سامي البحيري
&
&
&
لم أشاهد صدام على شاشات التليفزيون أثناء محاكمته لأننى ممتنع منذ عدة سنوات عن مشاهدة أخبار ال 24 ساعة التليفزيونية لأنها تسبب الإنزلاق الغضروفى !! ولكنى شاهدت صورته على صفحات الجرائد وعلى شاشة الإنترنت، وما لفت نظرى هو أن شعررأسه لم يكن به أى شعرة بيضاء، بعكس ذقنه (الموضبة) بعناية ويبدو بها بعض الشعر الأبيض، وتساءلت هل ما زال صدام حسين يستخدم صبغة شعره الفرنسية الشهيرة والتى تكلم عنها حلاقه السابق، وقد تخيلت المشهد التالى لتجهيز صدام للمحاكمة.
يحضر حلاقه الخصوصى (السابق) الرائد (عباس الفلاتى) ويدخل عليه فى زنزانته، وكانت لدى الحلاق تعليمات مشددة بألا يتكلم مع صدام على الإطلاق، وألا يجيب على أى سؤال من أسئلته مهما كانت تافهة، ويدور الحوار:
عباس: صباح الخير.
صدام: إزيك ياواد ياعباس، مش واجب تؤدى لى التحية العسكرية، ده أنا برضه صدام حسين رئيس العراق، ولا نسيت ياحيوان.
عباس (يمسك أعصابه): شعر ولا ذقن يا أستاذ صدام؟
صدام: أستاذ فى عينك ما تختيشيش، أنا ما زلت الرئيس يا كلب.
عباس: شعر و لا ذقن ؟
صدام (يهدأ): الأثنين.
.............
ويكاد عباس أن يقول: الأثنين إحنا قافلين !! (نكته الحلاقين المصريين الشهيرة)، ولكن المجال لا يحتمل التنكيت.
............
عباس: حاضر.
ويبدأ فى وضع فوطة الحلاقة حول رقبة صدام، وهو يتخيل آلاف الرقاب التى أطارها صدام عندما كان فى السلطة، ويبدأ فى قص شعره بالطريقة التى كان يحبها صدام فى السابق.
....
صدام: والله زمان ياعباس، ياترى أخبارك إيه؟
عباس: الحمد لله.
صدام: أنا بأسألك عن أخبارك.
عباس:.....
صدام: ياترى العراق عامل إيه من غيرى ؟
عباس:..........
صدام: وياترى الناس بتقول عنى إيه؟
عباس:......
صدام: أكيد فيه ملايين طلعت مظاهرات تطالب بإلإفراج عنى.
(عباس يقاوم بصعوبة حب الحلاقيين للرغى والكلام، ويحس أن لسانه بدأ يهرشه، ولكنه يدرك الى أنه ربما يفقد وظيفته اذا فتح فمه بالكلام، وهو يعرف تماما أن زنزانة صدام مراقبة 24 ساعة بكاميرات تليفزيونية).
......
صدام: الحيوان بوش هو السبب، كل ده من ورا أبوه بوش الكبير، أبوه كان فاكر لما خرجنى من الكويت خلاص يبقى صدام إنتهى، لكن كان عشم إبليس فى الجنة، جه إبنه وهو مصمم ياخد بتار أبوه، لكن حيروح منى فين، أنا عارف الشعب العراقى حيقوم بثورة عارمة ويفرج عنى، ساعتها حأخلص على كل الخونة والمجرمين.
عباس:......
صدام: أنت مابتتكلمش ليه يا حيوان، أنت نسيت إنك حلاق، والحلاق شغلته الكلام أكثر من الحلاقة.
عباس:......
صدام: أنا عارف، أكيد الخونة والأمريكان أعطوك تعليمات بعدم الكلام معى، أنت عارف من يوم ما قفشونى فى المخبأ، وأنا مش لا قى حد أتكلم معاه، وبعدين الحرس الأمريكان رغم إنهم طيبين إلا أنهم ما يعرفوش عربى، وإنت عارف رئيسك أستيكة فى الإنجليزى، لكن سيبك أنت يا عبس، أنت عارف لما ربنا يفرج عنى وأخرج من هنا وأرجع رئيس للعراق تانى، حأعمل وزارة مخصوصة للحلاقة، وأعملك وزير الحلاقة، إيه رأيك ؟
عباس: (يحاول أن يدارى إبتسامة).....
صدام: أنت عارف ياعبس ما حدش كان فاهمنى، حتى أولادى ما فهمونيش.
عباس:.....
صدام: أنا كان عندى آمال كبيرة للعراق، كنت آخذ الكويت وبترولها، وترجع الكويت جزء تانى من العراق زى أيام ما قبل الإنجليز، تخيل بترول الكويت على بترول العراق مع إمكانيات العراق، كنا حنكون دولة عظمى، ولو السعوديين كانوا فتحوا بقهم كنت حآخد أبار البترول بتاعتهم فى المنطقة الشرقية، لكن منه لله بوش الكبير، كنت فاكر إنه معايا، وإننا حنقسم بترول المنطقة سوا، لكن تقول إيه، أوعى تآمن لخاين أو لإبن حرام.
عباس:....
صدام: أنت عارف أنا دلوقت بأكتب رواية عظيمة، لا تقوللى نجيب محفوظ ولا غيره، وهى دى الحاجة الوحيدة اللى بتسلينى دلوقت، وكتر خيرهم الأميركان أعطونى كل الورق والأقلام والأساتيك اللى طلبتها.
......
عباس يبدو على وشك الإنتهاء ويخرج من شنطة الحلاقة علبة صبغة شعر مكتوب عليها بالفرنسية، وماأن يراها صدام حت أنفرجت أساريره.
صدام: الله يخليك ياواد ياعبس لسه فاكر الصبغة دى، الله يخليه جاك (رئيس فرنسا) كان دائما يبعث هدية مخصوص من الصبغة دى، وكان ده من ضمن برنامج النفط مقابل الدواء.
صدام (مستأنفا): بمناسبة برنامج النفط، أنا مش فاكر إذا كنت أعطيتك أى كوبونات نفط ؟
عباس: لا.
صدام: أخيرا نطقت يا فقرى، ما إنت صحيح فقرى أنا أعطيت كل الناس يمين وشمال كوبونات نفط وأنت كنت بتشوفنى مرة كل أسبوع، طيب فكرنى، على العموم كلهم طلعوا خونة، بإستثناء الجماعة بتوع الجزيرة.
عباس: تحب أحط الصبغة على الشعر والذقن ؟
صدام: لا كفايةالشعر، لأن الذقن النصف بيضاء عاملة قيمة وهيبة، والذقن دى حينبسطوا بيها الجماعات الإسلامية.
صدام (مستأنفا): ورينى الصبغة دى، أوعى يكونوا الخونة أعطوك سم عن طريق الجلد، ماأنا قريت مرة إن الروس موتوا عبد الناصر عن طريق الزيت اللى كان بيستخدمه المدلكاتى بتاعه.
صدام يفحص الصبغة ويطمئن الى أنها كانت نفس الصبغة القديمة.
............
&
ينتهى الحلاق من الحلاقة والصبغة، ويسأل صدام أخيرا
عباس: نفسك فى حاجة تانى يأستاذ صدام.
صدام: الله يخرب بيتك ما تقوليش أستاذ صدام دى تانى، وبعدين تعالى هنا، إيه حكاية:( نفسك فى حاجة تانى ) دى، دى كلمة بيقولها قبل الإعدام، هم الخونة ناويين يعدمونى ياعباس بدون محاكمة؟، أنا بس اللى كنت بأعدم من غير محاكمة!
عباس يلملم أدواته وينصرف، وهو يسمع صدام يهتف: عباس حيعملوا فيا إيه ياعباس، الله يخرب بيوتكم.
..............
&