سؤال يهمني شخصيا كمسلم مؤمن بدينه يحاول البحث عن اجابات حول الكثير من القضايا التي مازالت موضع نقاش وإلتباس وغموض، وخصوصا تعامل الاسلام مع المرأة من حيث النصوص، والواقع الحياتي.
بداية كمفهوم عام لدى كافة الناس من جميع الديانات.. نجد ان الناس تعطي لتأثيرات الدين على الفكروالمشاعر والسلوك حجماً هائلاً أكبر من طاقة الدين وقدرته على التأثير، فعلى العكس مما يعتقده الناس فأن الدين لايملك القوة القاهرة السحرية لتغيير كل شيء، وانما الدين مقترحات من الله تعالى من اجل حياة منظمة وعادلة يزود الانسان من خلاله بتعاليم للسيطرة على قوى الشر والانحراف من اجل ان يسود الخير الحياة.
وما يحرك افكارك الناس ومشاعرهم وخياراتهم وسلوكهم... هي مصالحهم الشخصية اولا واخيرا وليس الدين، وقد تتدخل القيم والثقافة والخوف من المجتمع والقانون وتعاليم الدين في تعديل وتهذيب اندفاعات الانسان لتحقيق مصالحه الشخصية، ولكن للأسف غالباً ما تنتصر اطماع تحقيق المصالح الشخصية على كل شيء ولهذا نجد طغيان الشر والصراعات والحروب والدماء والقتل ملأت صفحات التاريخ، فمصدر كل الشرور هو الأطماع والنزوات والرغبات الشخصية التي قد تتستر بغطاء المباديء والنضال وأرتداء أقنعة القضايا الكبرى!
هل كان بأمكان الرسول محمد الذي ولد في زمن كانت تعامل المرأة في منتهى الهمجية وتدفن في القبر وهي على قيد الحياة لغرض التخلص منها بوصفها عاراً للأسرة والعشيرة.. هل كان بمقدوره ان يحقق العدالة والمساواة للمرأة في مجتمع عشائري بدائي لايؤمن بحقوق الانسان ومباديء العدالة والحق، وكان السلطان الحاكم على تلك المجتمعات هو منطق المصالح الشخصية والعشائرية؟
مؤكد ان الأجابة ستكون بالنفي وصعوبة تغيير افكار وسلوك الرجل والمجتمع ازاء المرأة، ماذا عن النصوص القرآنية بشأن المرأة؟.. ان ما جاء في القرآن حول المرأة أخذ بنظر الاعتبار العرف وطبيعة المجتمع في زمن النزول، وهذا يدل على ان القران ترك للتطور الفكري والاجتماعي والتشريعي الدور الأكبر في تنظيم الحياة، وان أيات القرانية التشريعية كانت لفترة زمنية محددة تناسب طبيعة عصر النزول، وليس بالضرورة مناسبة وملزمة لكافة العصور.
ما يريده الله تعالى من البشر هو الايمان بالتوحيد وبوجود خالق وحيد للكون، وما يريده ايضا هو اختيار الانسان للخير ومحاربة الشر، وماعدا هذا فأن الله عزوجل ترك الحرية للعقل ولمنطق التطور التاريخي وما يحصل للافراد والمجتمعات من تحولات فكرية واجتماعية، وما يختاره البشر من اسلوب لحياتهم من نظم وقوانين تناسبهم على ألا تخرج عن نطاق مبدأ الخير ومحاربة الشر.
فعلاقات الناس محكومة بمبدأ العدالة وهو أكبر من الدين، وأوضاع المرأة المتخلفة في الدول العربية والاسلامية سببها انعدام التطور الحضاري وضعف سيادة مبدأ العدالة في صفوف هذه المجتمعات، وهذه المشكلة ليست لها علاقة بالدين حتى لوكان المتخلفين من رجال الدين والاسلاميين يتعكزون على الأيات القرانية والاحاديث النبوية لتبرير همجيتهم وجرائمهم ضد المرأة!
أخيرا.. أود ان أشير الى القراء من الديانات الأخرى غير الاسلام حينما يناقشون تخلف المجتمعات الاسلامية.. أرجو منهم من باب التحلي بالموضوعية والإبتعاد عن التعصب الديني ان يناقشوا ايضا تخلف المجتمعات في قارة دول امريكا اللاتينية مثل كوبا والبرازيل والمكسيك وكولومبيا وغيرها وايضا دول قارة أفريقيا، فالمشكلة دائما هي مشكلة تخلف اجتماعي ينتج فكر ديني متخلف أرهابي وكذلك ينتج مجتمع متخلف في كل مكان وزمان وليست محصورة بدين محدد.
خضير طاهر
التعليقات