مرة ثانية تعيدها وتبدأ التحدي وسائل الاعلام الدنماركية ' لمليار ونصف ' من البشر، وذلك من خلال الاساءة الصريحة والصارخة واللئيمة لنبي الرحمة نبي الله والاسلام محمد 'ص'. اختلاف هذه الاساءة وهذا التحدي عن سابقه في عام 2005، ان هذه المرة لم تكتفي صحيفة واحدة بل اجتمعت واتفقت 17 صحيفة دنماركية على اعادة نشر هذه الرسوم تحت مبرر ان ثلاثة من الشباب العرب خططوا لقتل رسام الاساءة الاولى. وفي الوقت الذي لايمكن ان يتم التعاطف مع هولاء الشباب بطريقتهم الدموية هذه ( اذا صدق الاتهام عليهم وتم اثباته من قبل القضاء ) فانه ايضا وفي الوجه الاخر للعملة لايمكن باي حال من الاحوال تقبل او حتى مجرد تصور ان سبب اعادة النشر وبهذه الطريقة الجماعية العنصرية يمكن وضعه فقط في خانة ردود الافعال بل انه تصرف عنصري واستهداف واسفزاز صارخ لمشاعر ومقدسات المسلمين. وها هي الاخبار تنقل عن وزير الداخلية الالماني دعوته لكل الصحف الاوربية لاعادة نشر هذه الرسوم المسيئة!!

اين نحن من هذه الاساءة الكبرى!؟ سؤال لاتحتاج الاجابة عنه الى عناء كبير. فنحن قد ' أبتلينا ' ببعضنا وقسمنا انفسنا الى فرق وطوائف وما زلنا ننقاش هل تعقد القمة العربية في دمشق، وكيف تكون بيروت طاولة لرمي الاوراق والمساومة على هذه القمة!! ونحن ايضا مازلنا ننقاش وبحدة من هم النواصب ومن هم الروافض. وكيف ولماذا وبما ان!! ونحن ايضا وعلى مذبح قناة ' المستقلة الطائفية ' نستهلك يوميآ ساعات بائسة وخائبة لنقلل من قيمة الامام علي بن ابي طالب 'ع'!! وفات علينا جميعا ان في مثل هكذا مناكفات فارغة انما الجميع يخسر فيها ولايوجد ولاحتى فائز واحد، حتى او بدت الامور احيانا تعطي اشارات عكس ذلك. ونموذج ذبح غزة منذ يومين خير شاهد على خيبتنا العربية الكبرى.

ان هذه الرسومات وتكرارها هو تحدي كبير بكل معنى للكلمة وهو طلقة الرحمة لرأس وعقل امة باتت مشلولة لاتستطيع الحركة ولاتستطيع حتى الدفاع عن معتقداتها ورموزها المقدسة. وحتى لايذهب فكر البعض ويشطح بعيدا فان هذه ليس دعوة للرد بالطرق الارهابية التي تمت في ايلول نيويورك او قطارات مدريد او باصات وشوارع لندن، فمثل ذلك ارهاب دموي لن يزيد الاسلام والعروبة الا خسائر اضافية مازلنا ندفع ثمنها حتى يومنا هذا. وايضا سؤال يطرح ماذنب هولاء الذين تم قتلهم في تلك العمليات الارهابية. لان غالبية الاوربيين وغالبية الدنماركيين يرفضون مثل هكذا اساءة للرموز المقدسة. الدعوة هي ان يتم الرد على هكذا تجاوازت صارخة ' وجس النبض الكبير ' بطرق حضارية وبطرق قانونية وحتى بطرق اقتصادية، بعيدا عن حرق السفارات وحرق الاعلام والصراخ الفارغ والذي جربناه كعرب منذ عشرات السنين ولم يجدي نفعا بل العكس كان دائما هو سبب هزائمنا المتكررة حتى يومنا هذا. بل انه اصبح علامة فارغة على خيبتنا التي يتلذذ بها كل اعدائنا.

الغريب العجيب ان الامة لم تحرك ساكنآ على هذه الاساءة وكأن الامر يخص جمهوريات الموز!! وكأن بعض الجموع تحولت الى قطعان تنتظر الاشارة من ' السيد الحاكم بامره ' حتى تخرج بمجرد مظاهرة، ناهيك ان الحاكم بامره يحسب الامور بطريقة ' الكرسي الهزاز ' الذي يجلس عليه ويمارس حكمه ' البطولي ' بحق هولاء المساكين. بذات الوقت الذي يكون فيه على أهبة الاستعداد لاضافة لقب ' ديني او رباني ' الى القابه المضحكة في اي لحظة لكن بشرط لاتمس بلعبته المفضلة التي يمارسها قسرا على الجموع من كرسيه الهزاز. فالاهم من كل شيء ان يبقى حفظه الله ndash; وطويل العمر ' في الحكم وكل ماعدا ذلك يهون وقابل للتفسير والتأويل السياسي والديني على حد سواء!! وطالما وجد وعاظ السلاطين وعمامات البلاط التي تاكل من قصع السلاطين وتصدر الفتاوى حسب مقاسات السيد الحاكم بامره وامر عائلته. ولو بذلت بعض هذه الحناجر الملعونة ( جهد سلمي ) ربع مابذلته من تحريض بين العراقيين على قتل بعضهم لاهتزت امم اخرى امامنا.

نحن الامة التي ضحكت من جهلها الامم والان نستحق بحق لقب الامة التي تستحق استجداء تعاطف الامم الاخرى. فنحن الامة التي فيها بلد خليجي واحد صغير يستورد فقط من الدنمارك سنويا ' جبنه وزبده ' بمليار دولار!! ناهيك عن كوننا لانستطيع صناعة ولو ' برغي ' لطائرة الايرباص او البوينغ التي نشتري منها باعداد سنوية فاقت كل تصور وكل شراهة!! ونحن امة لاتستطيع صناعة حتى الاحرف العربية التي تستخدمها في لوحة كتابة الكومبيوتر والذي تعودنا على استخدامه بافراط لامثيل له، ليس في مواقع العلم والمعرفة، بل في مواقع الدردشة مع الجنس الاخر ومستلزماته!!. ونحن امة نملك الاحتياط الاكبر من النفط في كل الكرة الارضية ومع ذلك اذا بقي سعر برميل النفط 10 دولارات او تجاوز المائة دولار يبقى الفقير فقيرآ والغني غنيآ، ولا ترى هذه الزيادة الفلكية الا على كروش بعضنا وزيادة ملذاته البائسة!! اما علوم مثل العلوم النووية والذرية والفضائية وحتى الاجتماعية والانسانية فهذه نعتبرها من خرافات الماضي والحاضر والمستقبل لذلك ترانا ننبطح امام قنابل اسرائيل النووية ونرتجف امام مشروع ايران النووي، لكن بذات الوقت ابتسامتنا الطائفية والمذهبية الكالحة تبرز فقط مع قنابل باكستان النووية وكأن باكستان من بقايا أهلنا الطيبين!!

خلاصة القول في الدنمارك واوربا اليوم تصدح دعوة للمنازلة التاريخية العلنية دعوة لاثبات الوجود دعوة لاعلان الحب والاحترام والتقدير والتقديس لكل رموزنا المقدسة. فهل من منازل ايها العرب!؟ فهل من منازل لمثل هكذا دعوة علنية صارخة للنزال، لكن بطرق حضارية بعيدا عن الارهاب والبهائم المفخخة واستهداف المدنين في اوربا. انها دعوة للمنازلة الفكرية والاعلامية والثقافية دعوة للمنازلة الانسانية والاجتماعية وانها دعوة للمنازلة الاقتصادية وكل ذلك يجب ان يكون بأطر سلمية وحضارية. فهل من منازل، او ان عجزنا وصل الى حد الشلل التام!!؟ فمجرد تلويح بسيط مثلا بالنفط مجرد تلويح بايقاف او تقليل تدفق النفط سوف تصل الاسعار الى 200 دولار للبرميل الواحد وتهتز كل اقتصاديات العالم، وتاتي راكعة اسفة كل هذه الصحف ومن خلفها عند اقدام العرب!! انا على يقين هذا الذي اقوله مجرد حلم ' بطران '، لكن هل تقدرون مثلا على عدم أكل مجرد الزبدة والجبنة ايها العرب الفطاحل وتصمدون على ذلك لعدة اشهر وسترون النتائج المذهلة!! واذا كان هذا حلم بطران ايضا لان الكروش العربية بحاجة الى مثل هكذا وقود لادامتها!! فهل تستطيعون تنسيق مواقفكم وتخرجون بمظاهرة عالمية في كل صقاع الارض بنفس اليوم ونفس التوقيت وفي الشوارع العربية والاوربية وكل القارات الاخرى ولاربع مرات خلال شهر واحد فقط والهتاف الوحيد يكون فقط ' لااله الاالله محمد رسول الله ' وسترون نتائج تفوق كل تخلفنا العربي مرة واحدة. هل هذا ايضا حلم لبطران. فاني اقترح ان يجتمع خلال هذا الشهر كل علماء العرب لصناعة اول جهاز كومبيوتر عربي كرد علمي واقعي على مثل هكذا اساءة كبرى وستفرح رسولنا نبي الرحمة 'ص'. فهل هذا ايضا حلم بطران. اذن لم يبقى امامنا الا ان نستسلم ونرفع ايدنا ونكشف كل ماتبقى من مقدستنا امام الاخرين. وننبطح اكثر ونزيد من ' شخيرنا ' اكثر بعد ان نكثر من ولائم المنسف والبرياني والعرضات والهوسات والشعارات الفارغة. فنحن الامة التي وصفها شاعر الحب نزار قباني ' تتكلم بالعنتريات وعمرها ماقتلت ذبابة ' ورحم الله ايام حتى الذبابة.

محمد الوادي
[email protected]