:
أن العلماء الأمريكان إستخدموا فى المقارنة أيضاً DNA الخاص ببرزان التكريتى الأخ غير الشقيق لصدام من الأم، وبما أن الأخ من الأم فهو يحمل تشابهاً فى نصف الجينات، ولكن الأهم هو دراسة مصدر الطاقة فى الخلية والتى تسمى الميتوكوندريا والتى تورث من خلال الأم فقط ومقارنتها بين الأخين صدام وبرزان
تعرض كل فرد مقبوض عليه من عائلة صدام لعملية تحديد بصمته الوراثية حتى يتم التأكد تماماً بنسبة 1..% من التطابق
يتم نقل العينات إلى معملAFIDL وهو إختصار الأحرف الأولى
من Armed Forces DNA Identification Laboratory، والمهم أنه قد ذكر فى حديثه نقطة هامة عن المدة التى يستغرقها تحليل العينة، فالعينة المأخوذة من العظام أو الشعر تستغرق مدة أطول من كرات الدم البيضاء، والمادة المأخوذة من العينة تحدد وتحلل فى حوالى يومين، وإذا إعتمدنا على إختبار الميتوكوندريا فستستغرق العملية من أسبوع إلى إسبوعين مما يجعلنا نتشكك فى مدة النصف يوم التى ذكرها الأمريكان بعد إعتقال صدام حسين، ويقودنا إلى نتيجة أنه تم القبض عليه قبل تلك المدة أو ذلك الوقت الذى أعلنوه
عندما سأله محاوره عن إشاعة أن صدام إستنسخ نفسه من خلال الDNA رد كوبيلنسكى قائلاً حتى ولو كان ذلك صحيحاً فإن نسخة صدام ليست بالضرورة شخصية دموية ومن الممكن جداً أن تصبح لطيفة وودودة !!.
[ البصمة الوراثية لم يكن أحد يعرفها حتى 1984 حينما نشر دكتور إليك جيفريز عالم الوراثة بجامعة ليستر بلندن بحثاً أوضح فيه أن المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات وتعيد نفسها فى تتابعات عشوائية، وبعد عام واحد إكتشف جيفريز أن هذه التتابعات مميزة لكل فرد ولايمكن أن تتشابه إلا كماذكرنا فى التوائم المتطابقة، وال DNA مادتنا الوراثية تتشكل فى صورة لولب مزدوج من جديلتين أو ضفيرتين، كل واحدة من الجديلين تتكون من سلسلة طويلة مؤلفة من تتابع أربع قواعد كيماوية يرمز لها بالحروف الألف والثاء والسين والجيم، وهو تتابع متفرد يصل طوله فى الإنسان إلى نحو ثلاثة آلاف مليون حرف، يقسم عادة إلى كروموسومات وعلى هذه الكروموسومات تقع الجينات أو مانسميه بالعربية المورثات وهى مقاطع من هذا اللولب أحياناً يكون طولها مئات وأحياناً عشرات الآلاف من القواعد، وتتابع الحروف العشوائى والكم اللانهائى من التباديل والتوافيق فى التكرار والإرتباط بين هذه الحروف الأربعة هو مايصنع هذه اللغة البشرية العجيبة التى تتكون من كل سكان الأرض، وكما أن لغة العرب 28 حرفاً فإن لغة الكون هى أربعة حروف فقط
[ السؤال هو هل يقتصر تحديد الDNA وقراءة البصمة الوراثية على إعتقال الحكام الطغاة والتأكد من هويتهم ؟!، بالطبع لا، ولنتذكر معاً بعض القصص التى نجح ال DNA فى فك ألغازها وغموضها، بالطبع أشهرها خوف وفزع كلينتون حين وجد أن ملابس مونيكا الداخلية التى إحتفظت بها ملطخة بسائله المنوى ستفضحه بعد أن تم قراءة ال DNA من خلالها، وإضطر الرئيس الأمريكى المبجل عازف الساكسفون أن يعزف عن لؤمه ويخرج عن صمته ويعترف، ففضل أن يفضح نفسه بيديه بدلاً من أن ينفضح على أيدى المحكمة التى لاترحم، وغير حوادث الإغتصاب هناك التعرف على الجثث المشوهة والمحروقة وتتبع الأطفال والجنود المفقودين وكلنا يذكر حادثة البوينج المصرية عام 2... حين تم التعرف على رفات 25 جثة مصرية إنتشلت من قاع المحيط، وأيضاً التعرف على جثث ضحايا مركز التجارة العالمى فى 11 سبتمبر من خلال البصمة الوراثية، وبالطبع هناك جرائم القتل التى يترك فيها القاتل أثراً بسيطاً ولايترك بصمات أصابع، أما إثبات البنوة فقد أصبح الDNA هو البطل الحقيقى فى ساحات محاكم أغنى الدول وأفقرها ففى السودان على سبيل المثال لعبت البصمة الوراثية دوراً كبيراً فى قضية شهيرة إسمها " الحصاحيصا" حيث كان هناك إختلاط فى طفلتين عمرهما يوم واحد سلمت القابلة كل منهما إلى الأم الأخرى ولكن الدليل العلمى والDNA كان هو الدليل الحاسم الذى إرتاح له ضمير المحكمة
أما أغرب الحكايات التى تصلح لفيلم بوليسى إخراج هيتشكوك فقد كان بطلها هو جيفريز مكتشف البصمة الوراثية نفسه البالغ من العمر 34 عاماً والذى كان يسكن على بعد أميال من قرية الرعب الإنجليزية "ناربرة "، وقد إكتسبت هذا الإسم لأنه قد إغتصبت فيها فتاتان بشكل مرعب وقاسى، الأولى الصبية ليندا مان 15 عاماً والتى إغتصبت فى 21 نوفمبر 1983 وعثر على جثتها مغتصبة ومخنوقة ولاأثر للجانى إلا سائله المنوى، والثانية دون آشويرث 15 عاماً والتى إغتصبت بنفس الطريقة فى 31 يوليو 1986 ولكن إغتصابها تكرر بعد موتها مع جثتها بمنتهى الوحشية، وعندما ذاع صيت إكتشاف جيفريز أرسلت له النيابة عينة من دم المتهم ريتشارد بكلاند وعينة من السائل المنوى الذى وجد مختلطاً بالجثتين، والغريب أن المتهم بكلاند كان قد إعترف بأنه إغتصب الثانية ولكنه لم يغتصب الأولى، ولكن الظاهر أن إعترافه تم بالطريقة البوليسية المصرية الشهيرة التى جعلت الممثلة حبيبة تعترف بقتل زوجها بمفرمة الديمقراطية!، وذلك لأن العالم الشهير قرر بعد الفحص أن المتهم لم يغتصب أو يقتل أى فتاة منهما !، وبدأت أعجب مطاردة فى التاريخ حين أمرت النيابة بأخذ عينات من دم ولعاب كل شباب ورجال القرية والقرى المجاورة والتى تم نقل وقائعها على الهواء مباشرة حتى تم التوصل إلى القاتل المغتصب كولين بيتشفورك الذى حكم عليه بالسجن فى 23 يناير 1988 بالسجن مدى الحياة.
[ إنها قصة عجيبة وغريبة ولكن الأعجب والأغرب والأكثر إدهاشاً قصة الDNA نفسه الذى يحمل سر الحياة فى داخله، والذى مازال يلفه الغموض، والذى إحتفل العالم هذا العام بمرور خمسين سنة على إكتشافه، ولكنه الإكتشاف الذى زادنا حيرة، فالصندوق الأسود للحياة مازال مغلقاً لم يطلع عليه أحد، وباب مغارة الكون مازال مستعصياً على عبارة على بابا "إفتح ياسمسم "، ومازلنا حتى الآن لانستطيع أن نمنع القدر من أن يهدينا أمثال صدام حسين وغيره ممن يضعون شعوبهم على "الباربكيو " ويتلذذون بسادية وهم يلتهمون فتاتهم المتساقط، إنه كشف السر الذى ولد من رحمه سراً أكبر ولغزاً أضخم وحيرة أشد.
&
التعليقات