"إيلاف" من القاهرة: في الوقت الذي عبرت فيه مصادر دبلوماسية في القاهرة عن قلق مصري مع انطلاق قمة سرت الأفريقية التي ستناقش اليوم الجمعة وعلى مدى يومين قضية الموارد المائية في القارة الافريقية، نظراً لمطالبة بعض الدول الافريقية بمراجعة اتفاقيات تقاسم مياه النيل التي تمثل أكثر من 90% من موارد مصر المائية، فقد بدأ الرئيس المصري حسني مبارك اليوم الجمعة زيارة رسمية إلى ليبيا تستغرق يومين يشارك خلالها في القمة الاستثنائية الأولى للاتحاد الافريقي التي يحضرها رؤساء دول وحكومات اكثر من اربعين بلدا افريقياً، في مدينة سرت الليبية، وتناقش على مدى يومين عدة قضايا، منها إنشاء مجلس لحفظ الأمن والسلم وآلية للدفاع المشترك، وحل النزاعات البينية، إضافة لقضايا الزراعة والمياه والاقتصاد والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وكان قد سبق القمة اجتماع وزاري بحضور المفوّض العام للاتحاد الإفريقي عمر كوناري، ومفوّض الزراعة والاقتصاد في الاتحاد، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ومندوبي المنظمات الإقليمية والدولية المختلفة.
ويشارك في القمة رؤساء جنوب افريقيا ومصر والجزائر والسنغال ونيجيريا، وتناقش ثلاث قضايا أساسية هامة للقارة الافريقية هي الزراعة والمياه والأمن الأفريقي، فضلاً عن دراسة سبل تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية في القارة بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الضرورية وفي مقدمتها قضية الغذاء في القارة، ومن المقرر أن يصدر عن القمة "إعلان سرت" متضمناً حسم هذه القضايا.
أزمة النيل
كما تناقش القمة أيضاً نتائج اجتماعات وزراء الزراعة والمياه بأفريقيا، والتي عقدت في مدينة سرت الليبية خلال الفترة من 10 إلى 12 شباط (فبراير)، تحت لافتة : (المواجهة وتحديات تنفيذ التنمية المتكاملة والمستدامة في افريقيا)، والتي جرت مناقشة أبرز محاورها في اجتماعات وزراء الخارجية الافارقة التي عقدت في مدينة سرت الليبية قبل أيام من انطلاق القمة اليوم.
ويقول الدكتور صلاح عامر أستاذ القانون الدولي إن موضوع الموارد المائية يشكل البند الرئيسي في قمة الاتحاد الافريقي، لافتاً إلى أن هناك بعض الدول التي تأمل من مراجعة اتفاقيات 1929 الخاصة بتقاسم مياة النيل مثل تنزانيا وكينيا والتي تعتبرها مصر شأناً استراتيجياً، موضحاً أن اتفاقية 1929 والتي أبرمت من قبل بريطانيا باسم مستعمراتها في شرق افريقيا لم تزل ملزمة لكل الدول في هذه الاتفاقية ولا يمكن تغييرها لأنها مثل اتفاقيات ترسيم الحدود، وأن القاهرة حشدت خلال الفترة الماضية تأييد عدة دول لموقفها خشية اي تصعيد.
ويذكر في هذا السياق أن هذه الاتفاقية المشار إليها تمنح مصر حق النقض "الفيتو" على أي مشروع بشأن مياه نهر النيل من شأنه التأثير على منسوب مياه النيل التي تصل الى مصر، باعتبارها دولة المصب.
وقارة افريقيا التي تضم حوالى 12% من سكان العالم، تملك 9% من موارد المياه العذبة، لكنها تعاني من سوء الاستخدام ويحذر الخبراء من الخطر الذي يهددها، مؤكدين إمكانية الاستفادة من الكميات المتوفرة من المياه لمواجهة احتياجاتها التنموية اذا "استخدمت هذه الموارد بشكل أفضل"، ومن المقرر أن تبحث هذه القمة المبدأ الذي تدعو إليه مصر، وهو عدم نقل المياه الي خارج دول الاحواض والذي من أجله دعا العقيد الليبي معمر القذافي الى عقد قمة استثنائية لرؤساء وملوك دول القارة الافريقية لمناقشتها وحسمها.
واتفق وزراء الزراعة والمياه الأفارقة على ضرورة انشاء صندوق أفريقي للتنمية الزراعية برعاية الاتحاد الافريقي ووضع سياسة أفريقية مشتركة مترابطة بشأن أشكال الدعم العام للقطاع الزراعي والاهتمام بصغار المزارعين وانتاج سلع زراعية محددة لاقامة سوق زراعية مشتركة للقارة الأفريقية وتوفير الموارد اللازمة من الصندوق الأفريقي للتنمية الزراعية وتشجيع الاستثمار في انتاج الأسمدة والمدخلات الزراعية الأخرى.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية فمن المقرر أن يركز رؤساء القمة الافريقية الاستثنائية خلال لقائهم على ضرورة وضع استراتيجية والية لتنفيذ قرارات هذه القمة سواء على المستويين الحكومي والاهلي لمواجهة هذه التحديات.