نصر المجالي من لندن: نعى الأردن اليوم أخطر واشد رئيس لجهاز المخابرات العامة في تاريخه الحديث محمد رسول الكيلاني الذي توفي اليوم وشيع جثمانه رسميا في مسقط رأسه في بلدة السلط الأردنية غربي العاصمة عمان.
والكيلاني وهو أحد أعمدة الحكم الأردني في عقود خلت قاد جهاز المخابرات الأردني في أوقات العسرة والضيق التي تعرض لها الكيان الأردني لهزات عنيفة من الداخل أو من الجوار من بلدان مثل سورية والعراق ومصر في عهدها الناصري إبان المد القومي الكبير الذي كان يقوده الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ضد ما كان يطلق عليها "الأنظمة الرجعية"،& وهي بالطبع الأنظمة الملكية ومنها النظام الهاشمي في عمان.
وكان محمد رسول الكيلاني المتحدر من أسرة عريقة تمتد جذورها على المغرب العربي غربا والعراق شرقا، على راس جهاز المخابرات العامة الأردني، في سنوات الستينيات والسبعينيات حيث كان الصراع على اشده بين الحكم الهاشمي والفصائل الفلسطينية التي حاولت إقامة دولة داخل المملكة الهاشمية ونادت بإسقاط الحكم الشرعي هناك كطريق وحيد لتحرير فلسطين.
ووقف محمد رسول الكيلاني بكل صلابة ضد هذا الطرح وخاض مع غيره من أجهزة الأمن والجيش معارك أطلق عليها إسم معارك "أيلول الأسود" من وجهة نظر فلسطينية انتهت بإنهاء دور المقاومة الفلسطينية على الأرض الأردنية وإلى الأبد حيث غادرت إلى لبنان لتواجه مأزقا جديدا من المعارك.
وبدا محمد رسول الكيلاني حياته ضابطا صغيرا في جهاز الشعبة السياسية التي كانت تابعة للجيش الأردني قبل تشكيل جهاز المخابرات العامة ، وبدأ نجمه بالصعود خلال المحاكمات التي جرت في أوائل الستينيات الماضية من القرن الفائت لمنفذي الاعتداء التفجيري الذي قضى على حياة رئيس الوزراء الأردني الشاب آنذاك هزاع المجالي.
وكانت أصابع الاتهام الأردنية تشير إلى دور الحكم السوري الذي كان يقوده عبد الحميد السراج في عهد الوحدة المصرية السورية بأنه كان وراء ذلك الحادث الدموي.
ومن بعد ذلك عهد إلى الكيلاني الذي حمل في سنين لاحقة رتبة الفريق بمهمات رئيسة في الحال الأردني الأمني، وصلته إلى منصب مدير المخابرات العامة، وخلال السنين التي خلت تولى الفريق الراحل مناصب وزارية مهمة منها وزارة الداخلية ثم أنه عين عضوا في مجلس الأعيان (مجلس الملك) لفترات متفاوتة، كما أنه خدم سفيرا للبلاط الهاشمي لدى البلاط الملكي السعودي في الثمانينيات.
وتخرج على يدي محمد رسول الكيلاني مدراء مخابرات عديدين في الأردن، شهد لهم بالكفاءة، ومكنهم من تولى مناصب وزارية كبيرة ومنهما اثنان توليا منصب رئيس الوزراء هما مضر بدران وأحمد عبيدات. هذا فضلا عن وزراء وسياسيين كثيرين تخرجوا من مدرسة الراحل (أبو رسول).