بتضادها تعرف الأشياء. بمعنى أن التباين بين جوهرين يظهر الفارق بينهما بطريقة كفيلة بإدراك كلاهما بطريقة أدق. ومن أوضح التضاد مثلا الليل والنهار، والأبيض والأسود... ويمكن أن ترسل أمثلة لا تنتهى فى كيفية أن التضاد يساعد كثيرا فى توضيح كنه الأشياء، تستطيع أن تقارن بين الذكاء والغباء والتقدم والتخلف والحرية والتقييد والغنى والفقر والتعليم والجهل وهكذا إلى ما لا نهاية... وهذه الطريقة فى التعريف مطلوبة لذوى الإدراك المحدود بأكثر كثيرا من ذوى العقول الراجحة والذين لهم قدرة على التجريد وإدراك الغير منظور، ولذلك فطريقة المقارنة للتعريف بالأفكار ضرورية للأطفال فى سنينهم الأولى وحتى تكبر مداركهم العقلية...
وطريقة التعريف بالمقارنات ضرورية أيضا وبالأكثر لمن يعانون معاناة فردية أو جماعية لفقر فى الفكر والإدراك من البالغين ولو كانوا كثرة شعبية ضاق عليهم سبيل الإدراك لجهل مقيم أو لسيطرة فكرة متخلف عليهم، أو لتعرضهم لعملية تلويث منهجى للوعى والإدراك، وقد تعرض الألمان حديثا ndash; وهم من هم- لعملية تلويث فكرى من النازية حتى أن المراقب ليتعجب كيف لشعب متقدم راقى عبقرى كالشعب الألمانى يصدق فعلا أن عنصره وجنسه أرقى من غيره من الأمم!
وأحيانا تستعمل طريقة المقارنات بشكل غير حصيف حتى أنه يدل أو يؤكد غير المقصود.. وهذه تكون ليست طريقة للتعريف بل للتجهيل والتشتيت سواء كانت مقصودة أم غير مقصودة... فمثلا عندما يرى أحدا أن القانون الوضعى فى مصر يعطى الأقليات حقوقا لو طبقت الشريعة ما حصلوا عليها، فالمتلقى هنا يقع فى حيرة... هل يريد الكاتب مثلا أن يقول أن القانون الوضعى أفضل من الشريعة؟ أو أنه متقدم كثيرا عنها فى مجال إقرار حقوق الأقليات؟ وهل الكاتب فى هذه الحالة يدافع عن الشريعة أم يهاجمها ويصفها بأنها عنصرية!؟
وعندما يكون تأكيد النصر الإلهى ودليله هو أن المقاومة اللبنانية صمدت أكثر من شهر بالمقارنة مع الجيوش العربية التى خسرت حروبها مع إسرائيل فى أقل من تلك المدة... فهل خسارة فريق كرة مثلا ستة لواحد يجعل الخسارة نصرا إلهيا لأن كثيرون خلافه خسروا ثمانية لصفر؟ وهل عفة نفس عبد الناصر مثلا كافية لعبادته لأنه لم يسرق فى حين أن غيره من حكام جمهوريات الموز العربية كلهم ndash; إلا واحدا فقط!- سرقوا أوطانهم؟
من أجمل الكلمات:quot;ماحاججت عاقلا إلا وغلبته، وماحاججنى أحمق إلا وغلبنىquot;
عادل حزين
نيويورك
[email protected]
التعليقات