&
جوزيف عبود- بيروت : قال السفير الاميركي في بيروت دافيد ساترفيلد ان الامم المتحدة لديها وثيقة موقعة من الرئيس اللبناني اميل لحود يعترف فيها بالخط الازرق الذي رسمته الامم المتحدة اثر الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان قبل نحو سنة، مثيرا بذلك زوبعة سياسية ضخمة,&لان الاعتراف بالخط الازرق يعني اعتراف لبنان بان مزارع شبعا لا تدخل في اطار تطبيق القرار 425 وبالتالي فان اعمال المقاومة لبنانية في هذه المنطقة غير شرعية وفق القانون الدولي وبذلك يتحمل لبنان مسؤولية اي اعتداءات من قبل اسرائيل.&
و سينظر المجتمع الدولي الى اي&اعتداء اسرائيلي&على انها دفاع مشروع عن النفس. وهكذا تتحول المقاومة من ورقة بيد لبنان الى ورقة ضده تخدم خصومه وفي طليعتهم اسرائيل. وكأن المطلوب من لبنان في ظل الضغوط عليه ان يعتمد خيارا من اثنين: اما التفريط بورقة المقاومة، واما ان تتحول المقاومة الى ورقة تستخدم ضده بتاثير الحملة الدولية بقيادة الولايات المتحدة والتي تحمل في مجملها عناوين اقتصادية.
مزارع شبعا المتنازع عليها
ولا شك ان قيام "ايلاف" الثلاثاء الماضي&بنشر وثيقة الاعتراف بالخط الازرق التي ارسلها الرئيس لحود الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان&قد بدل الكثير من المعطيات السياسية واضعف حججا يسوقها لبنان لاستمرار اعمال المقاومة ضد اسرائيل. ومن هنا يتوقع البعض ان يكون الهدوء سيد الموقف على الجبهة اللبنانية الاسرائيلية، ريثما يعيد لبنان حساباته ويقوم بحملة دبلوماسية واسعة لشرح موقفه المبدئي من النزاع المفتوح مع اسرائيل.
يقول المحلل السياسي كريم بقرادوني لـ" ايلاف" ان موقف لحود ثابت منذ بدء المفاوضات بين لبنان والمبعوث الدولي تيري رود لارسن، وهو (لحود) يصر على الانسحاب الاسرائيلي الكامل الى الحدود الدولية المعترف بها بموجب اتفاقية تمت في زمن الانتداب الفرنسي البريطاني على لبنان وفلسطين العام 1923. ويضيف ان الامم المتحدة غيرت خط الترسيم بين لبنان واسرائيل ثلاث مرات وصولا الى ما بات يعرف بالخط الازرق الذي رفضه الرئيس لحود منذ البداية. ويوضح ان رفض لبنان لهذا الخط ينطلق من انه لا يعتمد الخرائط اللبنانية حول الحدود، ولا يشمل 3 مراكز من بينها مزارع شبعا يصر لبنان على استرجاعها. ويضيف: ان التطورات اثبتت ان الرئيس لحود على حق. فمنذ بدء عمليات الترسيم تمكن لبنان من استرجاع نحو مليون متر مربع من الاراضي. فلماذا الان التنازل عن مزارع شبعا والرضوخ لتهديدات ليس لها مسوغات قانونية وتاتي بضغوط من اللوبي اليهودي الفاعل داخل الادارة الاميركية؟.
&
ويرى& بقرادوني ان لبنان ليس لديه مصلحة اطلاقا في الاعتراف بالخط الازرق وانهاء دور المقاومة قبل قيام التسوية الشاملة التي يجب ان تشمل حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والانسحاب الاسرائيلي الكامل من الجولان السورية. ويعتبر ان ان قرار لبنان بالتنسيق مع سوريا في هذه المرحلة هو القرار الصحيح لان الامم المتحدة هي التي ربطت قضية مزارع شبعا بالقرار 242 الخاص بالجولان، وبالتالي فان اي محاولة من قبل اسرائيل والولايات المتحدة لفك المسارين اللبناني السوري تكون مخالفة لما اعلنته الامم المتحدة وستؤدي الى اصطدام معها. واذا كانت اسرائيل وراء دفع الامور في هذا الاتجاه فقد وجدت نفسها في ورطة التصدي لمحور سوري لبناني اكثر تنسيقا وتماسكا في قضايا الصراع والمواجهة.
ويلخص بقرادوني موقف لبنان الذي يتبناه الرئيس لحود بالنقاط الاتية:
- الاحتفاظ بحق المقاومة لتحرير ما تبقى من ارض تحت غطاء تنفيذ القرار 425 وفي ظل وحدة وطنية شاملة.
-&ربط مسألة مزارع شبعا بمسألة الجولان حتى لا يضيع حق لبنان في حال التوصل الى تسوية تتعلق بالجولان.
-&التاكيد على ان التسوية النهائية يجب ان تشمل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم.
-& التنسيق الكامل مع الدول العربية لدعم لبنان سياسيا واقتصاديا وفق ما تقتضيه متطلبات الصراع.
لكن بقرادوني يعتبر ان تأكيد لبنان على حق المقاومة لا يعني بالضرورة المواجهة المسلحة واطلاق عمليات عسكرية واسعة في هذه المرحلة تشكل ذريعة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون للانتقام من لبنان اولا، والهروب من ازمته الداخلية مع الفلسطينيين ثانيا. ويرى ان منطق الامور في هذه الفترة تقول بضرورة التحلي بالحكمة والتعقل والمناورة قدر المستطاع حيال الضغوط المتصاعدة على لبنان ريثما تنجلي الاوضاع في اسرائيل عن فشل ذريع لشارون& في تحقيق الامن لاسرائيل، يراه بقرادوني محتما اذا ما استمرت الانتفاضة على هذه الوتيرة. فأي حرب يخوضها شارون حاليا على مستوى سوريا ولبنان ام على المستوى الاقليمي ستكون حتما لمصلحة اسرائيل وستؤدي الى "تعويم" شارون سياسيا وعسكريا من جهة، والى هدر مكاسب المقاومة اللبنانية والانتفاضة الفلسطينية من جهة اخرى.