يقف العراق في هذه اللحظة موقفاً في غاية الخطورة يتعلق بمصيره ووجوده كبلد يعيش فوق بركان يغلي منتظراً لحظة الانفجار التي ستجد العديد من الاطراف الداخلية والخارجية لتفجيرها وتدميره.


فالرئيس الأمريكي الجديد اوباما وحزبه يعتبر العراق مشكلة وعملية خاسرة اقتصاديا واستراتجيا، وان أمريكا ليست بحاجة اليه، فالنفط يمكن تأمينه من دول الخليج وغيرها، وبالنسبة للقواعد العسكرية أمريكا لديها ما يكفي من القواعد في الخليج وتركيا، والعراق من المنظور الأمريكي لاقيمة له من الناحية الاقتصادية والعسكرية، وهو يستنزف الاقتصادي الامريكي من دون فوائد تحصل على الارض.


والرئيس أوباما لاتربطه بالعراق أية التزامات سياسية، فهو جاء من حزب معارض لجورج بوش، والسؤال المرعب هو ماذا لو قبلت ايران بوقف برنامجها النووي، وأعطت لأمريكا الطمأنينة ودفعتها الى الانسحاب من العراق ؟


طبعا فوز أوباما يعتبر مخرجا كبيرا لإيران يتيح لها التراجع عن عنترياتها ووقف برنامجها النووي واقامة علاقات دبلوماسية مع أمريكا وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية هائلة خصوصا ان ايران تدرك ان اسرائيل لن تسمح لها بالمضي قدما في برنامجها النووي، وفي حال ارتاحت امريكا من صداع ايران الذي سيصاحبه توقيع سوريا معاهدة سلام مع اسرائيل، ماالذي يمنع اوباما من سحب الجيش الأمريكي نهائيا ورفضه توقيع أية اتفاقية امنية مع العراق خصوصا ان انسحابه سوف لن ينظر له على انه هزيمة وانما تنفيذا لوعده الذي قطعه في الانتخابات؟


تداعيات هذا السيناريو لو حصل فهو يعني توقيع شهادة موت العراق ومحو صورته من على الخارطة، فالانسحاب الامريكي الكامل يعني اندلاع حرب فورية بين الميليشيات الشيعية من جماعة الحكيم والصدر وغيرها، وبروز تشكيلات عشائرية مسلحة في المدن الشيعية تنافس الاحزاب وستتصادم معها في الصراع على النفوذ.


وفي المدن السنية ستنشب الحرب بين مجاميع الصحوات والحزب الاسلامي، وستعود القاعدة الى العراق وتحاول الانتقام من الصحوات، وسيعود الى الواجهة حزب البعث كتنظيم مسلح دموي.



اما الحكومة فستنهار وتنقسم الى تكتلات.. شيعية وسنية وكردية، وسيحدث فرز وتمرد طائفي داخل صفوف الشرطة والجيش، وسيلتحق كل عنصر بطائفته.


وستحصل مذابح تظهير عرقي وديني للعرب والتركمان والمسيحيين في مدن كركوك والموصل وديالى من قبل الميليشيات الكردية مما سيوفر ذريعة قوية لتركيا لإحتلال كركوك والموصل، وسيتعرض الاكراد الى حصار شديد من قبل ايران وسوريا وتركيا.


ومؤكد ستكون ايران حاضرة بقوة داخل العراق عبر اجهزة مخابراتها وعملائها وستكون عمليا هي من يحكم المدن الشيعية بشكل مباشر، وستتدخل الدول العربية الى جانب السنة، وستبدأ الحرب الاهلية بين الشيعة والسنة للسيطرة على بغداد والتشويش على الشيعة ومنعهم من الاستفراد بالثروة النفطية.


وستنظر أمريكا والعالم الى المذابح الاهلية في العراق على انها مشاكل داخلية سببها الشعب العراقي الذي فشل في قيادة نفسه بعد انسحابها مثلما فشل طوال التاريخ في قيادة نفسه واستغلال ثرواته وبناء دولة حديثة يسودها القانون والعدالة.


لقد خسر العراق فرصة ذهبية ابان فترة حكم الرئيس جورج بوش في التوقيع على اتفاقية استراتيجية شاملة توفر الحماية له من نفسه واطماع احزابه وتخلف شعبه، ولكن ايران بواسطة عملائها افقدته هذه الفرصة وضاع كل شيء، فالعراقيون هيهات يستطيعون قيادة بلدهم بأنفسهم ويضعون مصالح وطنهم أولا وقبل كل شيء، فجميع الاحزاب ليس لديها مشروع وطني لبناء البلد، وحماية الولايات المتحدة الامريكية كانت ضرورة قصوى للحفاظ على العراق وثرواته، ولكن يبدو فجيعة العراق بأبنائه قادمة والكارثة قد تحدث!

خضير طاهر

[email protected]