مع إفتتاح مؤتمر القمة العربي في دمشق بذلك الخطابquot;التوافقيquot;للرئيس بشار الاسد، الذي تمت صياغته بطريقة ترتجي القيادة السورية من خلاله أن تطرح للعالم سعة الصدر السورية و إستعدادها لتجاوز کل العقبات و المنغصات التي تحيل بين الدول العربية خصوصا في هکذا ظروف عصيبة تمر بهاquot;الامة العربيةquot;.


ومع أن الرئيس السوري بشار الاسد حاول من خلال خطابه التوافقي لأول قمة عربية تبدأ من دون مراسيم التسليم التي دأبت عليها مؤتمرات القمم العربية، أن يکون معتدلا و هادئا و أن يبتعد عن إستخدام مفرداتquot;بعثيةquot;تميز بها نظامي الحکم في سوريا و العراق أيام صدام حسين، إلا إنه لم يکن خطابا مثيرا کالذي قدمه الزعيم الليبي معمر القذافي، إذ کعادته فقد خطف الزعيم الليبي الاضواء و تکالبت مختلف أجهزة الاعلام العالمية و العربية على ما جادت به قريحة القذافي ولم تسلط الاضواء على خطاب الاسد إلا زوايا صغيرة لا تتناسب و کل ذلك الجهد و المشقة اللذين قدمتهما سوريا من أجل إنجاح هذا المؤتمرquot;المحاصرquot;سياسيا و إعلاميا.


وإذا ما کانت قد أثيرت الکثير من التساؤلات و الاستفهامات المتعددة بخصوص معدي المؤتمر و المشارکين فيه ناهيك عن المؤتمر نفسه، فإن مما لاشك فيه أن إنعقاد المؤتمر کما يرى العديد من المراقبين هو نوع من جس النبض لحالة صراع بين إرادتين رئيستين في المنطقة، إرادة عربية تجعل الشأن العربي في أولوية إهتماماتها وهو ما تجلى في الموقفين السعودي و المصري، و إرادة سورية ـ إيرانية تمليها واقع العلاقة الاستراتيجية القائمة بينهما وهو أمر ليس يسيرا على معظم الدول العربية أن تتجاهله، لکن الدول العربية تدرك جيدا خطورة المشروع الايراني و أبعاده المستقبلية الاستثنائية على الامن القومي العربي، خصوصا و أن السعي الايراني لإستلام زمام المبادرة في مسألةquot;المواجهة مع إسرائيلquot;قد تکون لها تداعيات بالغة السلبية على مستقبل النظام العربي الرسمي القائم ذاته. و ليس خافيا من أن طهران قد توفقت من خلال الغطاء السوري من التسلل و النفوذ الى العمق العربي بصورة باتت تهدد سوريا ذاتها التي تعيش اليوم حالة من التشتت بين النفوذ الغربي القوي و النفوذ الايرانيquot;الخطيرquot;المتغلغل في کل الزوايا المحيطة بسوريا.


و واضح أن عدم حضور زعماء کالعاهل السعودي و الرئيس المصري، قد سحبا البساط من تحت أقدام مؤتمر القمة الحالي في دمشق، إذ أن کلا الزعيمين يمثلان وزنا إستراتيجيا ليس بإمکان دمشق تجاهله من خلال مجموعة خطابات و تصريحات إعلاميةquot;مقصودةquot; بل وحتى إنه بإمکاننا أن نصور القمة من دون هذين الزعيمين بإنها قمة من دون قمم!


إن الرسالة أساسا موجهة لطهران، و مفادها يجب وضع حد للنفوذ و التدخل في الشأن العربي وان حلفاء طهران في الصف العربي مهما کانوا أقوياء فليسوا بالقوة التي تجبر إدارة الدفة العربية بإتجاه يخدم المشروع الايراني، فهل تعي دمشق ذلك؟

نزار جاف
[email protected]