لم أكن أتخيل أبدا أن تتحقق توقعات بعض الزملاء الكتاب وعشاق الرياضة العراقية بخسارة فريقنا الكروي في مباراة التأهل الى نهائيات كأس العالم. فعندما سألت صديقا يناطحني العمر عن توقعاته قبيل ظهر أمس، قالquot; الفوز لقطرquot; إستغربت هذا الحكم المطلق منه وسألتهquot; ولماذا؟ قال quot; لأن قطر إشترت معظم لاعبي المنتخب العراقيquot;؟!.
مع ذلك لم يطاوعني قلبي أن أصدق تلك النبوءة المشؤومة بخسارة الفريق، لأنني إعتقدت بأن هذا الفريق الكروي الذي رسم البسمة لأول مرة على وجوه جميع العراقيين عند فوزه الرائع ببطولة آسيا ووحد صفوفهم على رغم الجراحات النازفة، يشكل اليوم الأمل والنافذة الوحيدة لإطلالة العراق على العالم في هذا الزمن العراقي العجاف، وأن لاعبينا سوف لن يخيبوا ظن الثكالى والأرامل وأيتام العراق الذين لم يبق الى جانبهم من نصير سوى الباريء عز شأنه، وكنت أتوقع أن يحارب هذا الفريق بشراسة دفاعا عن سمعة العراق الكروية في المحافل الدولية وأن يعيد رسم بسمة أخرى على وجوه العراقيين المترقبين للفوز على الفريق القطري، ولكن للأسف تعمدوا مصادرة تلك الفرحة والبسمة من وجوه العراقيين من أجل حفنة من الدولارات القذرة؟!.

ففي الدقائق الأولى للمباراة شعرت بأن هناك شيء ما يحدث، فالإيقاع البطيء والممل لأداء الفريق العراقي كان واضحا منذ البداية، وقد لا أبالغ إذا قلت أنه كان هناك تعمد واضح لهذا الأداء البطيء، فلم ألحظ أية هجمات جدية من الفريق على مرمى الفريق القطري طوال المباراة وقد لا أبالغ أيضا بالقول، أن مهاجمي الفريق كانوا يؤدون دور المدافعين للفريق القطري، فقد لاحظت مرارا أن هؤلاء المهاجمين كانوا في عجالة من أمرهم بإدارة ظهورهم الى الكرة عندما كانت تقترب من مرمى الفريق القطري ويسرعون بالعودة الى خط الوسط..

ويبدو لي أن الإتفاق الذي حصل لشراء خسارة الفريق العراقي إذا كانت هناك فعلا إتفاقية كما توقعها الكثيرون من العراقيين بإعتبار أن ثمانية من أعضاء الفريق يلعبون لنوادي قطرية، وأن وعدا قد أعطي للمدرب عدنان حمد بتدريب أحدى نواديها، كانت هذه الإتفاقية تقضي بمنح فرصة الفوز في الدقائق الأخيرة الحرجة للفريق القطري بحيث يصعب حتى تحقيق التعادل الذي كان سيكون لصالح العراق كأضعف الإيمان، ولا أدري لماذا يستطيع الفريق العراقي أن يحافظ على التعادل حتى الدقائق الثمانين، ثم يعجز عن تقوية خط الدفاع للخروج من المباراة بالتعادل الذي كان سيؤهله للوصول الى النهائيات؟!.إذن كانت هناك نوايا مبيتة بالخسارة، لأن التعادل لم يكن يفيد قطر؟!.

ثم لا أدري ما الحكمة من إبقاء الكابتن يونس محمود ضمن طاقم الإحتياط ثم زجه بالمباراة في الدقائق الأخيرة، فهل أن يونس كان طرزان أو سوبرمان حتى يعادل الكفة في تلك اللحظات الحرجة؟! ثم أنه أصلا قد صرح بأنه لن يشارك في المباراة فلماذا زجه عدنان حمد في المباراة أخيرا، أعتقد أن إشراكه كان لمجرد ذر الرماد في العيون، أو لنقلها بصريح العبارة كان لرفع الحرج عن يونس محمود بتهربه المتعمد من هذه المباراة الحاسمة.فإذا كان يونس محمود ذلك البطل المغوار الذي بإمكانه أن يرجح الكفة لصالح الفريق فلماذا لم يشركه حمد منذ بداية المباراة؟!.

إن الفريق القطري كان دوما العقدة التي تستعصي على الفريق العراقي أن يتجاوزها، فلا أدري لماذا يكون الفريق القطري دائما العقبة الوحيدة من بين كل فرق آسيا أمام وصول العراق الى النهائيات في المباريات الدولية رغم أن هناك عشرات المنتخبات الأقوى من المنتخب القطري في آسيا، ولو أخذنا الحجم فأن العراق يعادل عشرة أضعاف قطر من حيث عدد السكان ومن عدد النوادي والفرق الرياضية والملاعب وغيرها من مستلزمات التقدم الرياضي فيها،وله تاريخ عريق في الرياضة الكروية، وثروات العراق تعادل مئة أضعاف ثروات قطر، فكيف يتسنى لقطر أن تشتري لاعبي العراق في كل مرة بأثمان بخسة هذا إذا صح أن كانت هناك صفقة في الخفاء لشراء خسارات الفريق العراقي ؟!.

ولا أدري كيف يقبل اللاعب العراقي أن يبيع سمعته الكروية بأثمان حتى لو كانت بمليارات الدولارات، أفلا ينظرون الى اللاعبين الأوروبيين كيف أن النوادي تتهافت عليهم وتشتريهم بملايين الدولارات للعب لها، فلو كان بينهم من يبيع وطنه من أجل حفنة من الدولارات فهل كانوا سيحظون بمثل هذا التقدير من قبل النوادي الرياضية، وبالطبع فإن من يبيع وطنه على الساحة سيكون مستعدا لبيع ناديه أيضا، ولهذا فإن اللاعب العراقي لن يكون مرغوبا فيه من أي من النوادي الأوروبية التي تحترم نفسها، اللهم إلا النوادي القطرية التي تشتري فوزها بالدولارات، وليس باللعب النظيف والجميل؟!.

لقد كان عدي صدام حسين يسجن اللاعبين بل والفرق أيضا عندما كانوا يتهاونون في واجباتهم بميادين اللعب،ورغم رفضي القاطع لهذا الأسلوب وهذا التشديد في التعامل مع الرياضة التي تعتمد على المهارات واللياقة والتدريب والبذل مع قليل من الحظ، ولكن هذا هو طبع العراقيين الذين يستسلمون أمام المغريات، ولا يحسبون أي حساب لسمعتهم أو لسمعة بلدهم، ولكن ماذا نقول فالسياسي العراقي الذي يرتهن اليوم بلده أو يبيعه بثمن بخس الى دول الجوار أو غيرها، هو القدوة في هذا العراق الجريح، ومع ذلك سوف نلوم الى الأبد اللاعبين العراقيين الذي صادروا يوم أمس البسمة الوحيدة من وجه العراقيين.
ولك الله يا عراق.

شيرزاد شيخاني

[email protected]