لعل أولى المسائل التي يجب أن تثير في الإنسان المخلص لقضية الإنسانية العامة المرتكزة عموماً على تحرير الطبقة العاملة أعمق مشاعر الحزن هي أن يكتشف أخيراً أن الأحزاب الشيوعية في طول العالم وعرضه كانت تعمل بدون نظرية خاصة وأن هذه الكتلة التاريخية التي لم يسبق لها نظير كانت تفاخر الآخرين على الدوام بنظريتها الطليعية الرائدة وهي الماركسية. وهنا لا بدّ وأن يتذكر المرء تنديد لينين بخيانة أحزاب الأممية الثانية لقضية الطبقة العاملة ملاحظاً بحق.. quot; لقد قتلوا ماركس خنقاً في غرفة مليئة بالزهور محكمة الإغلاق quot;. يحزن المرء وهو يرى جميع الأحزاب الشيوعية تقريباً تتخلى نهائياً عن مفهوم quot; دكتاتورية البروليتاريا quot; على الرغـم من أنه مفهوم أساسـي في الماركسية، بل تهاجمه وتستنكره بأقذع العبارات وتسخر منه! الحزن العميق يتأتّى ليس من وعي هذه الأحزاب بما تتفوه به، وإلا لكان الأمر بكل بساطة خيانة مفضوحة، بل مما هو عكس ذلك، من جهلها به وهو ما يثبت مرة أخرى أن هذه الأحزاب كانت وما زالت تعمل بلا نظرية بالرغم من أن مؤسسها، لينين، كان يؤكد باستمرار على أهمية النظرية في العمل الشيوعي حتى ليمكن القول أن اللينينية إنْ هي إلاّ التمسك الواعي بالنظرية الماركسية والدفاع عنها بوجه خصومها الكثر وخاصة منهم أشباه وأنصاف الماركسيين من مثل قادة الأممية الثانية واشتراكيي البورجوازية الوضيعة.
لو كانت الأحزاب الشيوعية تتمسك بالنظرية وتدافع عنها حتى النهاية لما انزلقت كما هي اليوم إلى مواقع أعداء الشيوعية وأعداء الإنسانية الذين يرفضون دكتاتورية البروليتاريا عن وعي تام بها في الغالب لأنها الآليه الوحيدة التي من شأنها أن تخلص البشرية مرة واحدة وإلى الأبد من لعنة المجتمعات الطبقية. ما يثير السخرية حقاً في هذا السياق هو أن الشيوعيين الذين نبذوا دكتاتورية البروليتاريا ما زالوا يعلنون أنفسهم شيوعيين أو إشتراكيين الأمر الذي يؤكد مرة ثالثة على فقدان هؤلاء أي تماس مع النظرية الماركسية. ألا يعلم هؤلاء بأن الإشتراكية هي دكتاتورية البروليتاريا دون زيادة أو نقصـان!! هـم يـظنون الإشتراكية نـظاماً إجتماعياً ونظام إنتاج ومثل هذا الظن لا يداخل إلاّ المخيلة المريضة للبورجـوازية الوضيعة وهو لا يثير السخرية فقط بل والضحك أيضاً.
الإشـتراكية حسب التحـليل العلمي الدقـيق الذي انتهجته الماركسية هـي quot; اللانـظام quot; أو بعبارة واضحـة هي غـياب كل نظام للإنتاج أو الأحرى تغييبه. ولـذلك حددها ماركس بالقـول إنها.. quot; فـترة عـبور سياسـي quot; وبالإنجليزيـة Transition Period Political أي أن الإشتراكية مجرد عـبور وليس مرحلة إجتماعية مستقرة، إنها عبور من مرحلة تاريخية إلى مرحلة تاريخية تالية وهذا العبور لا يستغرق إلاّ فترةً، والفترة بقياس الزمن أقصر من مرحلة وأقصر من عصر ويعتمد طولها على درجة تطور المجتمع فيما قبل الإشتراكية لكن يجب ألاّ تمتد لأكـثر من جيل أو جيلين دون أن تقطعها الحروب. ووصفه العبور بالسياسي يعني أن لا يُـقام خلاله أي نظام للإنتاج. وبتعبير آخر حدد ماركس الإشتراكية بأنها.. quot; فترة تحويل ثوري من حالة إلى أخرى quot;. إذاً الإشتراكية ليست أكثر من عملية تحويل تنتهي بانتهاء العملية، هي تنفي الحالة الأولى التي هي الرأسمالية لتحل محلها الحالة الثانية التي هي الشيوعية. أما لينين فقد حدد معنىً مباشراً للإشتراكية قائلاً.. quot; الإشتراكية إنما هي محو الطبقات quot;. ومحو الطبقات يعني مباشرة إلغاء علاقات الإنتاج بمختلف أشكالها دون إقامة علاقات إنتاج بديلة ليقوم تبعاً لذلك مجتمع بلا طبقات.
في الحقيقـة لا يمكن فهم دكـتاتورية البروليتاريا معزولـة عن مفهومي الإشتركية والدولة وهما مفهومان أساسيان أيضاً في الماركسية. تترابط هذه المفاهيم الثلاثة ترابطاً عضوياً بحيث لا تكون أية مقاربة لأحدها مكتملة دون التعرض بصورة وافية للمفهومين الآخرين.
تخاتل البورجوازية الوضيعة من خلال طلائعييها المفكرين والكتاب فتدّعي بأنها ستقيم علاقات إنتاج جديدة تفصّلها على مقاسها تسميها quot; إشتراكية quot;. لكن سرعان ما تنكشف بصورة مفضوحة هذه المخاتلة البورجوازية الوضيعة حين يُطلب إليها شرح وتفصيل علاقات الإنتاج في اشتراكيتها المزعومة وتحديد المعادلات التي ستحكم هذه العلاقات على صعيد الأجور والأسعار وملكية أدوات الإنتاج. وبالطبع فإن أية مـعادلات كهذه لا بـدّ أن تـكون من تركيب السلطة الحاكمة. والسلطة لا تشتق معادلات إلاّ من قماشتها ولا يمكن إلاّ أن يكون لكل سلطة قماشتها الطبقية أللهمَ إلاّ إذا كانت مصنعة في مختبر هندسة الجينات كيما تكون حيادية علماً بأن بناء الإشتراكية يتطلب قبل كل شيء سلطة منحازة وليست حيادية. ولما كان الموضوع يتعلق ببناء الإشتراكية فإن النزاع على السلطة في هذا الإطار ينحصر بين طبقتين لا ثالث لهما وهما البروليتاريا والبورجوازية الوضيعة طالما أن الرأسماليين هم دائماً خارج موضوع الإشتراكية. فإذا كانت السلطة بيد البورجوازية الوضيعة فإنها لن توظف فائض العمل المتحقق في توسيع وتعميق أسلوب الإنتاج البروليتاري بل في تعميم إنتاجها الفردي والعكس صحيح أيضاً بالنسبة للبروليتاريا. أما توظيف فائض العمل في تعميم الإنتاج الفردي البورجوازي فإن ذلك لا يشكل فقط سدّاً منيعاً على طريق الإشتراكية بل أيضاً تراجعاً عاماً في التنمية وفي مجمل الإنتاج الوطني. وفي حالة تقاسم الطبقتين للسلطة وهو صعب الحدوث فسوف لن ينتج عن ذلك إلاّ إعادة إنتاج صورة السلطة على أرض الواقع وعدم حدوث أية تغيّرات نوعية في بنية المجتمع وهو ما تقتضيه الإشتراكية. الدولة الوحيدة القادرة على فصل الرباط بين السلعة والقيمة، الرباط الذي يشكل جوهر النظام الرأسمالي، هي دكتاتورية البروليتاريا ويعتبر هذا الفصل أمضى الأسلحة في بناء الإشتراكية. أما البورجوازية التي تبني كيانها المادي والروحي على تقسيم العمل وقانون القيمة الرأسمالي وهو أول وأهم قانون لديها فسوف تحافظ بدون شك أو تردد على هذا الرباط المقدس بين السلعة وقيمتها التبادلية. إن أي مجتمع يقوم على تقسيم العمل وقانون القيمة هو دون شك مجتمع رأسمالي بغض النظر عن أي وصف آخر. لقد أثبت التاريخ أن البورجوازية الوضيعة في السلطة معتمدة على تقسيم العمل وقانون القيمة لم تبنِ ورغماً عنها إلاّ الرأسمالية بكل بشاعتها. لقد تمّ ذلك من خلال الثورات البورجوازية في أوروبا قبل قرنين أو أقل. ويجب ألاّ يغيب عن البال في هذا السياق الروح الخيانية لدى البورجوازية الوضيعة فهي وبحكم هشاشتها الناجمة عن الطرز العديدة لإنتاجها الفردي الطبقة الوحيدة التي تخون طبقتها. فالقطاع البورجوازي في السلطة سرعان ما ينشق عن طبقته ليستأثر هو وحده بما يتجمع لديه من فائض العمل ؛ ينفقه على نزواته الفاسدة فيمنعه بالتالي على تنمية طبقته التي دفعته للسلطة ويتحقق بذلك رأسمالية الدولة الفاسدة.
دولتان فقط لديهما الإستعداد البنيوي بسبب طبيعتهما الطبقية للقيام بتوظيف فائض القيمة أو فائض العمل في تعميم وتعميق أسلوب الإنتاج البروليتاري وهما دولة الرأسمالية ودولة العـمال. تـقومان بذلك ليس من باب الأمانـة والشعور بالمسؤولية تجـاه المجتمع وتطوره بل من باب ما سماه هيجل التأكيد على الـذات أو الإعـتراف بها (Self Recognition) وما سـماه ماركس الصراع الطبقـي (Class Struggle ) هذا الصراع الذي يتمثل قبل كل شيء في تعميم نمط الإنتاج الخاص بالطبقة وهـو ما يؤدي في النهاية إلى إلغاء أنماط الإنتاج الأخرى وبالتالي إلغاء الطبقات المتعلقة بها والمعتاشة عليها. أما الدولة الرأسمالية فوظيفتها العامة هي توفير المناخ الوطني والدولي الملائمين للنمو الطبيعي لنظامها الرأسمالي والذي يظهر بخاصية التوسع الرأسمالية(Expansion) مع ما يرافقها من فوضى في الإنتاج وإنتاج العسكرة والحرب وأزمات الكساد الدورية وتعظيم ربح الرأسماليين من خلال استغلال سائر أفراد المجتمع بتحويلهم إلى عمال أجراء لديهم. أما دولة العمال فتقوم بذات الوظيفة تقريباً لكن مع إلغاء طبقة الرأسماليين لينتهي معها كل أنواع الإستغلال وإنتاج العسكرة والحرب وأزمات الكساد ولا تنتهي وظيفتها قبل أن تلغي الطبقة العاملـة نفسها، ومع تلاشي البروليتاريا تتلاشـى الدولة أيضاً. هكذا تـكون quot; فترة العبور السياسي quot; بتعبير ماركس، وهكذا يكون quot; محو الطبقات quot; بتعبير لينين، وهكذا تكون الإشتراكية. وهكذا يمكن القول بكل ثقة أن الإشتراكية تعني حصراً إلـغاءً تاماً لكل علاقات الإنـتاج القائمة وبدون إقامة أية علاقات جديـدة أو بديلة. وهـذا ما يـفضح بصورة صارخة ومكشوفة كل دعـاوى البورجوازية الوضيعة حول إقامة مجتمع إشتراكي، إشتراكي تتواجد فيه أكثر من طبقة!!
الإشتراكية والطبقية أمران متعارضان تماماً فكيف يمكن الجمع بينهما كما تتوهم البورجوازية الوضيعة؟؟ المفهوم العلمي الماركسي للإشتراكية يتحدى كل طلائعي البورجوازية الوضيعة من أدعياء الإشتراكية في أن يقدموا أي تصور معقول لعلاقات إنتاج ثابتة ومستقرة يمكن أن توصف بالإشتراكية. الذين منهم تنكبوا لمثل هذه المهمة المستحيلة لم يجدوا ما يتحدثون عنه سوى أمرين ـ أولهما هو الإصلاح الزراعي الذي لا يعني أكثر من توزيع الحيازات الزراعية الكبيرة على فقراء الفلاحين. وقد ثبت مراراً أن مثل هذا الإجراء لا ينطوي إلاّ على تراجع كبير في حصة الزراعة من مجـمل الإنتاج القومي. وثانيهما هو تأميم الصناعات الكبيرة وحتى أحياناً الصناعات الصغيرة. وهذا يعني فعلياً وقانونياً أيضاً إستبدال طبقة الرأسماليين بالدولة أي أن تصبح الدولة الرأسمالي الوحيد في المجتمع. وفي هذا السياق يقع عامة السياسيين والكتاب وأدعياء الإشتراكية في خـطأ فادح إذ يطلقون عـلى هذا القـطاع الصناعي المصادر من قبل الدولة إسـم quot; القطاع العام quot; وهو ما يعني أنه يخص عموم أفراد المجتمع في الوقت الذي لا تمثل الدولة إلاّ قطاعاً ضيقاً من المجتمع أو الأغلب أنها لا تمثل إلاّ نفسها. وبذلك لا يكون القطاع المؤمم قطاعاً خاصاً فقط بل يتحول أيضاً إلى أداة قمع إضافية وأكثر فاعلية بيد الدولة لا تقمع به الطبقة العاملة فقط عن طريق استغلالها بل وكل الطبقات الأخرى أيضاً. لقد ثبت عملياً وفي جميع الحالات أن إجراءات التأميم التي تقوم بها دولة البورجوازية الوضيعة أو دولة الدائرة المغلقة أو العصابة أنها لا تفيد إلاّ في عزل الدولة عن سائر المنتجـين وفي تحويلها إلى جـهاز بيروقراطي ينخره الفساد الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تدمير الصناعات الوطنية. ليس في جعبة الإشتراكيين المزعومين من طلائعيي البورجوازية الوضيعة أكثر من هذين الأمرين يتحدثون بهما عن الإشتراكية في حين أنه ليس فيهما أي شيء يبرر حرفاً من حروف الإشتراكية. كيف يمكن وصفهما بالإشتراكية وهما في حقيقة الأمر عقبتان صعبتان على طريق التنمية، بل وسبب مباشر للتراجع الإقتصادي.
ربََ من يقول من هؤلاء أن إشتراكيتهم ليست أكثر من العدالة الإجتماعية. لكن أين هي العدالة الإجتماعية في تفتيت الحيازات الزراعية الكبيرة ومصادرة الدولة لمشاريع الرأسماليين؟ في الحيازات الكبيرة تجري العملية الزراعية وفـق الوسائل والأنظمة المحدّثة سواء على مستوى الآلات والمعدات أو الأسمدة والبذور مما يجعل إنتاجها أضعافه في حالة التفتيت. فهل توزيع الشحّ على فقراء الفلاحين هو عدالـة إجتماعية؟ وأية عدالـة في توزيع فائض الإنتاج الصناعي عـلى محاسيب الدولة وأزلامـها بدل أن كان الرأسـماليون يوظفونه في التمدد الصناعي(Expansion) الذي هو أخص خـصائص الرأسمالية؟
ثم هب أن العدالة الإجتماعية ـ وهي وهم بورجوازي كاذب في جميع حالاتها ـ تتحقق فعلاً من خلال هذين الإجراءين فكيف يؤتى ب(الدولة العادلة) التي عليها أن تحافظ على العدالة باستمرار ومن أين؟ فالدولة وهي من إفرازات المجتمع ومركباته لا بدّ لها أن تحمل جميع خصائص المجتمع ومنها خاصيّة الطبقية التي ليس من طبيعتها العدل أوالتعادل إطلاقاً. لا يمكن لأية سلطة أن تحافظ على الدوام على ميزان العدل باسـتواء تام إلاّ إذا كانت من صناعة مختبرات الهندسة الجينية وتحمل في صبغاتها الوراثية جين العدل!!
الإشتراكيون الماركسيون والإشتراكيون البورجوازيون يتفقون على أن النظام الرأسمالي نظام بشع وإجرامي. لكن على الإشتراكيين البورجوازيين ألاّ ينسوا بل وأن يعترفوا أن كل بشاعة وإجرام الرأسمالية إنما تنبعث أولاً وأخيراً من خصوبتها. فالإستغلال والإمبريالية والحروب التي تتجسد فيها كل بشاعة وإجرام الرأسمالية فإنما هي في التحليل الأخير ليست إلاّ فائض إنتاج. مثل هذه الحقيقة يجب أن تسكب الماء البارد على السحن المسعرة لاشتراكيي البورجوازية الوضيعة حيث أن مجتمعهم ( الإشتراكي ) هو مجتمع الشحّ والفساد.
الإشتراكيون البورجوازيون لا ينظرون عادة إلى ما هو أبعد من أنوفهم أو الأحرى لا يرغبون في النظر إلى أبعد منها. لم يسألوا أنفسهم عمّا وراء مجتمعهم العادل. هم أقاموا علاقات إنتاج بورجوازية بين الفلاحين الفقراء وسكان المدن، وعلاقات إنتاج رأسمالية بين الدولة والعمال، فماذا بعد؟ لم يسألوا أنفسهم هذا السؤال الفيصلي الحاسم. فهل من المتعيّن أن تبقى هذه العلاقات خالدة أبد الدهر فينتهي التاريخ الذي لا ينتهي إلاّ بانتهاء الحياة فتكون خاتمة الإنسانية هي الإشتراكية البورجوازية خاصة وأنها مجتمع العدل الذي ليس لأحد أن يهزّه أو يزحزحه؟؟ هل سيظل الفلاحـون الصغار صغاراً ويغرقون في بؤسـهم صباح مساء إلى الأبد؟ وهل سيظل العمال يرسفون في أغلال العمل المأجور إلى ما شاء ألله؟ إذا ما أعجزتهم الإجابات العلمية الشافية على هذه الأسئلة فيترتب عليهم إذاً أن يبحثوا عن اشتراكية أخرى غير هذه الإشتراكية البائسة.
وهكذا يتبيّن بكل وضوح أن اشتراكية هؤلاء الإشتراكيين البورجوازيين تقوم على علاقات إنتاج أبدية أو هم ظنوها أبدية، وهي تعاكس تماماً الإشتراكية العلمية الماركسية التي تقوم بهدف إجتثاث جميع علاقات الإنتاج القائمة دون استثناء وطرحها خارجاً في مخلفات التاريخ وتحرير المجتمع نهائياً وإلى الأبد من أية علاقات إنتاج أخرى مهما كان لونها.
ما تشترك به الإشتراكية العلمية مع ( الإشتراكية ) البورجـوازية هو التعامل مع قانـون القيمة الرأسـمالي وإن كان بتوجهين مختلفين. فبينما تتجه دكتاتورية البروليتاريا إلى إبطال مفعول هذا القانون تدريجياً مع استعماله حيثما أمكن في تحطيم علاقات الإنتاج القائمة، تتجه السلطة البورجوازية ـ وهي في الحقيقة دكتاتورية الدائرة المغلقة أو العصابة ـ إلى تأبيد هذا القانون الرأسمالي واستعماله حيثما أمكن ليس في تأبيد علاقات الإنتاج القائمة وحسب بل وفي استغلال جميع الطبقات الإجتماعية أيضاً. ثمة أمثلة صارخة على مثل هذا الاستغلال الذي تمارسه سلطة الدائرة المغلقة التي تجمد الصراع الطبقي وتؤبد علاقات الإنتاج القائمة. ففي عام 1959 أعلن خروتشوف نبذه لكل تاريخ السلطة السوفياتية منذ الثورة 1917، السلطة التي كانت تستعجل إلغاء علاقات الإنتاج، معلناً أن سلطته ـ غير السوفياتية ـ لم تعد بحاجة لدكتاتورية البروليتاريا وذلك لأنها كما، أعلن، لن تصفّي طبقة الفلاحين التعاونيين ( الكولخوزيين ) لأنهم أخوة للطبقة العاملة دون أن يذكر، عن جهل بالطبع وليس عن تجاهل، الطبقة الوسطى الواسعة في الإتحاد السوفياتي التي ينتمي إليها هو نفسه والجماهير الغفيرة من الإداريين والعسكريين والمهنيين. سياسة خروتشوف الجديدة المعادية للثورة، سياسة تجميد الصراع الطبقي، تعني أول ما تعني عدم توجيه فائض العمل المتمثل في الأموال المتوفرة سنوياً للتنمية الإشـتراكية لتجديد وتوسيع الإنـتاج البروليتاري. من هنا تحديداً تمكنت السلطة غير الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي من توظيف مئات بل آلاف المليارات من الروبلات في صناعة الأسلحة ومثلها في صناعة الفضاء وإنفاق أكثر من (160) مليار دولار على تعليم الطلبة الأجانب وإنفاق أكثر من ثلاثين مليار دولار على مصر و (15) مليار دولار على سوريا والقائمة طويلة لا تنتهي من كوبا إلى فيتنام إلى أنغولا إلى أثيوبيا.. ألخ. ليس من شك في أن السلطة التي قررت إنفاق هذه الأموال الطائلة في حقول لا تمت بصلة إلى التنمية الإشتراكية إنما هي سلطة معادية للطبقة العاملة وللثورة الإشتراكية، وهذا ليس مجرد اتهام بل إن السلطة ذاتها قد أعلنت هذا العداء بإسقاطها دكتاتورية البروليتاريا عام 1959. ولنقارن ذلك الهدر لفائض العمل السوفياتي بالسياسة الحازمة التي اتخذها الحزب الشيوعي تجاه قيادة القوات المسلحة عام 1937. فخلال برامج التصنيع الواسع والكثيف 1929ـ1937 وزيادة الإنتاج القومي أضعافاً مضاعفة تيسر لقادة القوات المسلحة أن تطور برامجها في الإعداد والتسلح خاصة وأن الجيش الأحمر كان قد اكتسب مكانة مرموقة نظراً لدفاعه المجيد عن الثورة وانتصاره المؤزر على قوى التدخل عام 1921. استطاعت قيادة الجيش آنذاك من أن تفرض برامجها الضخمة على الدولة والحزب. وهنا لاحظ ستالين أن عسكرة الدولة هي في كل الأحوال ضد دكتاتورية البروليتاريا والتنمية الإشتراكية. وعندما قرر الحزب وضع حدد لهذا التوجه الخطير عارضت قيادة الجيش هذه السياسة حتى وصل بها الأمر إلى التآمر على الدولة والحزب مما اقتضى توجيه ضربة ماحقة لهذه القيادة وأنصارها في القوات المسلحة. لم يكن الإتحاد السوفياتي ينفق قبل خروتشوف روبلاً واحداً خارج حدوده أو على برامج لا تصب مباشرة في التنمية الإشتراكية بقصد تأهيل البروليتاريا لتوجيه ضربات أقوى فأقوى إلىعلاقات الإنتاج القائمة وبالتالي محو الطبقات. هذا مقابل عصابة خروتشوف تتبرع وبقرار سهل تعويض مصر عما فقدته في حرب 1967 من أسلحة وهو يقدر ببضعة مليارات من الدولارات. تتبرع بكل هذه الأسلحة لكنها تتخاذل عن حماية مصر من العدوان الإسرائيلي الأميركي لتوفر على العمال السوفييت مثل هذه المبالغ الضخمة. ومع ذلك فقد كان العمال السوفييت سينتجون هذه الأسلحة على كل حال سواء ذهبت لمصر أم لغير مصر أم ظلت في مكانها ليأكلها الصدأ لأن إنتاجها يعني اولاً وأخيراً تأبيد علاقات الإنتاج القائمة. لقد كانت عصابة خروتشوف على وعي تام من أن الإنفاق على التسلح هو بالضبط مقتل الإشتراكية، فكيف بهدر فائض العمل السوفياتي أيضاً على صناعات الفضاء المكلفة وبالأوجه التي سلف ذكرها؟!
ثمة أمثلة فاضحة من حولنا على ( الإشتراكيين ) البورجوازيين الذين يقيمون ( اشتراكيتهم ) على تأبيد علاقات الإنتاج القائمة. فسـوريا ( الإشتراكية ) منذ أربعين عاماً تصدر اليوم العمالة الرخيصة إلى لبنان لتصل إلى أكثر من مليون عامل وإلى الأردن 120 ألف عامل وهذا وحده يشكل أكثر من 1/3 قوى العمل السورية. يحدث هذا بينما تتعاظم أموال السوريين المودعة في البنوك الأوروبية والأمريكية إلى ما يناهز 200 مليار دولار. أما اشـتراكية العراق وهي بعمر الاشتراكية السورية فقد أضحت تشكل مأساة القرن العشرين. تطرد أكثر من ثلاثة ملايين عراقي من وطنهم وتشعل حربين متتاليتين تكلفان الشعب العراقي أكثر من 25،1 تريليون دولار وترهن مستقبل الشعب لقرن طويل قادم. يتبرع العراق للأردن بأكثر من 500 مليون دولار سنوياً في الوقت الذي فيه لا تتسع أرصفة العاصمة الأردنية للنساء العراقيات يبعن سقط المتاع بقروش قليلة تسد بعض جوعهن. أما ( اشتراكية) الجزائر فهي اليوم لغز العصر في الإنحطاط والجريمة.
نخلص من ذلك كله إلى نتيجة محسومة منذ ما يزيد على قرن ونصف والتي تقول أن التاريخ إنما هو بالأسـاس التطوّر والتغيّر في أدوات الإنتاج واللذان يتمظهران في الصراع الطبقي. ولذلك فإن تأبيد أدوات الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وهو ما تحاول البورجوازية الوضيعة أن تفعله تحت عباءة الإشتراكية، لا يعني أكثر من محاولة فاشلة لإعاقة قـطارالتاريخ المتسارع على الدوام دون توقـف. وعليه فإن أولئك الذين يصفون أنفسهم بالإشتراكيين دون أن يكونوا شيوعيين إنما هم مخاتلون كذبة دون استثناء بالرغم من أن بعضهم ربما يعاني من قصور في الوعي وذلك بكل بساطة لأن الإشتراكية ليست نظاماً إجتماعياً يتأسس على علاقات إنتاج معينة بل العكس تماماً هو الصحيح. الإشتراكية نفي متعاظم لكل علاقات الإنتاج مهما كان لونها حتى النهاية، حتى لا يتبقّى هناك أية علاقات للإنتاج. ذلك يتمّ فقط من خلال توظيف كل فائض العمل المتحقق في توسيع وتعميق أسلوب الإنتاج البروليتاري، أسلوب العمل الجماعي ( Socialised Labour ) حيث فيه فقط يتم إلغاء تقسيم العمل إلغاءً تاماً ونهائياً وهو ما يجعل الإنتاج مشاعاً فلا يعود عمومه أو خصوصه على حدٍ سواء إلى أية طبقة أو طائفة أو جماعة أو أفراد، إنتاجاً مشاعاً لا تتحكم بتوزيعه واستهلاكه أية علاقات إنتاج، إنتاجاً مشاعاً متحرراً تحرراً كاملاً من أي أثرٍ لقانون القيمة الرأسمالي وبذلك تنتهي وظيفة النقد التاريخية ويتحرر الناس من عبادة السلع الأصنام باعتبار قيمتها السوقيـة وتتجـرد السلعـة من أغـلال الصنمية لتستعيد قيمتها الأصيلة وهـي القيمة الإسـتعمالية. مثل هـذا quot; التحـويل الثـوري quot; ldquo; Revolutionary Transformation ldquo; بكلمات ماركس لا تنجزه إلاّ دكتاتورية البروليتاريا الثورية كما حدد ماركس أيضاً. لذلك فإن الذين يرفضون دولة دكتاتورية الروليتاريا إنما يرفضون الإشتراكية. أما الراغبون في الإشتراكية منهم فهم ينطلقون برفضهم لدكتاتورية البروليتاريا من وهم يتخيل أن الديموقراطية الليبيرالية تقوم على التعددية وتداول السلطة عن طريق الإنتخابات العامة فتكون بذلك البنية السياسية الفضلى. ولنفرض هنا جدلاً أن مثل هذا الوهم لدى الراغبين في الإشتراكية، ولا نقول الإشتراكيين، هو حقيقة وأن مثل هذه البنية السياسية هي فعلاً الإنعكاس الأمين والكامل للبنية الإقتصادية الإجتماعية للمجتمع فإن ذلك سوف يعني بالضرورة أن هذه البنية السياسية هي بنية كسيحة لا تستطيع أن تميل إلى اليمين أو إلى الشمال طالما أنها بالتحديد المحصلة الحقيقية والدقيقة لمختلف القوى الفاعلة في المجتمع وأنها أعجز من أن تتحرك أو تتغير طالما أن القوى الإجتماعية المكوّنة أصلاً لها أو إحداها لم تتغير أو تتبدل. من شأن مثل هذه البنية السياسية ان تجلب لمجتمعها الجمود وتؤبد العلاقات الإجتماعية القائمة. وبذلك يكون عدم وجود هكذا سلطة، إن وجدت، أفضل من وجودها. فإذاً من سيبني الإشتراكية لهؤلاء الرغبويين؟ الأمور لا تسير على هذا النحو كما يتوهم هؤلاء. فالقاعدة الفقهية التي تشرّع ديموقراطية الإنتخابات تفترض ما هو ممتنع على الإفتراض ويقول أن سائر أفراد المجتمع البالغـين يتمتعون بحق متساوٍ في الوصول إلى قوائـم الترشيح وصناديق الإنتخابات. غير أن مثل هذا الإفتراض لم يقم ولن يقوم في كل تاريخ البشرية الطبقي. فالذين يصلون إلى قوائم الترشيح هم دائماً من الذين يملكون أما الذين لا يملكون فيتعذر عليهم دخول هذه القوائم والأمثلة كثيرة على هذا. فمرشح البرلمان في بلد متخلف من بلدان العالم الثالث عليه أن ينفق أكثر من ثلاثين ألف دولار قبل أن يوفر لنفسه فرصة للنجاح، مجرد فرصة. ومرشح مجلس العموم البريطاني عليه أن ينفق مئات ألوف الجنيهات كيما يوفر مثل هذه الفرصة. ومرشح مجلس الشيوخ الأميركي يشتري هذه الفرصة بمئة مليون دولار. أما مرشح الرئاسة الأميركية فقد أنفق في الإنتخابات الأخيرة 5،1 مليار دولار. من الحماقة بمكان هنا أن يجري الحديث عن حق متساوٍ لجميع المقبولين للترشيح إزّاء مثل هذه المبالغ الخيالية. أما الحق المتساوي في الوصول إلى صناديق الإقتراع فهو صحيح إلى حدٍ ما غير أن الواصلين ليسوا متساويين ؛ منهم الأسياد الذين لا يقترعون إلاّ للأسياد ومنهم العبيد الأجراء الذين لا يقترعون للعبيد الأجراء مثلهم بسبب احتقارهم العبودية. وباختصار فإن المجتمع ينتخب ممثليه ليحافظوا علية وليس ليغيروه ؛ فما من مجتمع قط عبر التاريخ تغيّر هيكلياً عن طريق البرلمان أو المجلس الوطني.
لقد اكتشفت الشعوب مثل هذا التزييف للديموقراطية حتى تملكها الملل منه ؛ وهي لذلك تقاطع عادة الإنتخابات وأغلب الذين يصلون إلى صناديق الإقتراع يصلون على غير أقـدامهم. إن أفضل مشاركة شعبية في مثل هذه الإنتخابات المزيفة لا تصل إلى نسبة 60% من ذوي حق الإقتراع. وعليه فإن أقوى سلطة تفرزها الإنتخابات لا تتمتع بأكثر من 30% من هؤلاء ؛ وبذلك تكون الديموقراطية الليبيرالية بأبهى صورها حين يتسلّط 30% من الشعب على 70% منه، فأي ديموقراطية هي هذه الديموقراطية. ومن المدهش حقاً أن يتبنى إشتراكيو ما بعد الإنهيار هذا الشكل من الديموقراطية بعد أن اكتشفت زيفها الشعوب وقرفتها.
بمقدار ما تزيف البورجوازية حسنات ديموقراطيتها بمقدار ما تزيف سيئات دكتاتورية البروليتاريا. تقول البورجوازية أن دولة دكتاتورية البروليتاريا هي سلطة دكتاتورية، وهذا صحيح فاسمها يعلن عن ذلك، وأنها شمولية وهذا صحيح أيضاً، وأنها لا تحترم ميثاق حقوق الإنسان وهذا صحيح مرة أخرى. لكن حقيقة الأمر أن سيئات دكتاتورية البروليتاريا أكثر إنسانية وأعمق ديموقراطية من حسنات ديموقراطيتهم الليبيرالية.
فالدكتاتورية الحقيقية هي من خصائص الرأسمالية التي تحصر السلطة بالرأسماليين بالرغم من أنهم يشكلون الأقلية القليلة في المجتمع. والرأسمالية شمولية لأنها لا تمنح الإنسان إلاّ حق الإختيار بين الموت أو حياة الضنك والشقاء، وهي تعترف بميثاق حـقوق الإنسان كي تـنكر عليه الحقوق الأخرى غير الواردة فيه ولأنها المتهم الوحيد بخرق حقوق الإنسان. أما دكتاتورية البروليتاريا فإن الإنسان المتكامل الإنسانية هو المحور الذي تدور حوله فهي لذلك لا تعترف بقائمة محددة من الحقوق لتنسى حقوقاً أخرى، وترى أن إنسانية الإنسان كلٌٌ متكامل لا يجوز تجزئتها ليُعترف بجزءٍ منها ولا يعترف بالجزء الآخر، كما لا يجوز تناولها على صعيدٍ حقوقي وبما يحق وما لا يحق. الهدف الأول والأخير لدكتاتورية البروليتاريا هو الإنسان باعتباره مركز الكون أو ظاهرته الفريدة التي تستحق تسخير كل عناصره لرعايتها وتطويرها والخطوة الأولى والأهم في هذا الإتجاه هي تحريره من كل ما يحـد من حريته ومن إنسانيته ومن إبداعاته ومن فضاءاته الفكرية بكل رحابتها. من هنا يمكن لدكتاتورية البروليتاريا أن تعتز وتفاخر بشموليتها وبدكتاتوريتها أيضاً وهي تنزع كل قدسية عن كل ما يعيق مسيرة الإنسان نحو الحرية، الحرية المطلقة بلا حدود.
كيف يمكن لأحدٍ أن يشوّه هذه المسيرة الإنسانية الخلاقة ما لم يكن مجرماً!! البورجوازية تجرّم اللص والقاتل لكنها لا تجرّم من يضع العراقيل الصعبة على طريق هذه المسيرة الإنسانية، أما دكتاتورية البروليتاريا فإنها تجرّم هذا الأخير قبل أن تجرّم اللص والقاتل طالما أنه يعتدي على الإنسانية جمعاء وليس على أفرادٍ بعينهم في حالة جرم اللص أو القاتل. البورجوازية تصرخ وتولول مطالبة دولة دكتاتورية البروليتاريا بالسماح لنفر من الناس بالإحتفاظ بأسلوب الإنتاج الفردي البورجوازي بل وبالحرية لهم في استخدام كافة الأسلحة للدفاع عن هذا الأسلوب الرجعي من مثل حرية الرأي وحرية النشر وحرية التنظيم وما إلى ذلك باعتبار هذه الحريات تقع ضمن دائرة الحريات الفردية. البورجوازية بالطبع لا ترى بأسلوب الإنتاج الفردي وبتقسيم العمل أية جريمة طالما أن هذا هو أسلوبها. حتى الرأسماليين منها يصرون (على طريقة عنزة ولو طارت) على أن أسلوبهم في الإنتاج هو أسلوب فردي مما يمكنهم من الزعم بأنهم بشخوصهم يشكلون بداية المشروع الرأسمالي ونهايته مع أن الواقع العـياني لأي مشروع رأسـمالي يقول بكل جـلاء أن أسلوبهم في الإنتاج هو أسلوب جمعي ومجتمعي(Socialised). دكتاتورية البروليتاريا بالطبع تقول quot; العنزة لا تطير quot; وأن أسلوب الإنتاج الفردي مرحلة متخلفة تجاوزتها البشرية منذ وقت بعيد وعلى أيدي الرأسماليين أنفسهم وليس غيرهم. وتقول أيضاً أن على الإنسانية أن تغسل نفسها تماماً من كل الأوحال التي ما زالت عالقة بها جـرّاء عبورها ذلك المستنقع القذر، مستنقع الإنـتاج البورجوازي. فأي حرية تلك التي تدّعي بها البورجوازية؟! إنها (الحرية) التي تمنع الإنسانية من الإغتسال والتطهر من القاذورات، إنها (حرية) الإنسان الذي ما زالت منزرعة فيه آثار الوحشية في استغلال أخيه الإنسان وهو ما يقتضيه نمط الإنتاج البورجوازي.
ما ينفخ اليوم في بالون الديموقراطية الليبيرالية هو quot; الطبقة الوسطى quot; الطبقة التي تنتج الخدمات ليس إلاّ، الخدمات التي لا يـتمّ إنتاجها حتى اليوم إلاّ بالنمط الفردي البورجوازي وليس الجمعي الرأسمالي. هذه الطبقة التي لا تملك أي مشروع إجـتماعي إلاّ الكارثة تبالغ اليوم في رفع راية الديموقراطية اليبيرالية وذلك لأنها غدت في عصر الإنهيارات التاريخية الكبرى تحتل المساحة الكبرى في عامة المجتمعات بألوانها المختلفة. البورجوازية الوضيعة أو الطبقة الوسطى ترى أنها ومن خلال مثل هذه الديموقراطية المزيفة سوف تكون قادرة على الدوام على استغلال البروليتاريا حتى الرمق الأخير. ترى ذلك ورؤيتها صحيحة فها نحن نرى البروليتاريا في هذا العصر، عصر الطبقة الوسطى، تعيش بآخر رمقٍ فيها.
فؤاد النمري
التعليقات