بعد دخول كثير من الثقافات الغربية على مجتمعنا الشرقي الإسلامي التي هبت برياحهاعلينا وخيمت بظلالها على حياة كثير من فتياتنا ونسائنا حتى وصل الأمر إلى تجريدهن من الحياء والعفة والإلتزام بما فرضه الدين عليهن، فأباحت المحرمات التي نهى الإسلام عنها ناشرة الفوضى اللاأخلاقية من خلال ظاهرة الموضة الأزيائية المتبعة هذه الأيام.

أصبح الحجاب الشرعي رمزاً لا فرضاً من الله عز وجل، يوضع على الرأس للدلالة على الإنتماء المذهبي أو ضغطا من قبل الأهل والمجتمع!!!

وللأسف فإن معظم فتياتنا في مجتمعنا الحالي العصري يلبسن ما يسمى بحجاب (مودرن) أي حجاب على الموضة الجارية! من لباس ضيق ومفصل لكل أنحاء الجسد وثناياه المخبأة إلى زينة على الوجه لا تليق إلا ببنات الهوى، فتصبح الفتاة غير المحجبة أكثر حشمة ممن تلبس هكذا حجاب!!!

ومن المعروف أن المرأة منذ الجاهلية حتى عصرنا هذا تسعى لإبراز أنوثتها ومفاتنها الجسدية حتى تكون رمزاً للجمال بزينتها لترضي العيون النهمة وتلبي رغبة الرجل الغرائزية الظاهرة في إنعكاس الإعجاب في عينيه وكلامه، فتسعى جاهدة إلى تحصيل هذا الإعجاب بشتى الوسائل الممكنة لتربح نظرات الرجال بمظهرها التبرجي للجاهلية الأولى... متناسية أن أنوثة الفتاة الطبيعية التي وهبها الله عز وجل لها هي بالأنوثة الداخلية قبل المظهر الخارجي لأن عنوان عفة الفتاة المسلمة يتجلى بالحشمة، وعندما تتستر بالحجاب الشرعي فإنها تغطي ما عندها من كنوز مخبأة من الأخلاق والعفة والحياء.

وكالجوهرة التي جمالها في حمايتها والمحافظة عليها كذلك المرأة فجمالها بطبيعته وعقلها وإنسانيتها وهدفها السامي في الحياة وهي مصونة بحجابها الذي يداري مفاتنها ويحميها من الإغراءات الكثيرة والعيون الجائعة وطريق الإنحراف.

قصة ريما غريبة بعض الشيء لأنها لا تحدث إلا في مجتمع طغت على عقول بعض أبنائه المصالح المادية قبل الدين!!

والد ريما موظف في مدرسة غير إسلامية ولها نظام معين لكيفية اللباس المدرسي، وبطبيعة الأمر لأنه يأخذ منحة مجانية على أولاده الأربعة بسبب وضعه المادي أدخلهم إلى تلك المدرسة وكان الأمر على أحسن ما يكون إلى أن إقترب التكليف الشرعي للإبنة الوحيدة بين ثلاثة صبية ولأنه ملتزم دينياً وفتيات العائلة والمجتمع الذي يعيش فيه محجبات وجب عليه أن يُلزم إبنته بالحجاب الشرعي مع إنه في بلد فيه الحجاب إختياري وليس إلزاميا!!

ولكن المشكلة ليست هنا بل بدخول الفتاة إلى المدرسة فإنهم رفضوها بحجاب فاحتار بأمره هل يخرجها من مدرستها ويدفع عليها مبلغ كبير لا يستطيع تحمل نفقته أم يخلع عنها الحجاب ويصبح حديث العائلة والمجتمع الذي يعيش فيه.

ولأن أنانيته الشخصية غلبت على أخلاقه الدينية وجد حلاً منافي لكل دين وكأنه بذلك تحايل على الدين والمجتمع إعتقاداً من أنه يرضي الإثنين معاً، فأصبحت الفتاة محجبة خارج المدرسة وغير محجبة داخلها فراقت لها هذه الطريقة وأصبحت تحب الإستعجال للدخول إلى المدرسة حتى تخلع عنها الحجاب وتتغاوى بجمالها أمام رفاقها وخاصة الفتيان..

ومن الطبيعي أن الذي يشب على شيء يشيب عليه فعندما وصلت الفتاة إلى مرحلة التخرج أصبحت لا تطيق حجابها وتريد أن تخلعه عنها لأنه بإعتقادها يقف حاجزاً أمام جمالها وفرص نجاحها في حياتها الإجتماعية في الجامعة وأصبحت تخلع الحجاب كلما أرادت وتلبس ما تشتهي عيون الرجال ولأنه ليس هناك رقيب بجانبها كما كانت في المدرسة لم يفضح الأمر إلى أن وقعت في الخطيئة فكل شيء محجوب هو مرغوب لدى فتاة تعودت على شخصية مزدوجة!

وهنا عرف الأب فوقفت الإبنة بوجهه وتحدته بقرار خلع الحجاب وأنه هو من أوصلها إلى الإنحراف ولأنه لم يتحمل نظرات المجتمع المقرب منه ولا العار الذي لحق به حصلت له ذبحة قلبية أدت إلى وفاته وأغرقت الإبنة ببحر الذنب لمسؤوليتها بموت أبيها فنبذت من العائلة والمجتمع لترحل وتعيش على هواها!!!!

وهنا نستنتج من القصة أن على المجتمع الإسلامي التربوي الذي ينشئ الفتاة أن يراها كإنسانة تملك جوانب متعددة وتنطلق من إنسانيتها لا من مفاتنها الجسدية في الحياة الإجتماعية من خلال تربيتها الاخلاقية والروحية، فيدعها تعيش حياتها الإنسانية بشكل طبيعي في شخصية متوازية مسؤولة تتمتع بالفكر قبل المظهر وبالعفة والإحتشام قبل إبراز المفاتن الجسدية، فلا يضغط ويضيق عليها في أي مجال من فرص عمل وحياة إجتماعية وتربوية وثقافية التي تشترط لباسا أو مظهرا معين وخاصة في لبنان فإن الأولوية في فرص العمل في أي مجال كان للفتاة غير المحجبة وصاحبة المظهر المغالي بالجمال!!

وختاماً نقول أنه عندما نربي الفتاة منذ بداية طفولتها حتى مراحل الشباب والنضوج لا بد لنا أن ننتبه إلى أمر هام ألا وهو شخصيتها الإنسانية فنقوي عندها حسن إدراكها للأمور الحياتية ومعني الحجاب الحقيقي وهدفه من باب توعيتها للمحافظة على مفاتنها وحشمتها في لباسها الذى ينعكس عل شخصيتها الإنسانية.

وكذلك الإسلام لم يمنع الفتاة من الإحساس بجمالها وإبراز مفاتنها بل نظمها ووضعها في أطر وحماها بغلاف الإحتشام والعفة وهو الحجاب الكامل حتى لا تتحرك مفاتنها بشكل إستعراضي يجذب مشاعر وغرائز الرجال فيؤدي إلى الإنحراف والوقوع في الخطيئة.

فعندما يتحرك الجمال كقيمة إنسانية تعيشها الفتاة في مجتمعها يبادلها هذا المجتمع بنظرة محترمة بعيدة كل البعد عن نظرة الإستغلال والتحقير فتبتعد بذلك عمن هم موضع تحريك الغرائز لتواجه الإنحراف بقوة إيمانها وأخلاقها الروحية فتعيش السلام الداخلي الروحي النفسي وتكسب إحترام الآخرين فتصون نفسها ومجتمعها الإسلامي المبني على الأخلاق قبل كل شيء..

حنان سحمراني
http://hananhanan.maktoobblog.com/