الطريقة التى تعالج بها القيادة السياسية والحكومة فى مصر الازمات المتعددة التى تواجهها تذكرنى بهذا المهاجر الروسى البسيط الذى جمعتنى الصدفة بة فى بداية هجرتى الى استراليا لنعمل معا فى مصنع لتصنيع المكرونة.. كانت وظيفة نقولا رعاية وصيانة المكينات واصلاح اى اعطال تحل بها... وكنت انا اعمل فى المكتب الذى يعلو عدة امتار عن مستوى ارض المصنع فكان فى مقدورى مشاهدة كل حركة تحدث فى المكان.
وعى مدار الشهور القليلة التى امضيتها فى هذا المصنع كنت ارى نقولا مسئول الصيانة يمارس طريقتة الفريدة من نوعها فى معالجة الاعطاب التى كانت تحل بالمكينات من وقت لاخر.. كنت اراة يحاول معالجة العطب لدقائق قليلة ثم فجأة بعد ان ينفد صبرة اجدة يحمل قضيبا من حديد ويخبط بقوة على مكان العطل واذا بالماكينة تعمل وبقدرة قادر تعود سليمة معافية!! تكرر هذا المشهد الفريد من نوعة مرات ومرات واذا بقضيب نقولا الحديدى يهوى على رقبة ماكينة حديثة تعمل بالكومبيوتر كان صاحب المصنع استوردها خصيصا من ايطاليا باكثر من مليون دولار فدمرها ولم تعد تعمل مرة اخرى.. وكانت النتيجة طردة من العمل والاستغناء عن عشرات العمال وتكبيد المصنع خسارة فادحة ادت فيما بعد الى اغلاق المصنع واشهار افلاس صاحبة.
والذى كان يفعلة نقولا عند حدوث اعطال فى ماكينات مصنع المكرونة يفعلة بالتمام والكمال المسئولين فى مصر عند مواجة الازمات التى تمر بها البلد من وقت لاخر..ففى البداية نراهم يحاولون ايجاد حلول وعلاج للمشاكل او الازمات التى تواجههم وعندما يعجزون بعد وقت قصير عن العثور على حلول مناسبة نجدهم بدلا من البحث بصبر عن بدائل اخرى يسرعون باللجوء الى القبضة الحديدية فى مواجة المطالب الشعبية المتزايدة وتمرد بعض فئات المجتمع ومعارضتهم الشديدة... وخلال السنوات الماضية نجح المسئولين فى مصر (ام الدنيا) بجدارة فى استخدام قضيب نقولا الحديدى فى معالجة الازمات العديدة التى مرت بها مصر ولا تزال بدلا من العلم واستخدام العقل والتخطيط الجيد والتعلم من خبرات الدول الاخرى التى سبقتنا... وكان هذا القضيب الحديدى يهوى بقوة ووحشية فوق رقاب الكثيريم من ابناء الشعب الذين يطالبون بوظيفة او مسكن او رغيف عيش او يطالبون بتغير نظام الحكم بنظام اخر يحكم بالعدل والرحمة والديقراطية.
ولكن الى متى يستمر المسئولين فى مصر فى معاجة الازمات والمشاكل التى تواجهها البلد بطريقة نقولا فى مصنع المكرونة ؟؟ الى متى يتصورون ان الحل ليس هو العلم والبحث والحكم بعدل وديمقراطية وشفافية وانما الحل هو استخدام المسكنات والحلول المؤقتة لامتصاص غضب الناس وفى نفس الوقت الاستمرار فى اتباع سياسة القبضة الحديدية واسكات كل الاصوات المعارضة وملء السجون بمئات الالوف من المعارضين؟؟
لقد ادت طريقة نقولا العنيفة الغير علمية عند معالجتة للاعطاب التى كانت تصيب الماكينات الى طردة واغلاق المصنع واشهار افلاس صاحبة.. وكل ما نرجوة ونأملة من المسئولين عن حكم مصر الا يقودها الى نفس المصير الذى حدث لمصنع المكرونة.
صبحى فؤاد
استراليا
[email protected]
التعليقات