ستة اعوام مرت على هجوم مجموعات من تنظيم القاعدة على برجي التجارة العالمي ووزارة الدفاع الاميركية، ومنذ ذلك الحين لا يزال 11 سبمتبر يجتر نفسه، فـquot;الحرب على الارهابquot; تلونت كثيرا وتغيرت معها خرائط الوجود العسكري، وسقطت انظمة، وتبدلت المجتمعات، وزاد الافتراق الثقافي بين الامم.
في حين لا تزال الولايات المتحدة تبحث عن ابرة في اكوام من القش في اربع رياح الارض، وفي هذه السنوات لا تزال الصدمة تحرك السياسة الاميركية التي كانت في الاصل تتحرك بضغط من الصدمة التي سبقت الحادي عشر من سبتمبر العام 2001، اكان في فيتنام ام في لبنان ام في الصومال، والان في افغانستان والعراق.
بين الصدمتين كانت واشنطن غارقة في حسابات الحرب الباردة التي اعتبرت نفسها متنصرة فيها مع انهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان في الاصل يسير الى الانهيار في ظل التناقضات الداخلية بين دوله.
وبين الصدمتين كانت القوة العظمى تبحث عن هدف تسعى اليه حتى تكبح سعي البطالة والازمة الاقتصادية في تسلق سلم تفاقمها، وكانت في الوقت نفسه تبحث عن مناطق نفوذ جديدة في الاقتصاد لتغلق ابواب الازمة الداخلية.


الولايات المتحدة رفضت التوقيع على معاهدة المحمكة الجنائية الدولية،وفي الوقت نفسه تسعى الى معاقبة الدول والناس، وتفرض ذلك على العالم. وهي ايضا رفضت التوقيع اكثر من مرة على معاهدات تتعلق بالبيئة، رغم انها اكثر الدول اعتداء عليها.


وحين تعرضت لاعتداء من مجموعات ارهابية استنفرت العالم كله لمقاتلة quot;الارهابquot; وباتت تنظر بعين واحدة الى العالم،على قاعدةquot;من ليس معنا فهو ضدناquot;. ولن نتطرق الى زلات لسان الرئيس الاميركي جورج بوش عن quot;الحروب الصليبيةquot; الجديدة، ذلك لان زلات اللسان، ورغم انها تكشف المخبوء في الصدور الا انها عند شخصية بالحجم السياسي العالمي لبوش يغفرها له الجميع.
طوال الاعوام الستة الماضية كان اهالي ضحايا 11 سبتمبر يعيشون على ذكريات من فقدوهم، تماما كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن امرأة في بغداد quot;ان العراقيين يعيشون يوميا 11 سبتمبرquot;، هؤلاء فقدوا احبة لهم ولذلك هم اكثر الناس دراية ببشاعة الحرب، مهما كانت الحروب عادلة فهي بشعة، لانها تسرق احلام الناس وحيواتهم.


الكونية الجديدة، او بالاحرى العولمة، كأنها لا تزال في البدايات الحضارية للعالم،الغزو قديما كان يبنى على الاسس نفسها التي يبنى عليها الان، فذهنية الحرب لم تتغير.
اسلحة الدمار الشامل، على اختلاف انواعها تزيد من اليقين في ان ذهنية الحرب لم تتغير، وكل المواثيق والمعاهدات الدولية تتحول في طرفة عين الى حبر على ورق منسي على الارفف.
هل تتحمل الويات المتحدة،بوصفها دولة رائدة في العالم الحر،المسؤولية؟ وهل البشرية لم تستفد من عبر الماضي؟ اقله،في الحرب العالمية الاولى التي جربت فيها الاسلحة الكيماوية، وفي الحرب العالمية الثانية التي جرب فيها السلاح النووي.


في البحث عن المسؤول عما الت اليه الاحداث من ارهاب بشع في 11 سبتمبر العام 2001 يتحول الحديث الى بحث في اصل البيضة والدجاجة.
لكن في النهاية يبقى الناس الذين يموتون، ويبقى اهاليهم،هم الضحايا بينما الذين يديرون اللعبة، ويحركون الشخصيات على المسرح يستترون خلف الف ستار وستار.


11 سبتمبر هذا اليوم الممتد منذ ستة اعوام سيبقى العالم اسيره الى ما لانهاية، اذا لم يدرك من يجب ان يدرك، ان الغاية لا تبرر الوسيلة، وان القوة لا تنتج الا التدمير، وان العالم من الممكن جدا ان يعيش بسلام اذا تخلى من يجب ان يتخلى عن ذهنية الحرب والانتقام، ويتخلص من الموروث البدائي.
11 سبتمبر في التاريخ الحديث، ووفقا لما بثته وكالة الصحافة الفرنسية،بعنوان، هذا اليوم في التاريخ، لم يكن يوما عاديا، وفي ما يأتي جردة الوكالة الفرنسية:quot;
1940- الحرب العالمية الثانية: تايلاند تطالب فرنسا بلاوس وكمبوديا.
1944- الحرب العالمية الثانية: الجيش الاميركي يصل الى مدينة آخن الالمانية.
1948- وفاة علي جناح مؤسس دولة باكستان واول رئيس لها.
1952- استقالة الرئيس اللبناني بشارة الخوري.
1964- القمة العربية في الاسكندرية تقرر انشاء جيش التحرير الفلسطيني.
1965- ديغول يعلن انسحاب فرنسا من حلف شمال الاطلسي في 1969.
1971- وفاة الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف.
1973- مقتل الرئيس التشيلي سلفادور اليندي.
1978- اختفاء رئيس المجلس الشيعي الاعلى في لبنان الامام موسى الصدر بعد مغادرته لبنان في زيارة الى ليبيا.
1991- ميخائيل غورباتشيوف يعلن سحب القوات السوفياتية من كوبا.
2003- وفاة وزيرة الخارجية السويدية انا ليند التي طعنها مجهول في متجر في ستوكهولم.
2003- الحكومة الاسرائيلية تتخذ قرارا مبدئيا بـquot;التخلصquot; من ياسر عرفاتquot;.
و الغريب في الامر ان 11 سبتمبر الاميركي سقط من تعداد الاحداث في الوكالة الفرنسية..! فهل سقط سهوا من التاريخ بينما هذا اليوم بات نقطة تحول في حياة البشرية؟
العالم ينتج كل يوم من المعرفة ما يجعلها متقدمة على منتجها عشرات القرون، والسؤال متى يستطيع الانسان مواكبة ما ينتجه من علم؟
اليس 11 سبتمبر مناسبة ليتعلم العالم كيف يتخلص من القتل والدمار؟

حسن احمد عبدالله
[email protected]
*صحافي لبناني مقيم في الكويت