"إيلاف" من الجزائر: اختتم المرشح علي بن فليس زعيم حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري، وصاحب الاغلبية البرلمانية في البرلمان، والمنافس القوي للمرشح عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الحالي والمرشح لولاية ثانية، حملته الانتخابية من ولايات تيزي وزو وبومرداس والجزائر بعد جولات مكثفة قادته الى 47 ولاية خلال الـ19 يوما من عمر الحملة الانتخابية استغلها للتقرب من المواطنين وتعريفهم ببرنامجه الانتخابي تحضيرا للموعد الحاسم.
وكان لاعلان علي بن فليس الامين العام للحزب الواحد سابقا، ورئيس الوزراء الاسبق المقال، دخول معترك الانتخابات الرئاسية في الثامن من نيسان (ابريل) الجاري، نقطة تحول في مسار الديمقراطية في الجزائر، اعادت الى الاذهان صور اولى انتخابات تعددية غداة فتح الساحة السياسية بموجب دستور 1989 الذي اقر التعددية الحزبية والاعلامية في الجزائر.
وبمرور الايام والاسابيع وتسارع وتيرة الاحداث السياسة اتضحت للعيان معالم معركة انتخابية مفتوحة على كل الاحتمالات والسيناريوهات تتجاوز الصورة النمطية لانتخابات تحسم نتائجها قبل المرور على صناديق الانتخاب .
علي بن فليس رجل القانون الذي تلقى دراسته في اكاديمية الحقوق الدولية بلاهاي عام 1968 ولبى قبلها نداء التجنيد في الحرب العربية-الاسرائيلية عام 1967 وتقلد العديد من المناصب في القضاء والمحاماة فضلا عن مساهمته في تأسيس الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان سنة 1987 وتعيينه وزيرا للعدل بداية التسعينات ورئيسا للحكومة لأزيد من ثلاثة أعوام نجح في اختطاف الاضواء وحشد الانصار من حوله خاصة بعد ظهور مايعرف بالحركة التصحيحية المحسوبة على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إذ سعى متزعموها الى تجريد بن فليس من جهاز الحزب.
وبعد نقل الخلاف الى المحاكم نجح التصحيحيون في حرمانه من الترشح باسم حزب الاغلبية البرلمانية، الامر الذي لم يقلل من عزيمته في خوض غمار الانتخابات كمرشح حر بدعم من اطارات الحزب ونوابه ومناضليه ووزرائه السابقين الذين اختاروا الالتفاف حول الامين العام سيما بعد انطلاق الحملة الانتخابية.
وكان للتجربة التي اكتسبها علي بن فليس من خلال ادارته للحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عام 1999 والانتخابات المحلية والتشريعية التي خاضها مع الحزب العتيد عام 2002 فضل كبير في انجاح حملته الانتخابية للرئاسيات التي وقف فيها الند للند امام الرئيس المترشح إذ نجح في ارباك وخلط اوراق خصمه خاصة بعد لجوئه الى سياسة التحالفات واختراق صفوف خصوم الرئيس المترشح واستمالتهم الى صفه مثل ما فعل في مجموعة العشرة، وتحالفه بعدها مع اثنين من اهم المرشحين للسباق وهما سعيد سعدي زعيم التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية البربري، والشيخ عبد الله جاب الله رئيس حركة الاصلاح الوطني الاسلامية، من اجل التنسيق لمراقبة الانتخابات والتصدي لكل محاولة للتزوير .
وجاء البرنامج الانتخابي لرئيس الحكومة الاسبق في شكل مائة التزام تتوزع على 27 محورا رئيسيا تغطي جميع المجالات الساسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعسكرية، كان حريصا على شرحها للمواطنين اثناء الحملة الانتخابية بندا بندا في جميع القرى والبلديات التي توقف عندها، وعقد خلالها تجمعات لاقت اقبالا شعبيا متميزا عدا بعض الاستفزازات التي قادها انصار الرئيس المترشح في بعض الولايات مثل ما حدث في ولاية اليزي الواقعة في اقصى الجنوب الجزائري، حيث حالت اعمال الشغب والعنف التي اندلعت من عقده التجمع الذي كان مقررا.
الا انه نجح في تهدئة انصاره والافلات من فخ الانزلاق الى العنف الذي نصبه له خصومه، كما كان الاستقبال الحار الذي حظي به في ولاية تيزي وزو اكبر المدن البربرية المناهضة لتنظيم الانتخابات الرئاسية، في اخر يوم من عمر الحملة الانتخابية مؤشرا حسب الملاحظين السياسيين على نجاحه في تعزيز حظوظه في الوصول الى عرش الرئاسة الجزائرية، باعتباره نجح في الحصول على الوعاء الانتخابي لمنطقة القبائل الذي يقدر عدد اصواته بثلاثة ملايين صوت، وبالتالي دفع المنطقة الى التصويت، وهو عكس ما كانت تراهن عليه بعض الاوساط المتنفذة في الحكم لعزل المنطقة ودفعها الى مقاطعة الانتخابات.
لويزة حنون
امرأة من حديد تسبح ضد تيار
العولمة وتؤمن بالاشتراكية بديلا

أما لويزة حنون فبدخولها معركة الرئاسيات تكون أول امرأة في المنطقة العربية تشارك في منافسة الحصول على ثقة الناخبين لاعتلاء منصب القاضي الأول في البلاد.
حنون من مواليد 7 ابريل 1954 بولاية عنابة الواقعة على بعد 750 كلم شرق الجزائر العاصمة، وسط عائلة عمالية متواضعة، حصلت على شهادة البكالوريا وتابعت دراستها العليا في القانون، وتوظفت بعد تخرجها بمطار عنابة.
بداية نضالها السياسي كان في العام 1979 إلى جانب مجموعة مستقلة من النساء الجزائريات بعيدا عن سيطرة الحزب الواحد آنذاك جبهة التحرير الوطني، ثم انتقلت إلى الجزائر العاصمة لتنضم حينها إلى المنظمة الاشتراكية للعمال (تنظيم سري)، وهو الجناح المتشدد في الفكرة الاشتراكية، المحسوب على التروتسكيين، لتعتقلها الشرطة السياسية في عام 1983 ويطلق سراحها دون محاكمة في مايو 1984، و في 1984 أصبحت أمينا عاما لجمعية المساواة في القانون بين الرجال والنساء، التي كانت تترأسها آنذاك خليدة تومي، الوزيرة الحالية للثقافة والاتصال والمنشقة عن حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية البربري، ثم في العام 1985 تحولت إلى عضوية اللجنة التي تدير رابطة حقوق الإنسان تحت إشراف المحامي عمر منور، في ظل منافسة لرابطة علي يحي عبد النور الناشئة.
واعتقلها الأمن العسكري مرة ثانية اثر أحداث أكتوبر 1988، ثم أعلنت تأسيس حزب سياسي وخرجت من عالم السرية من خلال حزب العمال، وقررت مقاطعة انتخابات ديسمبر 1991، ونددت بوقف المسار الانتخابي في يناير 1992، اثر سيطرة الجبهة الاسلامية للانقاذ باغلبية مقاعد البرلمان، وردد حينها عباسي مدني رئيس الجبهة الاسلامية للانقاذ "وجدنا الى صفنا امرأة ولم نجد ولا رجلا واحدا".
ومنذ التسعينات احتلت لويزة حنون، بعد ذلك وبشكل ملفت للانتباه، المشهد السياسي والإعلامي بدفاعها عن الحل السياسي للازمة الجزائرية وعن قضية جبهة الانقاذ التي اصبحت محظورة بقرار قضائي، وفي يناير 1995 وقعت مع الجبهات الثلاث -جبهة التحرير الوطني، وجبهة القوى الاشتراكية، والجبهة الاسلامية للانقاذ- عقد روما بعد اجتماع سانت ايجيديو في كنيس مسيحي، في يناير 1995، وتدخل البرلمان في العام 1997، وتتخذ منه منبرا لطرح ملفات المفقودين وضحايا المأساة الوطنية.
وفي رئاسيات 1999 لم تتمكن حنون من جمع توقيعات الترشح، إلا أنها أعادت الكرة في رئاسيات ابريل 2004 ودخلت المعركة الانتخابية بخطاب مزجت فيه بين العاطفة ودق ناقوس الخطر، وتطرح نفسها وبرنامج حزبها بديلا لبرامج بقية المترشحين الذين لا يختلفون بالنسبة إليها في شيء، فاغلبهم يدعوا إلى ليبرالية متوحشة، بالقضاء على القطاع العمومي، وتخصيص الشركات الكبرى، مثل سوناطراك، ونفطال وغيرها من القطاعات الاستراتيجية، وتسريح العمال، وهو ما يعني بالنسبة لها هيمنة الشركات الإمبريالية والمتعددة الجنسيات التي تعتبر مقدمة للانقضاض على الجزائر، واستباحة ثرواتها وتفكيك وحدة اراضيها مثل ما هو الشأن في العراق.
وتدعو حنون صراحة إلى مقاومة هذا الخيار وإعلان الحرب على الليبرالية والولايات المتحدة الأمريكية التي تقود معركة العولمة وهي مجرد غطاء بالنسبة لها للهيمنة الأمريكية على اقتصاديات شعوب العالم الثالث، وتعلن حنون صراحة في مهرجاناتها الانتخابية إلى رفض اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وكذا وقف مسار الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، والتوقف عن تسديد الديون الخارجية للجزائر، وتثق حنون ثقة مطلقة في إمكانية رفع التحدي وطنيا بتحقيق الاقلاع الاقتصادي دون اللجؤ إلى الخارج، فلا الاستثمارات الأجنبية بامكانها دفع عجلة الاقتصاد الوطني المتهرئ، ولا تحرير السوق الوطنية من شأنه أن يقدم حلولا لازمة البطالة والفقر للملايين من الأفواه الجائعة، وتدافع حنون عن الاشتراكية التي لا تر أنها قد أعلنت عن إفلاسها بعقر دراها في الاتحاد السوفياتي سابقا ودول اوربا الشرقيةن بل هي البديل.
*شكلوا حلفا ثلاثيا يرفض سلفا نتائج الانتخابات الجزائرية
بن فليس وجاب الله وسعدي: مؤامرة لإعلان
فوز بوتفليقة قبل انتهاء فرز أصوات الناخبين