من الرموز الأساسية للتعبير عن أي بلد أو إقليم ضمن سيادة الدولة الواحدة، وجود علم وشعار واحد كتعبير رمزي عن السيادة والكيان السياسي للأمة والشعب، وضمن هذا السياق نجد أن للدول والأقاليم الفيدرالية أعلام ورموز موحدة ومعبرة بشكل وتصميم واحد، ونعلم جميعا ان أعلام الدول أخذت معاني سيادية سياسية كتعبير رمزي موحد عن نفسها وعن كيانها، وساحات الرياضة والمعارض والفعاليات الثقافية وغيرها تشهد هذا الواقع بمساحة كبيرة للتعرف على الدول المشاركة أو الفائزة بالمسابقات، ولكن الذي يعنينا هو الشعار الرسمي الذي يتخذ تعبيرا عن السلطة ان كانت الدولة المعنية ديمقراطيا أو غير ديمقراطي، ومثالنا على هذا شعار نسر صلاح الدين الذي أتخذ منه شعارا لكثير من الدول العربية تعبيرا عن سلطة النظام ان كان النظام جمهوريا أو غير جمهوري، كما هو الحال في العراق ومصر واليمن وسوريا وليبيا، وشعارات بأشكال أخرى لكل الدول والأقاليم في العالم معبرة عن رمز معين ممثل للشعب أو الأمة.
والمعلوم أن شعار العراق الاتحادي هو نسر بلون أسود للتعبير عن جمهورية سلطة النظام في البلاد، ولا زال العلم والشعار على حالهما بالرغم من تغيير النظام وتحوله الى دولة دستورية ديمقراطية برلمانية اتحادية كما هو مقرر في الدستور العراقي الدائم، وبرغم من محاولة تغيير العلم القديم في فترة مجلس الحكم العراقي ألا أنه لم يفلح في الإقرار بعلم جديد كما نص عليه الدستور العراقي الجديد، ولكن فيما يخص الشعار فلم يطرأ عليه أي تغيير لحد الآن وهو المعمول به على نطاق المؤسسات الرسمية للسلطة العراقية.
ولكن ما يهمنا في هذا الجانب هو الشعار المقرر رسميا في إقليم كردستان العراق، حيث نجد شعارين رسميين أحدهما يمثل الرئاسة والآخر يمثل حكومة الإقليم، وللبرلمان شعاره الخاص بالمجلس الوطني الكردستاني، والشعارين فيهما نسرين بشكلين مختلفين للتعبير عن رمز واحد للكيان الكردستاني، ولا شك أن هذا الأمر فيه لبس وفيه تعددية غير مقبولة من الناحية السياسية ومن ناحية توثيق الأوراق الرسمية للرئاسة والحكومة والوزارات بشعار واحد، لهذا لابد أن نقر أنه من الغرابة أن نجد شعارين لتمثيل الكيان الفيدرالي الرسمي للإقليم ضمن سيادة الدولة العراقية، فلا يعقل وجود شعارين مختلفين لرمز واحد للتعبير عن دولة الإقليم الفيدرالي ضمن السيادة الدستورية، ولا شك أن وجود هذا الأمر إن دل على شي فهو يدل على انقسام السلطة في إدارة الإقليم باستقلالية تامة وهي الرئاسة والحكومة عن بعضهما وهما يمثلان السلطة التنفيذية في كردستان، وهذا غير مسموح دستوريا لأنهما مصدرين رئيسين لسلطة واحدة فلا يعقل استقلال أحدهما عن الآخر الا ضمن صلاحيات مقرة بها تشريعيا بقوانين صادرة من البرلمان استنادا الى بنود في الدستور الدائم للعراق الاتحادي، لهذا نجد ان وجود شعارين للإقليم أمر لا يمكن القبول به لأنه مسألة قد تكون غير دستورية وغير قانونية، فالشعار يجب أن يكون واحدا للتعبير عن رمز واحد وهو فيدرالية الإقليم ضمن السيادة العراقية، ولا أعتقد ان هذا الأمر موجود في الدول التي تتمتع بالنظام الفيدرالي كاندونيسيا والفلبين والهند وفي غيرها من الدول الديمقراطية الاتحادية في العالم، ولا ندري كيف أتخذ هذا الأمر على مستوى الرئاسة والحكومة في الإقليم، لأنه لا يمكن الفصل بين الاثنين فكل واحد منهما مكمل للآخر لتمثيل السلطة التنفيذية ضمن إطار دستوري مقرر به على مستوى البرلمان وعلى مستوى الدولة العراقية الاتحادية، ولا يعقل أن تكون القادة والسياسيين والمستشارين والخبراء في رئاسة وحكومة الإقليم بهذا الفهم القصير لتمثيل الرمز الرسمي الواحد بشعارين مختلفين للتعبير عن فيدرالية الإقليم.
لهذا نجد ضرورة التأكيد على الرئاسة والحكومة في كردستان العراق، بان هذه الإشكالية في اتخاذ شعارين كتعبير رمزي عن الإقليم لا بد من تصحيحها وتبديلها بشعار واحد للتعبير عن الكيان الكردستاني الفيدرالي، لكي يكون التعبير صادقا في التعبير والتمثيل الواحد عن شعب ناضل بكفاح مرير لنيل الحقوق السياسية والقومية والإنسانية والمواطنة الصحيحة للعراقيين والكردستانيين، ومن هذا الباب نقترح أن لا يدخل العلم الكردستاني ضمن تصميم الشعار الجديد إذا أخذ بمضمون هذا المقال من قبل المسؤولين في الرئاسة والحكومة، لان العلم متفق عليه وهو يمثل ويرمز بألوان زاهية هادئة عن كيان إقليم كردستان ولا حاجة لإدخاله في الشعار كما هو موجود في تصميم الشعار الممثل للرئاسة، ويفضل أن يكون خاليا من الكتابة والتاريخ كما هو معمول به في أكثر بلدان وأقاليم العالم، ونرجو أن لا يفهم هذا الأمر المطروح بسوء نية من قبل المسؤولين في الإقليم لأن مسألة وجود شعارين تعبيرا لرمز واحد أمر لا يمكن استساغته رغم أن الشعارين الموجودين فيهما الكثير من التكرار والقليل من الاختلاف كما أسلفنا فالأفضل توحيدهما بشعار واحد أو الإعلان عن تصميم أخر لاتخاذه كرمز واحد للإقليم.
د.جرجيس كوليزادة
[email protected]
التعليقات