نشر الاستاذ داوود يوسف وثيقتين احداها صادرة عن رئاسة ديوان الوقف السني لمحافظة نينوى، تطالب فيها مديرية بلدية نينوى بتخصيص قطعة ارض في قضاء الحمدانية قصبة كرمليس ليقوم السيد حسين علي سعيد ببناء جامع عليها وعلى نفقته الخاصة. والوثيقة موقعة من قبل السيد ابوبكركنعان بشير مدير الوقف السني وكالة، وصادرة بتاريخ 3/ 8/2009، ومرسل نسخة منها الى مديرية بلدية الحمدانية لنفس الغرض، والهندسة مع اوليات والسيد حسين علي سعيد للمتابعة. هنا نقول ان كان السيد حسين على سعيد بهذا الرغبة في تقديم تبرع لتحقيق غاية دينية لصالح المؤمنين فلماذا يجب ان تتحقق هذه الرغبة على حساب اراض تابعة لبلدية لا يوجد مؤمنين من هذه الديانة فيها؟ ولماذا يجب ان تتحقق على ارض مستقطعة من اشخاص اخرين؟ اليس من حقنا ان نشكك في ان الدافع ليس ايماني خالص.


والوثيقة الاخرى صادرة عن مديرية الوقف الشيعي في محافظة نينوى ومرسلة الى مديرية بلدية محافظة نينوى وهي تطالب بتخصيص ارض في مركز قضاء الحمدانية بغديدا (قره قوش) لبناء مسجد وحسب طلب الاخوة المؤمنين لعدم وجود مسجد لاتباع اهل البيت وللصالح العام والوثيقة صادرة بتاريخ 27/ 8/ 2009، وبتوقيع السيد علي ولي احمد الحيدري مدير الوقف الشيعي وكالة ومرسل منه نسخة الى المؤسسات الاسلامية للمتاببعة. وهنا من حقنا ان نتسائل عن اي صالح عام يتحقق من بناء مسجد، وعلى ارض مستقطعة من بلدية مدينة ليس فيها من سكان المدينة من هو مؤمن بهذه الديانة؟


هذه هي التفاصيل المهمة لهاتين الوثيقتين واللتان تتزامنان مع الحملة القائمة لتخصيص اراض من منطقة بغديدا وكرمليس (مدينتان يسكنهما ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وهم مسيحيين من الطائفة السريانية الارثوذكسية السريانية الكاثوليكية في بغديدا، وكرملس يسكنهما ابناء طائفة الكلدان الكاثوليك) لتوزيعها الى اشخاص من غير اهل المنطقة. والواضح من هذه الممارسة هو الرغبة في احداث تغيير ديموغرافي لصالح مجموعة سكانية معينة، فالمخطط الواضح بتخصيص اربعة الاف قطعة ارض من اراضي بغديدا، يعني جلب ما لا يقل 20000 عن عشرون الف شخص الى المنطقة وهو عدد كافي لاحداث التغيير المطلوب وخصوصا لو علمنا ان العملية قد ابتدات في زمن النظام السابق، عندما استقطع اراض واسعة من هذه المناطق ومنحها لمنتسبي اجهزته القمعية.


من حق كل عراقي ان يسكن في اي منطقة عراقية واي مدينة هذا صحيح، ولكن ليس من حق اي شخص احداث تغيير ديموغرافي لغاية تغير مستقبل المنطقة.وهذا هو الحاصل بالاثباتات.


الجوامع والمساجد هي دور عبادة، من حق المتعبدون من السكان اقامتها لتقديم خدماتها لهم، ولكن ان لم يكن هناك سكان ابدا في مثل قصبة كرمليس، فما الحاجة الى اقامة جامع في قرية كل سكانها من الكلدان الكاثوليك، فلمن هذا الجامع؟ اليس امرا مثيرا؟ وهكذا بالنسبة لبغديدا، فالمعروف ان من يسكنها من اخوتنا المسلمين هم بغالبيتهم من الموظفين المعينين هناك، وبغدديا لا تبعد عن قرى ومناطق فيها جوامع الا كيلومترات قليلة فلمن المسجد اذا؟ ولماذا تتزامن الاحداث مع بعضها البعض؟ فالمعلومات المتداولة ان هناك مبالغ طائلة قد وصلت وخصصت لاحداث التغيير الديموغرافي لصالح العرب في هذه المناطق، وذلك للتاثير على مستقبل المنطقة. وهذا الامر مخالف للدستور العراقي استنادا للمادة 23 الفقرة ثالثا ب التي تنص على (يحظر التملك لاغراض التغيير السكاني).


من الواضح ان للاخوة الشيعة العب او الكورد الفيلين الذين رحلوا منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي الحق في العودة والحق في اعادة ممتلكاتهم والحق في اعادة عراقيتهم. وهذا الحق مصان ونحن نتعاطف معهم ونؤيدهم وهم بالفعل قد عادوا بغاليتعن وان لم تكن كل مشاكلهم قد حلت، والامر قد حدث لغرض تحقيقاي الطرد لغرض احداث تغيير سكاني. وهذا الحق مصان للاخوة الكورد ممن اخرجوا من كركوك وغيرها من المناطق، لانه حق انساني قبل ان يكون دستوري، السؤال الذي نود توجيهه الى السادة المسؤولين في زمن اعادة الحقوق المسلوبة لمن سلبت منه. لماذايتم سلب الحق المتبقي لابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري؟ هل في المس والسلب والسرقة حسابات قوى؟

ان شعبنا في مطالبته بحقوقه فهو يعمل من اجل ان يكون عراق الغد عراق مستقر، فلا يعقل انه في بلد يطبق الفدرالية يتم نكران حق شعب بالحكم الذاتي، وكلنا بات يعلم ان مثل هذه الامور لا تنتقص من قيمة العراق والعراقيين شيئا. بل الحقيقة تعزز من وحدة وصلابة الدولة العراقية، لان الدولة ستكون قائمة على الحرية والعدالة وليس على الغصب والفرض.


الحقيقة المؤلمة والتي نراها ونتلمسها يوما بعد يوم، ان القوى السياسية العراقية وبالاخص الاسلامية والقومية العروبية منها لم تتعلم من دروس الماضي اي شئ، فلازالت الامور تدار باسلوب الاستقواء والمؤامرات الخفية لتحقيق الاغراض والاهدف. فيما قوانين العراق تسمح بالقول وبالفم الملاءان بما يختلج في الصدور. ان الاستقواء يالمال الذي ياتي من الخارج لدعم توجهات دينية، هو عامل خطير يهدد الوحدة الوطنية العراقية التي يجب ان تبنى على المساواة والعدالة وحق المكونات في الحفاظ على ذاتها وهويتها.


البلد الذي لا يمكن ان يقر لاقلياته بالوجود وبالظهور وبالفخر بمميزاتها، هو بلد محكوم بالتفتت، فالاقليات وان كانت اليوم ضعيفة، فهي لن تعدم وسيلة لكي تجد من يساعدها على الصمود والبقاء، وهنا هو ما هو خطر من هذه الاساليب التي ترغب في هظم حقوق الاقليات مرة بحجة كونها اقليات ومرات اخرى بحجج دينية باعتبار العراق بلد اسلامي، وغالبا بحجة اعتبارهم كفرة ومشركون. فهل من المنطق دفع الاقليات القومية والدينية الى الزاوية الضيقة وتحديد خياراتها ما بين الهجرة او الصمت على كل ما يمارس ضدها؟ باعتقادنا انه خيار المراهنين على اما عراق عربي اسلامي او لا عراق، ان مثل هذا العراق يعني عراق الحروب المستمرة، فالاسلام ايضا ليس واحدا، ولا حتى الاسلامي السني ليس واحدا، ان عدم قبول العراق المتعدد والمبني على مبادي الحرية والقيم الديمقراطية، يعني ان لا استقرار في العراق ابدا.


الملاحظة الاخيرة التي احب ان اسجلها هنا، وهي اننا نرى الاقليات القومية والدينية مثل الكلدان السريان الاشورينن والصابئة المندائيين والازيديين الاكثر تشبثا بالعراق، فيما القوى الاخرى تتصارع علنا على الحصة الطائفية ومهما كانت النتائج، ولا من يقول لهم على عيونكم حاجب!!!!

[email protected]