quot;المقاومة العراقية الباسلة تستهدف عمال التنظيف والزبالين لانهم شيعةquot;

هذا عنوان تقرير في الصندي تايمز اللندنية قبل اسبوع.

كتبت في أحد المقالات قبل عدة شهور عن القتل في العراق وقلت ان المقاومة التي تمارس الارهاب ضد الشعب العراقي استهدفت وقتلت فئات وشرائح كبيرة من المجتمع وشملت محاسبين وحلاقين ومعلمين وسواقين وشرطة وطوابير الباحثين عن العمل وعمال النفط وعمال الاغاثة وديبلوماسيين وفنانين وسيدات لا يلبسن الحجاب واطباء وصيادلة وصحفيين وقضاة ومحامين وضباط متقاعدين ورجال دين ورؤساء عشائر وصحفيين ومراسلين فضائيات ومراسلات وعمال بناء ومهندسين ومومسات وطلاب وطالبات واصحاب محلات تبيع الكحول والمحرمات ومترجمين ومترجمات وعمال صيانة وكهربائيين ونجارين وحدادين وممرضات ومزارعين وعمال فنادق ومدراء شركات ورجال أعمال وسماسرة وتجار شنطات وخبراء ومستشارين ومساجين ومرضى مجروحين في المستشفيات وسائقوا سيارات اسعاف ورجال اطفاء الحرائق وغيرهم من غير المقاتلين العزل من السلاح.
واستهدفت اعمال الارهاب الجامعات والمدارس والمستشفيات والافران والكنائس والمساجد ومواكب الجنازات والاعراس ومواكب الطقوس الدينية والجسور والسفارات والمنازل والحافلات والسيارات والمطاعم والمقاهي وأماكن الانتظار للعمل ومراكز تدريب الشرطة والتوظيف ومحطات الحافلات وأماكن وقوف التكسيات وأماكن العبادة الشيعية والمسيحية والمقدسات التاريخية ومحطات الكهرباء وشبكات توزيع المياه وانابيب النفط والمصافي والقنصليات ومراكز الاغاثة والبعثات الاجنبية والجمعيات الخيرية والعيادات وقافلات المواد الغذائية التي يتم توزيعها على الفقراء وابنية الوزارات والمتاحف ودور السينما وحدائق الحيوانات وملاعب الاطفال وأماكن التسلية ومحلات البقالة والصيدليات وصالونات الحلاقة وصالونات التجميل النسائية وحافلات تنقل العمال لأماكن عملهم الخ الخ.

والآن نقرأ في الصندي تايمز انهم يستهدفوا عمال التنظيف. خلال شهر آذار مارس الماضي تم اعدام 22 شيعي من عمال التنظيف وجمع القمامة ومعظمهم من الطلاب. النتيجة ان الزبالة والقمامة تتراكم في بغداد لقلة العاملين وهذه سيجلب كارثة بيئية للسكان.

فقدت أم احمد ولدين كان يعملا مؤقتا في جمع القمامة وهما احمد 21 عاما وعمار 18 عاما وهما طالبان يدرسان الهندسة وقتلا اثناء جمع القمامة في منطقة الدورا في العاصمة. وقتل والدهما اثناء غزو العراق قبل ثلاثة اعوام.
وحسب شهود عيان اقتربت سيارتان احداهما موديل أوبل والاخرى بي ام دبليو من موقع الزبالة وقام مجهولون باعدام احمد وعمار.
لا يوجد حماية حكومية لعمال التظيف ولا يتم دفع أي تعويضات لذوي الضحايا ولذلك سوف تضطر ام احمد للتسول من اجل العيش. اصبحت ارملة وفقدت ابناءها للمقاومة الباسلة (الارهاب الزرقاوي) التي يطلق عليها بعض القومجيون المقاومة الشريفة.
وقال احد جيران ام احمد معلقا هذا مصير محزن لجامعي القمامة حيث يؤدوا خدمة للمجتمع ويتم اعدامهم بكل بساطة. يقدموا خدمة حيوية للمجتمع ولا احد يساعد عوائلهم عندما يقتلوا.

وقال متمرد سني في تبرير عملية القتل quot;انهم جلبوا العقاب لانفسهم، نحن لسنا ضد النظافة، ولكن عمال التنظيف هم خونة وشيعة ونصبنا لهم كميناquot;. وقال المتمرد أنه ينتمي لمجموعة القاعدة التي يترأسها الزرقاوي في العراق وقال أيضا انquot; السنيين يموتوا يوميا على أيدي فصائل اعدام شيعية ولا أحد يهتم لهم،. وقال متمرد سني آخر انه تم زرع جواسيس بين عمال التنظيف يعملوا لحساب ميليشيات البدرquot;.

كاظم شلش 22 عاما طالب شيعي جرح عندما انفجرت قنبلة زرعت عمدا في اكوام الزبالة وقتل ابن عمه اثناء جمعهما القمامة في منطقة الشولا العام الماضي. وقال كاظم quot;ان لا احب ان اعمل في جمع القمامة ولكنها الوسيلة الوحيدة لكسب بعض النقود حتى اكمل دراستي ولأساعد عائلتي، وطلبت ان يتم نقلي لمنطقة المنصور حيث انها اقل خطراquot;.

استهداف عمال جمع القمامة جاء بعد حملة كثيفة طويلة ضد المهنيين من اطباء واكاديميين وطيارين. وهرب مئات من اصحاب العلم والفكر والادمغة للبلدان المجاورة وبذلك خسرت العراق الآلاف من خيرة العقول وهناك خوف من اندلاع حرب اهلية في العراق.

للأسف الشديد ان عددا كبيرا من مثقفي العرب لا يزالوا يعتقدوا ان المقاومة شرعية ويجب ان تستمر. لا أحد يختلف على مبدأ مقاومة الاحتلال ولكن كيف تتخلص من الاحتلال بقتل نساء واطفال وشيوخ لا علاقة لهم بالسياسة أصلا.
ولكن لماذا تستهدف المقاومة المواطن العراقي العادي ولماذا يتجنب المقاومون المواجهة الحقيقية مع الآلة العسكرية التي تحتل البلاد ولكن يذهبوا للأهداف السهلة المدنية التي لا تحمل السلاح كعمال التنظيف.
لا أفهم كيف تتخلص من الاحتلال بقتل عراقيين ابرياء. وهناك تساؤل بحاجة لايضاح وهو لماذا لم يصمد الزرقاوي ورفقاءه في الفالوجة ويستشهدوا مع اتباعهم ولكنهم هربوا لانقاذ جلد ذاتهم وتركوا آلاف من اتباعهم الساذجين ليلاقوا حتفهم. لماذا لا يذهب الزرقاوي نفسه ويفجر ذاته في دبابة. هل حياته أهم من حياة هؤلاء المغسولة دماغهم الذين يفجروا انفسهم بين ابرياء مدنيين.
واذا قرر الزرقاوي تفجير نفسه هل سيختار قافلة عسكرية أم حافلة او مدرسة اطفال؟ هل سيختار ثكنة عسكرية أو حاجز عسكري أم محل بيع سمك او محل بيع فلافل؟ الجواب معروف أنه سيختار الهدف السهل. وما دام هناك طابور الساذجين الراغبين في تفجير أنفسهم في الأهداف المدنية العراقية سيبقى الزرقاوي مختبئا كما يفعل بن لادن المختبيء في جبال الباكستان. يريدوا لغيرهم الشهادة والجنة ولكنهم يفضلوا حب البقاء.

هل هذه هي المقاومة الشريفة التي تقتل الشعب العراقي عشوائيا؟


نهاد اسماعيل

اعلامي عربي
Nehad Ismail - London