ايقظت حاشية الملك (راعي الغنم ) ومنعته من اكمال قيلولته التي كان يفترش الارض حينها ويلتحف السماء، ايقظته لتخبره بان عليه التوجه للقصر ليستلم مهامه كملك للبلاد! وعندما سأل عن السبب اخبروه ان الملك يحبه ويريد ان يكرمه باعتباره مخلصا في عمله، لكن الحقيقة هي ان الملك كان قد رأى في منامه ان مكروها سيحل به عند راس الشهر القمري فجاء بالراعي لينام بفراشه، الا ان الراعي الذي اصبح ملكا،استغل موقعه الجديد ليطيح بالملك الحقيقي ويأخذ مكانه!.


هذه واحدة من القصص التي جسدها الممثل عادل امام في مسرحية الزعيم، وعبد الحسين عبد الرضا في مسلسل (الاسكافي )وكذلك (مهدي هاشمي ) في مسلسل ( افسانه سلطان وشبان ) اي (اسطورة ) حكاية السلطان والراعي الذي عرضه القسم العربي في التلفزيون الايراني في الثمانينيات (وذلك قبل المسرحية والمسلسل بكثير)..


لكن قصة الراعي الذي اصبح ملكا (او رئيسا) تجسدت في العراق بشكل حقيقي، مع الاحترام لشخصأي راع كإنسان،وذلك عندما انتقل الراعي صدام من سفوح جبال حمرين القريبة من قرية (العوجة ) الى بغداد الحضارة والمدنية، ولان الراعي لم يكن يعرف الا طريقة واحدة لسوق الغنم وهي العصا بمساعدة كلبه طبعا، فحكم العراق بنفس الطريقة عندما حول اتباعه ومريديه الى (قطيع ) ليسوقهم بعصاه، وامر كلابه (مؤسساته الامنية ) بنهش لحوم العراقيين الاحرار الذين رفضوا الانصياع لطريقة حكمه!!


وبقوة العصا كان الدستور مؤقتا خلال طيلة فترة حكمه، دستور قابل للاضافة والحذف والتغيير من قبله واصبح افراد العشيرة والاقرباء الاميين وزراء ومسؤولين كبار بالحكومة، مثل علي حسن كيمياوي (نائب عريف صار وزيرا، حسين كامل (جندي حماية صار وزير التصنيع العسكري ) وغيرهم كثير!.


وكان القانون عنده (جرة قلم ) تنفذّه المؤسسات الامنية كيفما يشاء هو، فقُتل العراقيون بحروب طائشة واُجبروا على القتال تحت قرع طبول اناشيد الحرب (اوالنشيد الوطني ) ولُفت اجساد العراقيين بالعلم العراقي ذي النجمات الثلاث، نجمات الوحدة العربية طبعا، ذلك العلم الذي استورده الراعي او(الرئيس المزيف )


من سوريا الصمود والتصدي ومن ومصر العروبة لكنه (اي السلطان او الرئيس) اضاف له نجمة ثالثة ليصبح العراق البوابة الشرقية التي طحنت الشعب العراقي الذي دافع عن ( شرف الامة العربية )! علما ان هذه النجمة الاضافية ( نجمة الوحدة العربية) مالبثت ان تبددت وتبخرت، بل اتضح انها كانت اكذوبة ضحك بها حكام جبهة الصمود والتصدي و الوحدة المزعومة على حاكمنا (الضرورة ) فأعطوه نجمة (اضافية) على العلم وسرقوا خيرات العراق لسنين طوال.


الراعي الذي اصبح سلطانا بالقوة والحيلة ذهب الى غير رجعة فهل سنقبل بان يكون شبيهه سلطانا جديدا علينا؟ ذلك الشبيه الذي خرج يتجول ببغداد في 9 نيسان 2003 في وقت كان صدام مختبئا في حفرته الرئاسية!.(دققوا النظر في الشريط وقارنوا بين حركات الشبيه المفتعلة وحركات صدام الطبيعية ) وهذا موضوع اخر.


لقد اختار الشعب العراقي وحده حكامه هذه المرة، فقد تحدى الارهاب والموت وشارك في الانتخابات و(كتب) غيّر الدستور والعملة النقدية وجوازالسفر وسينتخب الشعب من يشاء، ولذلك يريد الشعب ان يغير العلم والنشيد ايضا، فنحن بحاجة الى علم عراقي جديد فيه حضارات العراق ورموز العراق كالرافدين ولاتكون مستوردة كنجمات الوحدة العربية التي فرقتنا، نعم علم عراقي خال من الوان الدم والقتال حتى لاتلف به اجساد اولادنا في سبيل الحاكم!. اما نشيدنا الوطني (العراقي) الذي اختير بعد سقوط الصنم فهو ليس عراقياً!! فقد كتبه الشاعر ابراهيم طوقان شوقا وحنينا الى بلدته نابلس في فلسطين بقصيدة رائعة، ولم يكتبه المرحوم طوقان للعراق. ولحن القصيدة الاخوان فليفل (احمد ومحمد) اولاد الحاج حسين فليفل في الاشرفية ببيروت، اذن كلمات القصيدة (موطني ) كتبت لنابلس فلسطين واللحن من لبنان فلماذا نتمسك بنشيد ليس عراقياً؟ علما اننا نتوق الى نشيد وطني جديد فيه حب الوطن ويدعو الى السلام بدلا من الدعوة الى الحروب التي اتعبتنا وافلستنا وخربت البلاد وارجعتنا الى عهود التخلف.


د. محمد الطائي
[email protected]