بدأ الاسلام السياسي في کوردستان عمله بين الاوساط الاجتماعية الکوردية الکادحة أساساquot;بداية التسعينياتquot; بإستغلال أوضاعها المادية السيئة من خلال تقديم مساعدات مادية لها کانت في واقع أمرها أشبه بمصائد و أفخاخ لجر أقدام تلك العوائل المحتاجة الى فلك سياسي ـ عقائدي ليس بالامکان الفکاك منه بسهولة. وهنا لست أشير للحرکة الاسلامية الکوردستانية التي صنعت بأيادي إيرانية و کانت جل أهدافها و برامجها تجسسية إستخبارية لخدمة الاهداف الايرانية، ذلك أن هذه الحرکة لم تتمکن أبدا من کسب قطاعات واسعة وإنما ظل نشاطها محدودا في المناطق الحدودية وبين الاوساط العشائرية تحديدا وقد تقوقعت أخيرا حتى باتت أشبه بتجمع عشائري متخلف. لکن نشوء الاتحاد الاسلامي الکوردستاني في بداية التسعينيات و ذلك النشاط(الثقافي ـ الاقتصادي ـ السياسي)المبرمج بين الاوساط الکوردية الکادحة و محاولاته الدؤوبة لکسب وquot;خلقquot;تيار من المثقفين الموالين له عبر إعلام خاص به يمتد من الصحيفة و ينتهي بالقناة التلفزيونية ويضاف الى ذلك کوادر هذا الحزب من الجنسين واللذان کانا ينشطان بشکل غير عادي بين مختلف الاوساط الاجتماعية حتى إنهم تمکنوا من سحب البساط من تحت أقدام الحزبين الرئيسيين في العديد من المدن و المناطق. هذا الحزب تمکن بذکاء و بحذاقة من اللعب على حبال الصراع الحزبي في کوردستان مثلما تمکن من إدافة شئ من الاماني و الطموحات القوميةquot;المحدودةquot;في برامجه السياسيةquot;التکتيکيةquot; وتبعا لذلك إستطاع من إيجاد موطأ قدم إتسع شيئا فشيئا حتى وقف على قدميه و صار يتکلم بلغةquot;الندquot;للحزبين الرئيسيين وليس هذا فحسب وإنما بات يطرح برامج و مشاريع سياسية مضادة تماما للتوجهات القومية في الاقليم.


الاتحاد الاسلامي الکوردستاني، الذي کان معظم المثقفين الکورد ينظرون إليه ومنذ بداية نشوئه و عمله بعين الارتياب، بدأ أخيرا ينضو عنه تلك الاسمال التي حجب من خلالها الانظار عن ماهيته الحقيقية و طفق يمارس اللعبة کورقة ضغط تتبع دوائر محددة مختلفة الاتجاهات و الرؤى لکنها تلتقي جميعها عند نقطة رفض المطالب المشروعة للشعب الکوردي. وقد جاءت مشارکته الاخيرة في مؤتمرquot;القاهرةquot;الى جانب أحزاب و تنظيمات عراقية لاتخفي أبدا رفضها لآمال و طموحات الشعب الکوردي بل ولجل العملية السياسية الحاصلة في العراق بمثابة إعلان براءته الکاملة من کلquot;إدعاءاتهquot; السابقة بخصوص حقوق الشعب الکوردي، وإن مجرد جلوس ممثل الاتحاد الاسلامي الى جانب ممثلquot;الجبهة الترکمانيةquot;يحمل في طياته معاني بليغة ترقى الى مستوى البديهيات التي تطغي على تلك المعاذير التي حاول المکتب السياسي للحزب المذکور تسويقهquot;نفاقاquot;للجماهير الکوردية بخصوص مشارکته في مؤتمر القاهرة.


لقد لعب هذا الحزب دورا قد لانغالي إنه يصل الى مستوى الخط الاحمر فيما يتعلق بالوضع السياسي لإقليم کوردستان بوجه خاص و العملية السياسية الجارية في العراق عموما، ولطالما بعث ممثليهquot;خلسةquot;أوquot;جهاراquot; الى هذه العاصمة أو تلك للمشارکة في مؤتمرات يکاد أن يکون خطها الاساسي الذي ترتکز عليه معادات التجربة السياسية الکوردستانية ولطالما توفق هذا الحزب وبطريقة نفاقية تمرس بها في تسويق الحجج و المعاذير على تلك المشارکة وسعى للإبقاء علىquot;طلائهquot;القوميquot;المزيف للنخاعquot;أمام الجماهير الکوردية.
من حق أي تنظيم سياسي أن يختط لنفسه شرعة و منهاجا سياسيا و فکريا محددا واضحا لالبس أو غبار عليه، لکن الذي لاحق فيه هو أن تکون شرعة و منهاج حزب معين تتمطط و تتقلص و تتوسع تبعا للأوضاع السائدة التي تحيط به کما کان الحال بالبنسبة للاتحاد الاسلامي الکوردستاني الذي يبدو إنه بات يئن من وطأة الکلمة الاخيرة الملحقة بإسمه.

نزار جاف
[email protected]