الدار البيضاء: حسن عمر العلوي: استمع الشعب المغربي باهتمام بالغ للخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس ظهر&امس الاثنين 30 يوليو بمناسبة مرور سنتين على اعتلائه سدة الحكم بعد وفاة والده الحسن الثاني. ويعد هذا الخطاب الرسمي كبيان على حصيلة سنة من الإنجازات وعلى مواقف محددة تجاه قضايا تأخذ باهتمام الرأي العام المغربي محليا وعربيا ودوليا.
واتخذ الاهتمام هذه السنة طابعا استثنائيا نظرا للجو السياسي السائد والمطبوع برياح التغيير خاصة بعد الإعلان عن تعيين الولاة الجدد لمختلف مناطق المغرب قبل أربعة أيام الأمر الذي أكد أن إرادة العاهل المغربي في مسيرته نحو التغيير ناتج عن قرار سياسي مدروس ومحسوب وذي أبعاد مستقبلية واعدة.
ولن يستطيع الملاحظ المنصف إلا أن يعترف بأن حصيلة سنتين من حكم محمد السادس إيجابية رغما عن المشاكل العويصة والشائكة التي تعاني منها البلاد وهي مشاكل تراكمت سلبياتها لمسافة طويلة تقارب الأربعين سنة.
وبالفعل كانت الكلمة التي خاطب بها محمد السادس الشعب المغربي زاول هذا اليوم مركزة وعميقة وتطرقت إلى عدة محاور ولكن أهمها كان هو ما يهم صفة الملكية بالمغرب. حيث أكد أن الملكية هي ديموقراطية واجتماعية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث وصفها أنها ملكية شعبية قائلا:"العرش بالشعب والشعب بالعرش". ودعا إلى إنشاء مجتمع ديموقراطي أصيل ودولة عصرية يتحمل فيها الجميع واجباتهم ومسؤولياتهم ويتمتعون بكل حقوقهم. وأشار إلى أن مسيرة السنتين الماضيتين اعترضتها عوائق ولكن ذلك لن يعيبنا من التساؤل عن أسباب تلك العوائق والبحث المجدي لها لأن الأمر يتعلق في العمق بخلق مشروع المجتمع الديموقراطي الإنتمائي.
وأشار العاهل المغربي إلى مسألة الديموقراطية السياسية، والحريات العامة، قائلا بأن توطيد المؤسسات الديموقراطية يعني بناء الصرح الوطني المنشود.
وبالمناسبة ألح العاهل المغربي في خطابه على المسألة الانتخابية فأكد بأن الحملات الانتخابية ستكون في تواريخها المحددة حسب الدستور. لكنه، وهذا ربما يكون بيت القصيد في هذا الخطاب الملكي التاريخي، نوه بأنه يجب التفريق الحملة الانتخابية كأسلوب للعمل السياسي والخلط بين الارتجالية السياسية المبنية على "المنسوبية" مشيرا إلى أنه ضد "الفتنة الانتخابية".
وبعدما قدم العاهل المغربي أطروحات تدل على واقع تفكير لأسبقيات المشروع المشترك والمقترح لتفعيل الواقع السياسي وإيجاد وسائل ملائمة لمواجهة المشاكل المطروحة. مما يدل على أن للملك محمد السادس فلسفة للحكم عميقة وذات أبعاد.
وفي فقرة مهمة من خطاب العاهل المغربي نوه بالثقافة الأمازيغية وأشار إلى تأثيرها في الفضاء المغربي وأنها جزء من كيان السلطة في المغرب عبر التاريخ، ذكر أن هذه الثقافة المغربية ينبغي أن يكون لها حضور في برامج التدريس والتعليم.
وتضمن الخطاب الملكي المغربي عدة اقتراحات، إن لم تكن قرارات، تهم الإعلام والاتصال، وإصلاح القانون العام بتبسيط المساطر حتى يكون كل هذا عونا لصالح المواطن.
وأولى العاهل المغربي محمد السادس اهتمامات من الناحية الاقتصادية للمقاولات الصغرى والمتوسطة مؤكدا على أنها يجب أن تدبر تدبيرا عصريا.
وحول النزاع المفتعل كما ذكر العاهل المغربي في قضية الصحراء، جدد تشبث المغرب بالقرارات الدولية في هذا الشأن ذاكرا بأن من اهتماماته الأولوية تنمية الأقاليم الجنوبية.
لقد امتاز الخطاب الملكي بمناسبة مرور سنتين على تسلم محمد السادس سدة الحكم في المغرب بأنه خطاب جديد في عمقه، جديد في أسلوبه، جديد في آفاقه.