في زيارته الإستطلاعية ليومين متتاليين بغية تفقّد أحوال الفلسطينيين المنكوبين في quot;قطاع غزّةquot; ومآسيهم ورؤية ما حلّ بهم خلال الحرب الأخيرة التي شنّتها quot;إسرائيلquot; المجرِمة عليهم، إبتغى الدكتور quot;أكمَل الدين إحسان أوغلوquot; ndash; بصفته أميناً عاماً لمنظمة المؤتمر الإسلامي- أن يشاهد بأمّ ناظِرَيه نكبة مليون ونصف من البشر الذين تشرّد مئات الآلاف منهم في البراري وبين أنقاض المنازل وسط حصار إسرائيلي مَقيت طال جَوره ما يقارب عامَين متتاليين، لينقل ما رآه إلى منظّمته لتُقدِّر ما تستطيع تقديمه لهؤلاء المساكين من عينيّات ومادّيات إبتغاء إغاثتهم في محنتهم وكَربِهم والظروف القاسية التي يخوضونها... وما أن تفوّه لإمرأة عجوز بالقرب من خيمتها المتهرِّئة بعبارة:- ((قبل كل شيء على زعمائكم أن يتوحّدوا))، حتى ثارت ثائرة قادة quot;حماسquot; في quot;غزّةquot; فأغلقوا باب المسجد الكبير بوجهه ولم يحضر أحد منهم لتوديعه، فغادر quot;إحسان أوغلوquot; القطاع المنكوب لوحده من دون أن يودّعه أحد!!!؟؟؟.

واقع الحال أن الأمين العام لهذه المنظّمة الكبيرة -التي تضمّ (54) دولة إسلامية- لم يكن سبّاقاً في إطلاق هذه العبارة، بل أن معظم الزعماء العرب والمسلمين والعالم قد تلفّظوا بكلمات كانت غايةً في الصراحة أو هي تنحو إلى المعنى نفسه، وهي الحقيقة بعينها لأن زعماء quot;فتح و حماسquot; وقادة المنظّمات الفلسطينية الأخرى لو لم يتوحّدوا في نهوجهم ويوحّدوا صفوفهم ويتصالحوا فيما بينهم ويتنازلوا عمّا يعتبرونه حقوقاً لذواتهم ويغيّروا ما بأنفسهم إستحقاقاً لفصائلهم وطموحات الكراسي وأطماعها الزائلة بهذه الدنيا الفانية التي لم تَدُمْ حتى لأعاظم الرسل والأنبياء والخلفاء والسلاطين والملوك والرؤساء، فإن حال هذا الشعب المنكوب لعقود من الزمن سيظلّ هكذا مهما بلغ القادة الفلسطينيون في أقوالهم وطروحاتهم عن quot;الإنتخابات الديمقراطية والسلطة الشرعية والحكومة المنتخبة وأخرى مُقالةquot;، والدليل على ذلك لجوؤهم إلى الحكومة المصرية لتتوسّط في إصلاح ذات بينهم سواء قبل العدوان الإسرائيلي على quot;غزّةquot; أو بعده من دون نتيجة ملموسة ولغاية يومنا هذا... لذلك فأن quot;إحسان أوغلوquot; ndash; وقد تفوّه بتلك النصيحة- فإنه لم يأتِ بجديد في هذا الشأن بحيث يُحسَب وكأنه كَفَرَ بالله الواحد الأحد ndash; سبحانه وتعالى- في علوّ عرشه.

ما هكذا تُدار الأمور يا قادة quot;حماسquot;، ولا هكذا يُداري من يدّعي الإسلام ديناً حنيفاً ضيفاً أمَرَ العليّ القدير في كتابه المكنون بكل وضوح ضرورةَ إكرامه، ولا هكذا ينتهج القادة السياسيون مثل هذه الأساليب العنيفة من دون خجل ولا إستحياء حيال من يبتغي تقديم العون لشعوبهم، وبالأخص حين يكون مواطنوهم بأمَسّ الحاجة لمجرد لقمة العيش والماء والملبس وإعادة تعمير الخراب والدمار والكساء ومنزل بسيط يحتويهم وأطفالهم، فضلاً عن إحتياجهم لأبسط مستلزمات تسيير حياتهم اليومية... والأصحّ أن تتنازلوا عن ترفّعكم أزاء الناس وتستقيموا وتتواضعوا وتكتموا غيظكم حتى إن أغاظكم أحد ndash;حسب إجتهادكم- بمناسبة أو بدونها، وتفكّروا لصالح رعاياكم الذين أنتم مسؤولون ومُحاسَبون أمام الله والعباد عن مصائرهم ما دمتم في مواقع الحكم، وواقع الحال أنكم لم تفعلوا لهم خيراً بل أقحمتموهم في معضلة تَلَت معضلة، فلا تأخذكم العزّة بالإثم في أعماق نفوسكم... فهل يُعقَل أن لا يُقال لكم مجرّد:-((على عينكم حاجب))!!!؟؟؟.

د. صبحي ناظم توفيق