حسناً..لقد أنتهت حفلة تشكيل quot;التحالف الرباعيquot;، تحالف بأربعة أرجل، ولكنه بدون قاعدة للجلوس، ومن غير مسند للظهر!
ويبدو أن الأطراف الأربعة الداخلة في هذا التحالف، تسعى من وراء الانضمام، إلى تحقيق مصالح خاصة، بالتأكيد تنسجم مع برامجها وتوجهاتها، وتتلائم مع واقعها واستراتيجيتها ومصالحها الذاتية، بل هي المستفيدة من دخول مثل هكذا تحالف سمين، يُشبع رغباتها الجامحة، ويبقي شهيتها مفتوحة؛ لتحقيق المزيد من المكاسب من وراء المشاركة.
فالمجلس الإسلامي الأعلى قد يفرض سيطرة من نوع جديد على حكومة ضعيفة، وقد يحقق مكاسب كبيرة، كان ومازال يسعى ويحلم بتحقيقها -مُنذ فترة ليست بالقصيرة-؛ لفرض سياسة الأمر الواقع؛ عندما يبني أسواراً ويقيم الحواجز الكونكريتية؛ ويمضي قدماً في مشروع إقامة ما يسمى بإقليم الوسط والجنوب.
من جهته سيتجاوز المالكي حالة النحس التي رافقت تشكيل حكومته، والتفكك وانفراط عقد تلك الحكومة الضعيفة التي شكلها والتي تصارع من أجل البقاء، بعد أن لُف حول عنقها حبل النهاية.. وهو بذلك يكون قد هيأ لهذه الحكومة أجواءاً نقية مليئة بالأوكسجين المنعش، الذي قد يضمن بقاءها على قيد الحياة.
أما الأحزاب الكردية فهي الأخرى سعيدة الحظ، ولاتقل الفوائد التي ستجنيها من وراء اشتراكها في هذا التحالف عن الآخرين. وبالتأكيد فإن الأكراد قد أشترطوا قبل دخول التحالف الجديد، تحقيق مطالبهم في كركوك كردية، وفي سيطرة تامة على منابع النفط الشمالية، تحقق لهم حلم قيامquot; دولة كردستانquot;.
يخطأ من يظن أن الحراك السياسي الجديد المتمثل بتشكيل التحالف الرباعي، ربما سيحقق نتائج إيجابية، تعيد العملية السياسية إلى مسارها الصحيح.
إن ما يفقد التحالف الجديد قوته، استمرار سياسية التهميش. والتهميش هنا شَمل بالإضافة إلى مكون مهم من مكونات الشعب العراقي (السنة). شريحة مهمة أخرى محسوبة على مكون آخر من مكونات الشعب العراقي، تتمتع بقاعدة جماهيرية عريضة (التيار الصدري)، بالإضافة إلى حزب الفضيلة، وبالتأكيد فإن ذلك كله سيؤدي في النهاية إلى أضعاف التحالف الجديد، وفقدان توازنه، ومن ثم إصابته بالعجز والشلل التام في مرحلة لاحقة.
فالقوى المعارضة لهذا التحالف الجديد، قد تسعى من جانبها إلى فرض سياسة quot;التعويمquot;، وكما عوَمت الحكومة، فإنها ستعوم البرلمان، وتفرض سياسة الأمر الواقع، لشل حركة البرلمان بالكامل.
الملاحظ من مسار العملية السياسية في العراق، أن أية خطوة تخطيها القوى السياسية الفاعلة في البلد، تولد ميتة. وفي كل خطوة لا بد أن تفقد العملية السياسية أطرافاً فاعلة ومشاركة فيها، ويبدو أن ذلك كله ليس من حسن النية بشيء!
والملاحظ أيضاً أن الساسة يكررون أنفسهم، وحراكهم السياسي بطعم ونكهة واحدة لا تتغير، ففي كل مرة تشكل جبهتان، الأولى تفرض نفسها على الوضع القائم، وتجذب إليها- طائفياً- قوى أخرى تقاسمها كعكة الحكم، في حين تفرض سياسة الأمر الواقع على الجبهة الأخرى، لتجد نفسها مضطرة للعب دور المعارض للعملية السياسية!
غير أن الوضع الأخطر، هو استمرار التصنيف الطائفي في البلد، وإحتكار السلطة، وتشظي أحلام العملية السياسية، الأمر الذي قد يؤجج أوضاعاً غير مستقرة، تتنازعها الخلافات وتبادل الاتهامات، لتعود القوى السياسية من جديد لتجد نفسها جميعاً في المربع رقم واحد.
..وأخيراً متى ما اتجهت بوصلة الأحزاب والقوى السياسية، وأشارت بعيداً عن جهة المصالح الشخصية والذاتية لتلك القوى النافذة في السلطة، فإن الوضع في العراق سيتحسن، بل سيتحسن كثيراً..أليس كذلك؟!