هيكلquot; استاذquot; بكل ما تعنيه الكلمه سواء اختلفنا معه او اتفقنا، و يبقى بلا منازع صحفي و كاتب عالمي بغض النظر عن فلسفه كتاباته و فقعاته و فرقعاته الوثائقية، وهو ممن ترجمت كتبه الى لغات عده سواء ما كانت عن حرب الخليج عام 1993 او ملفات السويس عام 1986 او خريف الغضب 1983 او الزلزال السوفيتي 1990 و غيرها، و هو عملاق بحجم السيده ام كلثوم و عبد الوهاب و نجيب محفوظ.


و مع هذا فقد رأيت له من الكتابات التى تستحق الانتقاد، و من الافكار التى يجب ان تناقش، و من الشطحات التى يجب ان تعالج، و من الرغبة في سرقة الثورة و الاحتفاظ بها لنفسه، و لكن في كل هذا و ذاك كنت الاكثر استمتاعا و انتظارا لجديده عن اليابان و ايران و الاوراق السياسية. بل وحرصت على قرأه كتبه باللغة العربية و الانجليزية معا، و في كل ترجمة معنى و في كل حرف قصة. و لا تقل درجة الاستمتاع بما يكتب هيكل عن ما يكتب ضده مثل quot;اوهام هيكل وحقائق حرب الخليج لعبد العظيم رمضان، 1995، و السادات بين هيكل و موسى صبري عام 1994، و هيكل الثعلب السياسي الكبير لمحمود فوزي عام 1994 و غيرها؟.


بل و تابعت حكاياته و حواديته على فضائية الجزيرة، و التى تضعها بين يديه مجموعة باحثة قادرة على اتقان استخراج الوثيقة و هو الاقدر على تناولها من الجهة التى تخدم مبتغاه و رؤيته للامور، علما بأنه اتفق معه او اختلف القراء و المشاهدون على احاديثه، فأن فكره لم يتغير و لم يتقلب و لم يتنازل او يراجع نفسه في اي مرحلة و صمد.

حلقة quot; مع هيكل quot; عن دور الهاشميين و حرب 1967
وفي حلقته الخميس الماضي في فضائية الجزيرة، تناول هيكل سيرة و حياه الملوك الهاشميون حسب ما بين يديه من وثائق، و حسب ما نشر في جرائد، و قص حكاياته التى ازعجت بعض من رموز النظام الاردني، و حركت بكبسة زر سلاطين الكتبه لينهشوا في يوم واحد لحمه في الجرائد الالكترونية و المحلية و لم يخل راي جريدة من التهجم عليه. و اصبح هيكل في عناوين المقالات، صاحب العقده، و خزعبلات،و من زمن الردح،و هيكل الفحيح، و الثعبان المريض،و مزور التاريخ،و شيطان الكره و الشر، و صاحب الطلاسم،و رجل التدليس، و نباش القبور، و مكذب الاموات، مزيف التاريخ، و شجاع باثر رجعي، و صاحب مزاعم ربطت الملوك الراحلين في الاردن باسرائيل ضمن لقاءات سرية، و المستفيد من الامتيازات الامريكية، و عراب و شاهد زور، مريض نفسي، و يقبض من الاسياد و غيرها، و لا شيء عن الاحداث التى ذكرها!!!.


لم تخلُ صحيفة اردنية، و لم يترك ماسك قلم ورقه مطبوعة الى ان هاجم quot;الاستاذ quot; شاتما و لاعنا و غاضبا عليه و على اهله، بل كاد الامر ان يصل الى من ينشر اعلانات الموتى في الصحف اوحى اليه ان يضع في كل اعلان وفاة شتيمه على لسان المرحوم لاعنا quot;الاستاذquot; بل وان يوقظهم من سباتهم الابدي للوقوف باصقين، اعتقد البعض ان هذا في اطارحسب التعليمات العليا، امام محمد حسنين هيكل.


بكل quot;صراحة quot; اقولها هذا الاسلوب غير مقبول و غير مهني و غير مقنع للعالم،و يجب الا يفهم اعجابي بطريقة اداء هيكل و فريقه المعلوماتي انني مؤيدا له ولكنها مهنية عالية ضمن اسس عالمية يعترف له و لهم بها و تنقص الكثير ممن يعملون في القطاع الاعلامي.


و واد ان اشير، بل ربما انني اول من كتب مخالفا اياه الرأي عن الهاشميين و رفضت بعض الجرائد الاردنية نشر المقال في حينها لان رئيس تحرير الجريدة الاولى كان بعثيا مؤيدا للرئيس المخلوع quot;صدام / و نشر في جريدة اردنية اخرى بعنوان عفوا استاذ quot;هيكل quot;.
و اقصد هنا ان الاله الاعلامية الاردنية اسيتقظت مؤخرا، بعد خمس عشر عاما، مفجوعه على احاديث ليست من بنات افكاره، بل البعض كتب و شتم و هو لم يتابع الحلقة، و اخرين لم يشاهدوها.


رصاص الى عقل هيكل على فيس بوك
واعود مرة اخرى لنقاط ارتكازية فيما يجرى على ساحة الخلاف بين الاردن و كل من دولة قطر و برنامج quot;مع هيكل quot; وصل الى حد التهديد بمقاطعة القمة المقبلة في حال بث الحلقة الثانية.
من اهم النقاط الارتكازية هي ان الكم الهائل من مقالات و كتابات الهجوم على الاستاذ هيكل ثاني يوم الحلقة، في كل انواع الصفحات ثقافية و سياسية و غيرها، وحتى يومنا هذا سخرت للهجوم على شخصه، بل و تاسيس صفحة خاصة على فيس بوك ضد هيكل تحمل quot;صورة مسدس رصاص على رأسه quot; مما يؤسس لثلاث نقاط :
الاولى : اعتقاد قد يكون غير صحيح، لكن ساهمت في نشره تلك المقالات المتلاحقة التى تظهر انها منسوخه عن فكره واحدة، و هي وجود سيطرة يد خفية على الصحافة توجه الكتاب بما فيهم من يكتب quot;راي الجريدةquot; في كل الجرائد، فليس من المقبول و لا المعقول ان الكل شاهد البرنامج تلك الليلة، و بعدها ذهب الى مكتبه و كتب و نشر في زمن قياسي، و ان الكل يحمل نفس الالفاظ و ان الكل قرر ان يكون الحدث الاوحد هو quot;هيكل quot; على كل صفحات الجرائد المحلية و الالكترونية.


ثانيا : تلك الكتابات على كثرتها تعني ان الفضائية القطرية quot;الجزيرة quot;و برنامج الاستاذ هيكل يحظى بمتابعه غير طبيعية و كبيرة بين القطاعات بمجملها و على الاخص الاعلامية في الاردن بعكس ما يوحى به من مقاطعة لفضائية الجزيرة او للاعلام القطري.
ثالثا : لا يزال حلم التنمية السياسية و تعدد الاراء و احترامها و الاصلاح السياسي و حرية الصحافة غائبة.
و هذا يقود الى تساؤل هل كل من كتب كان مكلف رسميا بالرد، ام انهم متابعين الاستاذ هيكل، ام انها رده فعل غير مهنية، و اقصد فزعة؟. بل المضحك ان من كان تاريخيا ضد النظام الهاشمي وقف ضد هيكل شاتما ايضا.
و اقصد، انه لم يكن هناك رد مهني، بوثائق، بتحليلات، برغبه في حوار تاريخي على الاستاذ بقدر ما كان هناك شتم، و لعل اهم تعبير عن الحالة تلك حملها عنوان مقال فقط، كان quot; اين هيكل الاردن quot;.


كتب اجنبية عن اللقاءات و الاجتماعات
في كتاب quot;توم سيجيف quot; المعنون 1967، و الصادر في عام 2007 صورا للملك الراحل الحسين في عيادة الطبيب البريطاني للاسنان يلتقي ضابط الموساد، و ايضا طلب الملك ان يلتقي ليفي اشكول و جولدا مائير، و في كلمه الملك الراحل الحسين في وادي عربه قال : ان لقائي ليس الاول و لكن سبقه تسع عشر لقاء، و هذا طبيعي في بلد لديه اطول حدود مع عدو متمترس و قادر على الحاق الاذى بدولة مسالمه، لقد جنب الملك الاردن الحروب باتصالاته السرية، في زمن كان و ما يزال العمل السياسي السري في الحرب و السلم من الاوراق الهامة.


الم يبعث عبد الناصر رسولا الى السفارة الامريكية قبل الثورة، و كان زكريا محي الدين، و محمد حسنين هيكل؟ و الم يلتقى رجال عبد الناصر في جنيف مع مبعوثي بن جورين، و الم يرسل السادات حسن التهامي الى لندن و المغرب للقاء اسرائيليين تمهيدا للذهاب الى القدس و القاء خطاب في الكنيست، و الم يكن قاده فلسطينيون يلتقون مع اسرائيليين قبل اعلان معاهدة السلام؟، فلماذا هؤلاء ابطال حققوا السلام، و الملوك الهاشميون في لقائتهم خانوا الامانه؟ و هل في الاصل كانت هنالك امانه اصلا؟.


و في لقاءات الملك عبد الله الاول مع اليهود قبل 1948 جائت حلولا حافظت على الضفة الشرقية من الابتلاع الصهيوني، و لقاءات الفلسطينين و العرب مع اليهود في حيفا موثقه في الفترة من 1920 و الى 1948 لمحاربة الانتداب البريطاني انذاك و قبل قرار التقسيم و حسب شهادات و كتابات دافن شوفمان و ايلي نخاس. و هذا بعكس ما اوحى به الاستاذ هيكل في برنامجه.


ملايين مكافحة الشيوعية
و في المليون دولار التى قال الاستاذ هيكل ان المخابرات الامريكية تدفعها للملك الراحل حسب كتابquot; بوب وورد quot; اود ان اضيف اليه انه لم تكن مليون دولار بل خمس ملايين دولار، و كانت تاتي في اطار محاربة المد الشيوعي و تدخل خزينة المخابرات العامة الاردنية. و في نفس الكتاب اشارة من الرئيس كارتر لفكرة محاربة الشيوعية عن طريق مال يرسل للدول الحليفة و المعتدلة..
حتى انه في يوم ما، حسب رواية امين الحزب الشيوعي في الاردن يعقوب زيادين، انه ذهب بنفسه الى المخابرات الاردنية بعد ان لاحظ بيان يوزع في كل انحاء المملكة موقعا باسم الحزب الشيوعي الاردني، و كان الحزب على غير علم به و ليس لديه المال الكافي للطباعة او امكانية الوصول الى اطراف المملكة.


ذهب امين الحزب الشيوعي ليبريء نفسه بما كتب ضد الملك، فقيل له حرفيا، حسب روايته، اننا وجدنا ان نشاطكم قد ضعف و غاب عن الساحه، فاضطررنا الى نشر بيانات و توزيع منشورات لان القنصل الامريكي قال ان الاردن نجح في مكافحة الشيوعية و بالتالي سيتوقف الدعم، و كان الاردن بحاجة الى الدعم الامريكي لمواجهة بؤر توتر.


و لم يدخل قرشا واحدا الى جيب الملك الحسين بل كانت كلها تذهب الى مكافحة الشيوعية، و اسماء من دفعت لهم المبالغ موجودة في دائرة المخابرات الاردنية في خزنة مديرها العام حسب رواية محمد رسول الكيلاني مدير المخابرات الاردني الاسبق.


بين حضور الاردن القمة و بث حلقة الاستاذ هيكل الخميس
لا يوجد شيء يخشاه الاردن من نشر اللقاءات بل يجب عدم انكارها، لانها تقع في اطار سياسات خارجية عربية للحفاظ على الاردن من الالتهام الصهيوني، و حمت شعبا من الدمار و دولة من الانهيار.
بلا ادني شك فأن هيكل الاستاذ، بالاضافة لخبرته الذاتية اضاف و قراء في حلقته من كتاب ماري ويلسون لجامعة كمبدرج عن الملك عبد لله و بريطانيا و اقامة الاردن، التى تتحدث عن طموحات الهاشميين التى لم تتحقق، و هربرت صمويل في السلط، و قراء من مذكرات عبد الله التل، و من مذكرات اليهود و العرب، و الصراع بين اسرائيل و العرب و كيف كسبت اسرائيل حرب 1967 ضمن غيرها من الكتب ـ و التى تشير الى ما يقول.


انها ليست المره الاولى و لن تكون الاخيرة، فمنذ فترة كان هناك برنامج وثائقي من البي بي سي، على فضائية عربية تناول زيارة الملك الحسين لاسرائيل مبلغا اياهم عن ضربة مصر العسكرية لهم في 1973، و الى هذا اليوم من عام 2009 هناك منشورات ووثائق بيريطانيه، و كتابات بارتيك سيل، وغيره تقود الى نفس المنوال.
فعلا الاردن بحاجة الى quot;استاذ كبيرquot; بحجم الاستاذ هيكل خالي من المزاعم والنقل عن ادعاءات اخرين، الا انه يحسب له انه حرك التنمية السياسية في الداخل الاردني واظهر للعلن كيف و من و متى تتحرك الاقلام.


هيكل قدم نموذج فكري للحراك السياسي في المنطقة، فأما تصر الاردن على مقاطعة مؤتمر القمة في قطر كنوع للضغط على قطر بعدم بث الحلقة القادمة، و هذا يعني ضعف قطر الاعلامي و تراجعها، و يضع الاردن في كفة غياب الحريات الصحفية التى يؤكد عليها في حديثه مع الرغبات الامريكية، او ان تمنع قطر الحلقة و تنتهي قصة quot;الجزيرة الرأي و الرأي الاخر quot;.
ماذا سيحدث اذن هذا الخميس بعد ان قدمت الصحافة الاردنية في شتمها لهيكل اكبر دعاية لبرنامج quot;مع هيكل quot; و بات ينتظره العديد، اعتقد انه سعيد بكل ما حدث في غياب استراتيجية اعلامية اردنية قابلة للتنفيذ؟.
في النهاية، عفوا استاذ هيكل، فأنني اخالفك بعض مما ذكرت و انتظر حلقتك يوم الخميس لمزيد من الاختلاف ضمن الاسس المهنية عن قرائه من زاوية واحده لتاريخ المنطقة.


هجوم الاستاذ هيكل، لا يمر دون النظر في تهديدات اسامه بن لادن ان تحرير فلسطين يمر عبر تحرير الاردن، و دون الاهتمام بتصريحات امريكا و رفض بريطانيا quot; الوطن البديل quot;، و دون التمحص في الرفض الاسرائيلي لحل الدولتين،الكل يخدم هدفا واحدا و لكن يبدو لا احد يعير ذلك الاهتمام في مرحلة حكومات الاستثمار واقرباء رجال الاعمال و المال.
اما موضوع الملك طلال، فتلك حدوته اخرى قادمة و لكن ليس اليوم يا استاذ.

د.عبد الفتاح طوقان
[email protected]