تركي الدخيل
&

أدعو الصحافة العربية لتحذو حذو صحيفة بيلدا الألمانية التي قررت اقتصار أخبارها على الأخبار السارة فقط.
إن استجابت اي صحيفة عربية لدعوتي فستغلق أبوابها في يوم الغد، لأنه لا خبر سعيد يمكن نشره في المنطقة العربية اليوم، ولا حتى في العالم، فالبيلدا الألمانية يقتصر قرارها على يوم الإربعاء الماضي فقط بمناسبة أعياد
الميلاد تعود بعدها الى طبيعتها بنشر الأخبار الكئيبة، لكنها في الأربعاء الماضي لم تنشر اي قصص محزنة أو مقززة تثير الإشمئزاز، اضافة الى انها تلافت الاشارة الى أي موضوع يتعلق بزيادة الضرائب او عن فضائح الساسة الألمان، وركزت في جميع أخبارها على الجانب الإيجابي في أي قصة أخبارية، اما في ابراج الحظ فجعلت الجميع سعداء. استعرض أرقام ضحايا زلزال مدينة بام الايرانية المدمر، والرقم المعلوم حتى اليوم هو عشرين ألفاً، في حين ان التوقعات تشير الى أرقام اعلى، وآلاف المنكوبين بلا مأوى في درجة حرارة تصل الى حد التجمد، وأبحث عن جانب إيجابي في القصة فلا أجد. فالصور لذوي الضحايا على شاشة التلفزيون وهم في حالة ذعر. انتقلت الى محطة أخرى كانت تعرض صورا لجثث ضحايا الطائرة التي كانت تقل لبنانيين غادروا بنين متجهين لقضاء الاجازة مع اسرهم، وفي لمحة سريعة شاهدنا بعض الناجين في دمائهم فتسمرنا في مقاعدنا. تجربة البيلدا الألمانية غير قابلة للتطبيق مهما كانت الظروف، وحاولت باستعراض سريع للصحف المحلية أن اغّلب جوانب الايجاب على محتويات الصفحات فلم استطع، فماذا نقول في موضوع تهمة الإغراق الموجهة من قبل السلطات المصرية& لشركة سابك السعودية وهاهو الصديق يتهمك قبل العدو، وحالات جنون البقر في أمريكا تثير الرعب وقد تحرم نصف مراهقي ومراهقات السعودية من الهامبرغر، وتجار المواشي في تبوك يشتكون من مزاحمة الأجانب رغم قرار السعودة الصارم، وهربت من تبوك الى بريدة وهناك كان سبعيني يقتل شابا برصاصة في الرأس. وجدت ضالتي أخيرا في حفل الصندوق العقاري لتكريم فروعه المتميزة في التحصيل، وتقديم هدايا ودروع لتحفيز الموظفين على مواصلة أعمالهم، والخبر وإن كان مثيرا لذعر المقترضين، الا انه يحمل جانبا ايجابيا لغيرهم ممن ينتظرون دورهم منذ اربعة عشر عاما فقط لاغير.
&