السيد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لم يتمكن من حبس دموعه إزاء ماجرى ويجري لأهل غزة. والكل لم ينس رد فعله على الرئيس الإسرائيلي في دافوس. والسؤال هنا من هو أحق بذرف الدموع عليه: أهو الشعب السوري أم سكان غزة؟. دون شك الإثنان، ولكن الأولوية لمن؟.
في غزة تحكم حركة حماس وهي منتخبة من قبل سكان غزة. في سوريا حكم ديكتاتوري جاثم على صدر الشعب، وهو حكم جاء على ظهر الدبابة منذ أكثر من أربعين عاماُ، ولا يضاهي هذه الديكتاتورية بشاعةً إلا ديكتاتورية كوريا الشمالية. والدولتان، اي سوريا وكوريا الشمالية، لهما نفس نظام الحكم، نظام الحكم quot;الجمهوراثيquot;.
غزة يسكنها شعب هو في حالة حرب مع إسرائيل، ويعمل على إستعادة أراضيه المحتلة. في سوريا نظام الحكم هو في حالة حرب مع الشعب السوري، وفي حالة سلام مع quot;عدوهquot; اسرائيل منذ 1973. والسوريون يتساءلون لماذا هذه الوساطة التركية بالرغم من حالة الهدوء الشامل ولمدة عقود بينquot;العدوينquot; ؟. ألا يجدر بتركيا أن تتوسط بين النظام والشعب السوري المقهور؟.
في معارك غزة عدد الضحايا لم يتجاوز العشرات {كنا نتمنى أن لا تقع حتى ضحية واحدة}. في حماة وحدها تم محو أحياءٍ بكاملها من على وجه الأرض، وهدمت المنازل فوق رؤوس ساكنيها العزل أطفالاً ونساءً وشيوخاً، حيث إستعمل النظام حتى الأسلحة الثقيلة. وحتى الآن لا يعرف أحد عدد الضحايا على الرغم من أن أصغرالأرقام عدداً يتحدث عن عشرات الألوف.
في تاريخ اسرائيل لم يحدث أنها أقدمت على قتل السجناء بالذخيرة الحية داخل السجون. مجزرة تدمر: في منتصف إحدى الليالي جاء أزلام النظام بالمروحيات وهم في حالة سكر الى سجن تدمر وأيقظوا السجناء من نومهم وأبادوهم بالرشاشات، في أبشع جريمةٍ إنسانية في الوطن السوري. في غزة يسمي السكان أطفالهم بالأسماء التي يريدونها، ويتكلمون ويتعلمون باللغة العربية ولم يبدل أحد أسماء الحارات أو المعالم الأخرى. في سوريا لا يستطيع الكرد وهم جزء رئيسي من الشعب السوري تسمية أبنائهم بالأسماء الكردية، ولغتهم ممنوعة في جميع دوائر الدولة، وتم تبديل أسماء البلدات والقرى الكردية، يقال أنها بقصد التعريب، ولكن الجميع يعلم أن الهدف هو زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد ليس إلا.
النظام السوري ينتقم من الشعب بوسائل خبيثة ومدروسة حيث عم الفقر والعوز كل أبناء الشعب وخاصة الطيف الكردي الذي أضطر الى هجرة موطنه ليتحطم على أطراف المدن الكبيرة. المواطن السوري صار يبيع فلذات كبده بل يبيع عرضه للحصول على لقمة الخبز. الموت هو أرحم بكثير من الفقر.
مما لا شك فيه أن السيد أردوغان هو من أكفأ وأشجع رؤساء الوزراء في تاريخ تركيا بعد المرحوم الرئيس الأسبق توركوت اوزال. لقد بدل وجه تركيا التي أصبحت أكثر ديمقراطيةً ورفع من مستوى الإقتصاد التركي الى مستوى اقتصاديات الدول الكبرى. وحالياً أخذ على عاتقه موضوع حل القضية الكردية التي هي عثرة كبيرة في طريق تركيا الى التقدم وذلك بعد أن أقصى الجيش وعصابات الدولة السرية عن مراكزها. ولكن......
الشعب السوري كله، وبالدرجة الأولى ضحايا حماة المنكوبة وضحايا سجن تدمر وكذلك الطيف الكردي الذي يتعرض الى أكبر جريمة إبادة في تاريخ سوريا......لن يغفروا للسيد اردوغان الدعم الذي يقدمه لجلاديه في السنين الأخيرة. معاناة السوريين هي أضعاف ما يعانيه سكان غزة المساكين. أين المصداقية في دموع السيد اردوغان؟. إذا كان ذلك ينبع من وجدانٍ صادق لماذا ساند ظالمي الشعب السوري وهو على علمٍ بأدق التفاصيل لما يحدث.
د. بنكي حاجو
[email protected]
التعليقات