في مقالتي السابقة تحت عنوان هل تسمح الولايات المتحدة بضربة إسرائيلية مماثلة على ايران؟.. لفت نظري أحد التعليقات.. وهو
الأسم: سناء قاسم

شو استفدنا من المقال الذي لا يحتوي جديدا

قوة الكلمة ليست في طرح جديد كل مرة.. وإنما في تجميع الحقائق وتحليل الموضوع بموضوعية وإعادة طرح الأفكار والمبادئ الأساسية في أشكال وأثواب مختلفة علها تصل إلى إعمال عقل القراء للوصول إلى أهمية المصلحة المشتركة في عالم مفتوح الحدود للوصول إلى الهدف الرئيس لجميع الشعوب وهو الأمن الدولي.. الذي يهمنا جميعا.. ويسهل قبول أولوية المصالح المشتركة كطريق وحيد للخروج من الفوضى الدولية الحاصلة جراء الحروب والتي تزيد وتعمق الفقر والجهل..ليبقى الجميع في دائرة مغلقة تدور حول نفسها.
فمما لا شك فيه بأن الأخطار المحيطة بالمنطقة العربية لا تقل خطورة عن تلك المحيطة في الغرب.. كلاهما يخشى ويخاف الآخر... وأن تصاعد الخطابات النارية بين الطرفين.. والتحدي الأعمى لن يوصل أي منهما إلى ما فيه مصلحة بلده ولا أمنه.. وأننا جميعا بحاجة إلى التوازن والموضوعية في لوم جميع الأطراف.. وإن كان الغوص في بحر هذا اللوم سيغرقنا جميعا ولن يخرجنا أو يعفينا من المسؤولية التي نتحملها جميعا.. وأن علينا الإعتراف بأن المسؤولية مشتركة.. وأن الطريق الوحيد للخروج من مستنقع الخوف من الآخر أن نفتح قلوبنا ونساند كل كلمة حق تصدر من الغرب سواء من منظمات العمل المدني أم من مسؤولين أكبر.. كما في تصريح المرشح الأميركي باراك أوباما حين واجه الإدارة الأميركية الحالية.. أنتم لا تحظون بدعمنا، لم نمنحكم السلطة المطلقه لشن حرب أخرى.. رغم أنه أقر بأن ايران تشكل خطرا على مصالح بلاده في الشرق الأوسط..


فالفوضى السياسية وتشابك خطورة قضايا العراق.. وإيران.. وفلسطين..وأفغانستان.. والتطرف القادم من باكستان.. كلها قضايا متشابكة ولا تقل خطورة عن الحرب الأميركية على العراق وأفغانستان.. والإزدواجية في الملف الفلسطيني. ولا تقلل من خوف اميركا أو الغرب برمته من المستقبل.
وأن محاولة اميركا حماية مصالحها النفطية على حساب شعوب غنية بمواردها فقيرة في أنظمتها غير الديمقراطية.... لن يضمن لها حماية هذه المصالح..


وأن تمسّك إسرائيل بالقوة العسكرية لحماية أمنها ووجودها لن يضمن لها إستمرار تدفق الثروة الأميركية على حساب دافع الضرائب.. وهو يرى فشل سياسة حكومته في حربها في العراق وفي أفغانستان.. وأن الأميركي سيستفيق إن عاجلآ أم آجلا ليسائل حكومته عن دعمها الأعمى لسياسة دولة انتهكت كل القوانين الدولية.. وان إزدواجيتها تلك السبب وراء زيادة العداء لها حول العالم ولن يحميها في تفاقم مشكلة التطرف والإرهاب.. ولكنه وفي كل الأحوال لن يضحي بحياة اليهود من أجل إحقاق الحق الفلسطيني..
الفرق الكبير هو أن الغرب بني على مؤسسات.. ومنظمات شعبية تؤثر إن عاجلآ ام آجلا في عملية صنع القرار، و هم جميعا يتمتعون بحماية الدستور في حرية الفكر. وحرية الكلمة.. بينما الخوف في المنطقة العربية والإسلامية يقتل العقول والكلمة الحرة تحت ستار الدين والتراث والثقافة والهوية والخوف من الأنظمة.. والدليل ما حصل في مصر من إعتقال رؤساء التحرير.. وجنايتهم انهم حملوا المسؤولية لإعداد الشعب في ممارسة حقه في إختيار الوريث المقبل للرئاسة القادمة.. لأن الموت حق لن ينفذ منه لا رئيس ولا وريث.


إن الفشل في سياسة الولايات المتحدة في العراق.. لا يعلل التفجيرات اليومية تحت ستار المقاومة.. والتي قتلت من العراقيين اكثر مما قتلت من الأميركيين.. وأن نتفهم بأن إستراتيجية المقاومة المبنية على العنف وقتل الإنسان. السني.. الشيعي.. الأميركي.الفلسطيني والإسرائيلي لن تنفع في حل القضايا كما كان الحال في الزمن السابق..
وأن خيار المقاومة المسلحة يجب ان يلغى من قاموس جميع الدول بما فيها العربية والإسلامية.. وأن علينا اللحاق بما تطالب به العديد من منظمات العمل المدني الغربية بإلغاء الحروب ورفضها العودة إلى شريعة الغاب..


كاذبة وأنا وغيري إن كنت أرضى بان أدفع بإبني تحت ستار القومية أو الوطنية ليحارب في أي مكان في العالم.. كاذبة أنا وغيري إن تشدّقنا بأننا نحمل هوية واحدة.. كلنا كمغتربين نحمل هوية مزدوجة..أو حتى عدة هويّات... هوية خرجت من الحدود المصطنعة لنا كبشر إلى هوية أكثر تقبلآ لحقوق الآخر.. هوية نستطيع بها العيش في أي مكان في العالم معتمدين على الحق البشري الإنساني لحمايتنا.. وهو المفقود تمامافي العالم العربي والإسلامي..
الخطر الأصولي الخارج من العراق.. ومن باكستان.. ومن أفغانستان.. لن يسهل أو يسرع عملية الإنسحاب الغربي من المنطقة.. ولن يجبر الأميركيين على الهروب.. بل العكس هو الصحيح سيعمل على تشديد القبضة الأميركية وعلى إستقطاب الدول الغربية الأخرى لمساعدتها في تحجيم المد الأصولي.. والقضاء عليه..


ما أقرأه من دعوة السيد يوسف الشرقاوي المحلل العسكري الفلسطيني المتقاعد في حديثه مع ايلاف بالأمس 16 سبتمبر،،
quot;quot;على كل القوى الفلسطينية المؤمنة بخيار الكفاح المسلح في فلسطين، أن تراجع حساباتها، وتعمل على تقليص الفجوة الأمنية مع الجيش الإسرائيلي، والنزول تحت الأرض والإقلاع عن عمليات الاستعراض، والمقاومة غير المجدية، لأن العنصر الأمني، إن تحقق لصالح قوى المقاومة، سيكون عامل التغيير الوحيد والمجدي لصالح استمرار وفعالية المقاومة، وهذا التحول سيقود في المستقبل إلى إفشال عمليات التوغل، والقتل والاعتقال لقيادات ومجموعات المقاومة، وعمليات الاستهداف من الجو لقيادات وأفراد المقاومة، ولمنع الجيش الإسرائيلي من النزول من آلياته في حال التوغل، وإن غامر هذا الجيش وحاول النزول من آلياته سيكون في دائرة خطر حقيقي من رصاص، وقنابل، وقذائف، وعبوات المقاومةquot;quot;quot;.
يذكرني تماما بدعوة القيادة الراحلة وتهليلها لغزو العراق للكويت عام 1990.. وتذكرني أيضا بدعوتها لعسكرة الإنتفاضة عام 2001 والنتائج التي وصل اليها الوضع الفلسطيني الان.. سواء من الإحتلال.. أو من الإقتتال الداخلي على السلطة وعلى صنع القرار....


أنا أؤيده فقط في الكف عن عمليات الإستعراضات العسكرية ولكن وفي ما عدا ذلك أسأله.. كيف بإستطاعة المقاومة الفلسطينية ردم الفجوة النوعية بينها وبين الجيش الإسرائيلي.. وإذا كان يعتمد على ايران في عملية تسليح المقاومة.. فهل من المنطق أو الحق أن يرتهن القرار الفلسطيني لحين تسوي ايران ملفها النووي مع الولايات المتحدة ثم تسقط الفلسطينيين من حساباتها فور تسويتها هذا الملف.. وهل هذا الإرتباط مع ايران أو غيرها من الدول التي تتلاعب بحياة الفلسطيني من مصلحة الإنسان الفلسطيني أو العربي..
يجب إسقاط فكرة الكفاح المسلح كوسيلة للتحرر، المقاومة الوحيدة لتعنت إسرائيل هي المقاومة اللا عنفية..وبناء الذات الفلسطينية.. وحدها القادرة على كشف قناع الحكومة الإسرائيلية وتعريتها أكثر أمام يهود العالم وأمام المجتمع الدولي..ليس لرميها في أي بحر ولكن لتعقيلها وقبولها كدولة تعيش في محيط لا يتناسب مع ثقافتها الحالية.. وأن ثقافة السلام الحقيقي هي طوق النجاة الوحيد للمنطقة العربية ولإسرائيل وللعالم أجمع..


بناء الإنسان العربي لا يتم بشعارات جوفاء ولا بتزمت ديني يأخذه إلى سالف الزمان.. فما يصلح للماضي لا يصلح للمستقبل.. ولن يضع رغيف الخبز على مائدة الجوع منه.. التنمية الإنسانية.. هي طريق التنمية الإقتصادية وهي طريق الإستقرار السياسي..
نعم يجب أن يسمع العالم العربي والغربي صوت المعتدلين وإن كانوا أقلية من كل الأطراف..

أحلام أكرم

باحثة وناشطة في حقوق الإنسان ndash; لندن