القارئ محمد القيسي لم يجانب الصواب حين وجد أن مقالي السابق حول قراء ايلاف وتعليقاتهم كان بحد ذاته تعليقا على الردود التي جاءتني اثر نشري لمقالي الذي سبقه والذي كان بعنوان:quot;ماما الاسرائيليين حليلين quot;والذي يدور حول لقاء طفلي بطفل اسرائيلي في مخيم صيفي أوروبي،وخلاصة المقال أنني تساءلت فيه وبكل نية حسنة:quot;الى أي حد اكتشاف الجانب الانساني من الطرف الآخر يخدم القضية الفلسطينية؟quot;

بالطبع لم تنشر ايلاف كل الردود التي جاءتها -احتراما منها لذائقة القارئ - لكن الردودالتي لم تنشرجاءتني على بريدي الخاص،وهي تتضمن كل ما في قاموس اللغة العربية من بذاءة وشتم من (الزنّار ونازل ) كما يقول اللبنانيون،والدعاء علي وعلى ابني،واتهامي بالخيانة والعمالة وهي عادة عربية عريقة في التعامل مع كل من يجرؤ ويخالفنا في الرأي،وان لم يخل بريدي من رسائل دعم احداها من الزميلة سلوى اللوباني في ايلاف والتي ارسلت لي تقريرا جميلا قامت به حول الموضوع نفسه.

حسنا..طالما أنني لعنت وانتهى الأمروهي (خاربة خاربة )كما تقول الأغنية الشعبيةالشهيرة،رغم أنني لم أقل ما يستحق كل هذه الحملة المسعورة
وحتى لا يكون كل هذا السباب للاشيء فلنقلها صراحة،لماذا يتم تخوين كل من يناشد السلام في حل القضية الفلسطينية؟ولماذا أصبح الموت للموت هوهدفنا وغايتنا؟وأصبح الاستشهاد غاية في حد ذاته؟ولماذا لا نتعامل بحسن نية مع من يرى أن هناك أساليب أخرى لحل القضية غير التقوقع والأحزمة الناسفة؟

لوراجعنا وبموضوعية تاريخ صراعنا العربي الاسرائيلي وتساءلنا من الذي خدم بلده وقضيته أكثر: (الوطني )جمال عبدالناصر الذي أغرق بلاده بالشعارات والهزائم وشيع في جنازته كبطل لا يشق له غبار،أم (الخائن !)أنور السادات الذي دفع حياته ثمنا( لخيانته) والتي كانت تتلخص في أنه سبق عصره واعتنق السلام كحل ونجح في اعادة كل شبر مغتصب من وطنه؟
هذا التفاوت الكبير بين الشخصين في انجازاتهم تجاه اسرائيل بالذات وتعاملنا معهم ألا يدل على خلل ما في ذهنيتنا العربية ومفهومنا (الغير شكل )للربح والخسارة والانتصاروالهزيمة؟

ثم ان اكتشاف الجانب الانساني في الطرف الآخروالذي تحدثت عنه تفرضه اليوم وسائل الاتصال المفتوحة عبر شبكة الانترنت،فهناك جيل جديد ينشأ في هذا العالم الافتراضي خارج سلطة الأهالي وأيديولوجياتهم ولن تستطيع اسرائيل أن تبني في هذا العالم الافتراضي سورا عازلا يمنع الاتصال بين الطرفين،كما نشأت فعلا مجموعات سئمت الصراع واعتنقت السلام تضم شبابا من الطرفين ودعمها بالتأكيد سيخدم القضية الفلسطينية.

هناك مقولة غربية حكيمة تقول:quot;اذا استمريت في فعل ما كنت تفعله دائما،فستظل تحصل على ما حصلت عليه دائما quot;ومنذ خمسين عاما ونحن نستخدم نفس المفردات ونفس الأسلوب ونفس الاتجاه العقلي والنفسي ولم تحقق القضية أي تقدم،بل أصبح حلمنا اليوم هو(توقيع
معاهدة سلام) بين فتح وحماس بدلا من تحقيقه مع الاسرائيليين.
لنجرب أن نغيرأسلوبنا وأدواتنا...فربما

ريم الصالح
[email protected]