على السودان ألا يتعامل باستخفاف مع تهديدات لويس اوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باختطاف الرئيس عمر البشير في اول فرصة يغادر فيها السودان، فهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الجنائية الدولية اختطاف أحد المطلوبين للعدالة، كما أن هذا التهديد تزامن مع إعلان الرئيس البشير أنه سوف يتوجه إلى الدوحة اواخر هذا الشهر للمشاركة في اجتماعات القمة العربية المقبلة!


الأخطر من ذلك إعلان فرنسا ودول اوروبية أخرى تأييدها لاعتراض طائرة الرئيس البشير في الجو حال مغادرته السودان، وحسب تصريحات إيريك شوفالييه الناطق باسم الخارجية الفرنسية فإن باريس ودولا أوروبية أخرى لديها التزام بتنفيذ قرار توقيف البشير خاصة إذا سافر الى الدوحة للمشاركة في القمة العربية.


هذه التهديدات لاينبغي التعامل معها باستهانة وكما صرح أحد مستشاري الرئيس السوداني لوكالات الأنباء بأن السودان قادر على تأمين سفر وعودة رئيسه سالما من الدوحة، عن طريق إخفاء الساعة المحددة لإقلاع الطائرة الرئاسية من مطار الخرطوم، ومرافقة طائرات حربية سودانية لطائرة البشير حتى تغادر الأجواء السودانية.


فهذا التصريح لا يختلف كثيرا عن تصريحات السفير السوداني في القاهرة إدريس سليمان حين قال أمام جمع من المحامين المصريين في الإسكندرية : إن السودان قادر على هزيمة امريكا وبريطانيا وفرنسا إذا حاولت التدخل عسكريا في السودان!


تهديدات أوكامبو باختطاف طائرة البشير تؤكد بالفعل أن هناك مخططا لتنفيذ هذه العملية فور توجه الرئيس السوداني لحضور قمة الدوحة، ولن تكون مفاجئة كبيرة ان تحاول الجنائية الدولية بالتعاون مع دول غربية اختطافه بحجة أنه مطلوب للعدالة الدولية، ففي يونيو 2007 اعترفت المحكمة الدولية بتورطها مع عدة دول لم تحددها في محاولة لاختطاف الوزير السوداني السابق أحمد هارون بتهمة ارتكابه جرائم حرب في دارفور.


وطبقا لما أعلنته فورنس اولارا المتحدثة باسم المحكمة فإن الخطة كانت تقضي بتحويل مسار الطائرة التي كان سيستقلها الوزير السوداني من الخرطوم متوجها إلى دولة عربية مجاورة، لكن هارون تلقى تحذيرا قبل إقلاع الطائرة بخمس دقائق مما دفعه لمغادرتها، الأخطر من ذلك ما أعلنته أولارا من أن دولة ثالثة مجاورة ndash;لم تسمها- وافقت على استقبال طائرة هارون تمهيدا لاقتياده بالقوة للمثول امام المحكمة الدولية!


بالطبع لم تكن هذه المحاولة هي الأولى من نوعها فقد قامت الجنائية الدولية باختطاف توماس لوبانجا زعيم إحدى الفصائل المسلحة في الكونغو لمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وقد شاركت في عملية الاختطاف أجهزة استخبارات غربية وإفريقية بالإضافة إلى أجهزة أمن كونجولية!


كما اعتمدت نفس الأسلوب في اعتقال القائد العسكري لصرب البوسنة رادوفان كاراجيتش في قلب العاصمة الصربية بلجراد بعد ان ظل هاربا أكثر من 13 عاما، ثم نقله بعد ذلك إلى لاهاي لمحاكمته أمام المحكمة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية.
انا شخصيا لا اعرف الترتيبات الامنية التي سوف تتخذها الخرطوم لتأمين سفر وعودة البشير من الدوحة، لكنني لو كنت مكان الرئيس السوداني لاعتذرت عن حضور القمة العربية!

عبد العزيز محمود