مع قرب إنعقاد مؤتمر القمة العربي في الدوحة، تتوجه الانظار مرة أخرى صوب القادة العرب وتبدأ مرة أخرى التفسيرات و التحليلات المسبقة لما سيطرح أو سيتم تفعيله على أرض الواقع، وعلى الرغم من أن هنالك أهتماما إستثنائيا بمؤتمر الدوحة و إعتباره مختلفا عن غيره لأسباب مختلفة، غير اننا في نفس الوقت لابد لنا من الاقرار بأن حالة من التشاؤم و الاحباط مازالت مهيمنة على الشارع العربي وحتى ان العديد من الاوساط العربية المتباينة تنظر الى هذا المؤتمر البالغzwnj; الاهمية بأنه شأن خاص بالقادة العرب و هو أبعد مايکون عن إهتماماته و شؤونه اليومية و الحياتية. والحق، ان النجاح الاستثنائي الذي حققه مؤتمر قمة الکويت وتلك النتائج المثمرة التي خرج بها، لفتت الانظار الى تلك الامکانيات و القدرات الديناميکية التي تمتلکها دول الخليج العربي من حيث لعبها لأدوار هامة على الصعيد القومي سيما في الاعوام الاخيرة وان دولة قطر بما تمتلکه من رصيد سياسي و إقتصادي و اعلامي و فکري طيب على مختلف الاصعدة، يدفع الدوائر السياسية و الاعلامية في المنطقة و العالم الى أن تتکهن بنتائج قد تکون أکبر من تلك التي تحققت في قمة الکويت، سيما وان دولة قطر وبحسب ماتؤکده اوساط المحللين و المراقبين السياسيين قد باتت تشارك و بشکل فاعل في صياغة و رسم اهم القرارات الحساسة و الخطيرة المتعلقة بالشأن العربي و على مختلف الاصعدة.


ان التطلع لمؤتمر الدوحة و عقد الآمال الکبيرة عليه وفي مثل هذه الظروف الانتقالية الحساسة و الاستثنائية، له أکثر من مبرر، خصوصا وان دولة قطر و على رأسها قائدها الکبير سمو الامير حمد بن خليفة آل ثاني لها إهتمامات و متابعات مختلفة الجوانب لکل متعلقات الشأن العربي وان الدوحة تعتبر اليوم واحدة من أهم عواصم رسم و إتخاذ القرار العربي ناهيك عن تأثيرها الملحوظ و الواضح على القرارات الدولية و الاقليمية، من هنا فإننا نلفت أنظار سمو رئيس مؤتمر الدوحة بأن يصب جل إهتمامه على مسألة تفعيل و ترجمة القرارات المتخذة على أرض الواقع و ضرورة أن يشعر المواطن العربي البسيط بشکل خاص و الشارع العربي بشکل عام بإنعکاسات و أبعاد قرارات قادته العرب.


اننا و بصراحة تامة ومن دون لف او دوران، نقر بأنه من حق الشارع العربي أن يتشائم من مؤتمرات القمة العربية لأننا لو رجعنا قليلا الى الوراء لوجدنا بأن معظم مؤتمرات القمة کانت شکلية و إنفعالية و ذات قرارات غير واقعية أو حتى سطحية لا تحقق أو تقدم شيئا للمواطن العربي وان تلك الفجوة الکبيرة التي فصلت بين الشارع العربي و مؤتمرات القمة العربية وان قد تم ردم جانب مهم منها في مؤتمر قمة الکويت، لکن الجانب الاکبر منها مازال باق و ان الانظار تتوجه للدوحة و اميرها الکبير کي يؤدي دوره التأريخي بهذا الصدد و يردم باقي الفجوة وقطعا ان ذلك لن يکون الا من خلال الخروج بقرارات يتم تجسيدها لاحقا على الارض و تنعکس مردوداتها الايجابية على الامة العربية جمعاء.


اننا في المجلس الاسلامي العربي بلبنان، ندعو و بکل حرص القادة العرب الذين سيجتمعون في الدوحة الى قراءة أبجديات الواقع السياسي ـ العسکري ـ الامني ـ القتصادي العربي و ان تتم صياغة القرارات في ضوء تداعيات و جوانب تلك الابجديات، سيما في العراق و لبنان و فلسطين، إذ انه من الواضح جدا ان الرياح الصفراء و السوداء الضارة و للأسف البالغ تهب على العرب من هذه الاقطار ولأسباب واضحة و جلية لسنا نجد حاجة لشرحها أو المزيد من تبسيطها وان ضرورة أن يکون للعرب حضور إستثنائي هام في هذه الاقطار ولاسيما في لبنان التي تعتبر دولة محورية على الاصعدة العربية و الاقليمية و الدولية، قد باتت هذه المسألة وفي ضوء الاحداث و التداعيات الدولية متعددة الجوانب، ضرورة ملحة و بالغة الاهمية للأمن القومي العربي ذاته بکل ماتعني الکلمة من معاني خطيرة و حساسة و ان التخلف عن ذلك أو المزيد من إهماله سوف يساهم في المزيد من إبعاد العرب عن الاحتفاظ باوراق اللعب الهامة و يجعل دورهم ثانويا وليس رئيسيا، ومن هنا ندعو القادة العرب الذين سيجتمعون في قمة الدوحة أن يأخذوا هذه المسألة الحيوية على محمل الجد و أن يضعوها بنظر الاعتبار.

محمد علي الحسيني
*الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.