نشرت مجلة "لونوفيل اوبسرفاتور" في عددها رقم 1903تحقيقا عن المغرب لمراسلتها ساره دانييل تحدثت فيه عن احلام الديمقراطية التي تراود المغاربة في عهد الملك محمد السادس: وجاء في التحقيق: المغرب هو وجهة الفرنسيين المفضلة. وهذا سبب اضافي لالقاء الضوء على سياسة هذا البلد لنسأل: اين آمال الديمقراطية التي جاءت بمحمد السادس الى السلطة؟ ومن هم "المستعمرون الجدد لمراكش؟
وقالت دانييل في وصفها لشخصية الملك محمد السادس: انه الملك الشاب وحامل همومهم قبل ان يكون ملكا. لقد دافع عن حرية التعبير ووقف الى جانب من حارب الفساد. لقد علقت عليه آمال ربما اكثر من اللازم من اجل انهاء عهد الاقطاع واخراج المغرب من الستار الحديدي. وقف ضد الاحزاب التي صادرت الديمقراطية باسم استقرار البلاد. الكل وقف الى جانب الملك الجديد وسياسة الاصلاح والتحديث: مدراء الشركات، مدراء الصحف، رؤساء المنظمات غير الحكومية ومنظمي الدوائر السياسية.
&تابع التحقيق: يعد سنتين على ولايته، لا تزال هذه النخبة تؤمن بملكها ولكنها لا تفهم اسباب التاخير في ارساء الديمقراطية. لا نتحلى بالصبر كثيرا عندما نكون في سن الثلاثين. كريم زاز(35 عاما) ترك منصبه الرفيع في وزارة الداخلية الفرنسية وعاد الى المغرب لتاسيس شركة تجارية. ويتحدث زاز عن العهد الذهبي في المرحلة الاولى لحكومة اليوسفي التي ضمت عناصر شابة ودينامية. ثم كانت الخيبة: لقد اتجهت هذه العناصر الى القطاع الخاص وتركت الدولة تتخبط في الفراغ. ورغم كل شيء نحن مصممون على الصمود خمس سنوات اخرى اذا اقتضى الامر، ولكن يجب ان يقال لنا اين الخلل: هل هو في موسم الجفاف؟ ام في التحضيرات لعضوية الاتحاد الاوروبي المتوقعة في 2010؟ ام في التهديد المتمثل بجارتنا الجزائر؟.
ويقول هذه التقنوقراطي المغربي اللامع عن تصوره لدور الملك وسط هذه المشكلات: ان تصريحات الملك قوية وتسير في الاتجاه الصحيح. ولكنه(الملك) يكتفي باعطاء توجيهاته الى حكومة لا تقوم بعملها. عليه ان يفرض نفسه: المغرب ليس جاهزا لملكية دستورية على غرار اسبانيا.
ويقول احد مستشاري الملك:& المطلوب مستبد متنور يفرض الديمقراطية بيد من حديد. انني اعرف الملك. هو لايحب الوسائل القمعية. واذا راجعت خطاباته العلنية تعرف اي خط يريد اتباعه. لقد تحدث عن حقوق المراة وعن الديمقراطية الداخلية للاحزاب وعن احترام حقوق المواطنين والاعتدال حيال مشكلة الصحراء الغربية. ولكن هذه "الديمقراطية الملكية" لم تمنع الحكومة من معاقبة كل من اعتبرته ضد الملكية: جرى توقيف صحافيين من التلفزيون الفرنسي وطرد مدير وكالة الصحافة الفرنسية من الرباط والمنع الؤقت لصدور ثلاث صحف مستقلة تجرأت على انتقاد مؤسسات الدولة.
ويبدو ان الشباب المغربي المتعطش للشفافية، يجد صعوبة في تقبل اشارات مناقضة للديمقراطية. ويقول احد خبراء السياسة المغربية: الدولة لا تريد المس بحقوق الانسان ولكنها لا تعرف كيف تحترمها والنتيجة هذه ضبابية في الحياة السياسية.
من صاحب القرار في القصر الملكي؟ منذ وفاة الملك الحسن الثاني اصبح النظام اكثر انفتاحا. لقد اصبح القصر الملكي في الرباط مقرا رمزيا، وتنقلت السلطة المتمثلة بالملك والحكومة بين مراكش وطنجة. وممارسة السلطة تكون عبر دوائر محورية يتراسها مقربون واصدقاء للملك. وفي القصر فان السلطة لا ترتبط برتبة او موقع. كل شهر هناك تغيير في طاقم المستشارين والمحيطين بالملك في اطار اجراءات لمنع اي خيانة محتملة. الامور كانت اكثر وضوحا في زمن الحسن الثاني. الجميع يبحث اليوم عن الرجل القوي في النظام الذي هو غير موجود اصلا. وفي الحقيقة فان القرارات تؤخذ من قبل مجموعة من الحرس القديم من مستشاري وجنرالات الحسن الثاني. الملك محمد السادس بحاجة الى هؤلاء الرجال-المفاتيح الذين ارتكز عليهم النظام السلطوي للملك الاب.
هل حقا يعتمد الملك الجديد على هؤلاء الاشخاص؟ بعض المقربين منه يرفضون هذا الطرح ويقولون انه بالنسبة الى جلالته فان الجنرالين بن سليمان والقادري المكلفين الامن الملكي والاستخبارات هما تقريبا من صلب العائلة، والملك يستقبلهما يومبا كونهما يتوليان مهمة تلقي الرسائل الواردة الى الملك من الشعب.
بالنسبة الى ابراهام سرفاتي المعارض الشهير للملك الحسن الثاني والذي استعاد جنسيته بفضل الملك الجديد، فان اكبر عقبة امام تحقيق الديمقراطية تكمن في التآلف الحاكم المكون من احزاب لا وزن لها.
وفي الحقيقة فان حكومة الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي حملت اعباء وصولها الصعب الى السلطة والذي كان بارادة ملكية وليس عن طريق الانتخاب. ومنذ يومها الاول عمل الملك السابق ووزير الداخلية ادريس البصري على تعطيل دورها، والنتيجة هذا التآلف القائم على التسويات والذي لم يفد من وصول ملك جديد الى الحكم. والمفارقة ان الملك محمد السادس يحث اليوم رئيس الوزراء على ارساء الدمقراطية في مؤسسات حزبه. ويقال ان الملك يدعم المجموعة الاشتراكية التي قاطعت اجتماع الحزب في اذار الماضي احتجاجا على نقص الشفافية. احد المعارضين لمحمد السادس، محمد حفيد(34 عاما) هو اليوم رئيس الشبيبة الاشتراكية. ومنذ 17 عاما يناضل هذا الشاب الخجول ضمن حزب رئيس الوزراء. تاريخه مشرف: عندما تم اختياره ممثلا عن الدار البيضاء في الانتخابات التشريعية لعام 1997 رفض الحضور الدائم في البرلمان، فجرى التلاعب في الانتخابات وحل محله احد الاسلاميين. ويعترف احد مستشاري الملك ويعمل في وزارة الداخلية انه جرى تضخيم حجم الاسلاميين في الجهاز الانتخابي لخلق رد فعل معاكس. ويضيف: في الحقيقة فان حزب الشيخ ياسين لم يمثل ابدا خطرا على المغرب ولكن وسائله تطورت ولا شك ان انتخابات الالفين ستكون شفافة.
&
التعليقات