"إيلاف" من لندن: اعترفت مصادر استخبارية مهمة في القرار البريطاني اليوم أنها تورطت في تأكيد تقارير فرضتها حكومة رئيس الوزراء توني بلير العمالية عن البرنامج العراقي في شأن أسلحة الدمار الشامل، وهي تقارير لم يكن لها أي أساس من الصحة سوى أنها معلومات "لا تتجاوز حدود الدعاية ذات الأهداف المقصودة (بروبوغاندا) ضد أي عدو محتمل".
وقال تقرير كشف النقاب عنه اليوم أن جهاز الاستخبارات السري البريطاني (إم آي 6 ) المعني بالشؤون الاستخبارية الخارجية تورط تحت ضغوطات من الحكومة العمالية حين قرر الشروع في ما يسمى عملية "تجهيز الرأي العام"، وهي عملية كانت تختص في الشأن العراقي ومهمتها اختلاق قصص إعلامية عن نظام الحكم في العراق الذي كان يقوده الرئيس السابق صدام حسين، من حيث كونه "خطرا على بريطانيا والعالم".
والتقرير الذي نشرت بعض تفاصيله صحيفة "صنداي تايمز" ذات المرجعية المعلوماتية على الساحة البريطانية سيثير قضايا كثيرة قد تطيح حكومة بلير العمالية التي تواجه الكثير من المصاعب السياسة لجهة خوضها الحرب غير المبررة ضد العراق من دون قرار شرعي من جانب الأمم المتحدة.
وقال التقرير أن الحكومة العمالية ضغطت على أجهزة الاستخبارات لكتابة تقارير تستند إلى ما قدمه رئيس طاقم الرقابة في العراق سكوت ريتر الذي قاد فريقا من 14 مراقب دولي بحثا عن أسلحة الدمار الشامل في العراق في العام 1997
وكشف التقرير أن سكوت ريتر استخدم أيضا من جانب جهاز الاستخبارات الخارجي البريطاني (إم آي 6 ) لكتابة تقارير تدعم حملة الدعاية الحكومية البريطانية ضد الحكم العراقي، مشيرا إلى أن حكومة بلير كان هدفها في تلك الأثناء إقناع الرأي العام البريطاني بمشروعية أية حرب تشن ضد العراق.
ويجيء الكشف البريطاني الاستخباري عن تطورات موضوع الأسلحة العراقية من الدمار الشامل التي لم تكتشف بعد، عشية إصدار لجنة اللورد هاتون المكلفة من جانب الحكومة البريطانية آخر قرار لها في مقتبل يناير (كانون الثاني) المقبل حول تفاصيل قضية العالم ديفيد كيلي الذي انتحر قبل شهور من بعد إفادت قدمها لهيئة الإذاعة البريطانية مشككا فيها بما تقوله السلطات الرسمية عن قدرة العراق النووية.
ويبدو أن حكومة بلير استطاعت من خلال "بوابات خلفية" من وراء ظهر أجهزة الإستخبارات تحقيق مهمة غزوها للعراق جنبا إلى جنب مع القوات الأميركية الحليفة استنادا إلى معلومات استخبارية كانت تقول أن الرئيس صدام حسين كان عازما بالفعل على تحقيق "إحراز قوة كيماوية وبيولوجية في العراق".
وما يمكن ذكره، في الختام، هو أن أهم&موقف في العملية البريطانية "استدعاء اهتمام الرأي العام" حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، هو أن دولا عديدة استدعيت للمشاركة فيها من دول التحالف المشاركة في الحرب ومن ضمنها بولندا وجنوب إفريقيا والهند وكندا واستراليا، لم تكن متأكدة من مزاعم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.
وفي الأخير، فإن معلومات صحافية بريطانية تقول أن رئيس فريق المراقبين الدوليين الدوليين ريتر كان مستعدا من جانبه للإسهام في الحملة الدولية الدعائية ضد العراق، وقالت أنه التقى بمسؤولين كبار من جهاز الاستخبارات البريطاني الخارجي للإتفاق على مشروع الدعاية المستقبلية ضد الحكم في العراق.