يتصف حال مذيعات قناة الجزيرة من منظور الصحة النفسية بالوضع الصعب الذي يصل الى درجة الأزمة السايكولوجية التي تؤثر على توازن الأنا وانسجامها مع قوى اللاشعور في عملية تناغم يعزز أصالة الذات في مشاعرها وفكرها وسلوكها.

عادة ما يبدأ يوم مذيعة قناة الجزيرة في بيتها بالمرح والضحك مع زوجها وأطفالها، وسماع الموسيقى والغناء واجراء بعض المكالمات الهاتفية التي يتخللها المزاح والفكاهة، واحيانا قراءة الروايات الادبية الرومانسية وأشعار الغزل، ثم حينما تخرج وهي في طريقها الى مقر الحزيرة تسمع بعض الموسيقى والغناء، واثناء سيرها تحاول ان تتجنب النظر الى المناظر المزعجة المثيرة للقرف في الشوارع كي تحافظ على معنوياتها ومرحها وبهجتها.

وحينما تصل الى مقر قناة الجزيرة تجتمع مع بقية زميلاتها من المذيعات، وينخرطن في أحاديث عن الموضة والجمال والاطفال، وعن أخر فلم رومانسي جميل وكيف شعرن بالحزن للنهاية المأساوية لقصة البطل والبطلة وفشل حبهما، أو عن أغنية مؤثرة فيها عذوبة لوعة العشاق، او يتبادلن دواوين الشعر والروايات الادبية التي تتحدث عن الحب وروعة العلاقات الانسانية.

وفجأة تدخل المذيعة الى الأستديو وتنقلب شخصيتها رأساً على عقب.. وتبدأ حفلة الردح واخبار الكراهية والأحقاد والفتن والإرهاب والقتل... وتندمج في تأدية دور المحرض مع هذه الشرور وأحيانا تزايد على أصحاب الأصوات الظلامية القبيحة الذين تستضيفهم الجزيرة فنشاهد حماسة المذيعة تفوق حماستهم !

ثم تخرج من الاستديو وتعود الى شخصيتها الثانية الرقيقة الرومانسية، وربما اثناء فترة أنتظارها لتقديم فقرات الاخبار تخرج من حقبتها ديوان شعر غزل تقرأه على مهل بمصاحبة الموسيقى الهادئة، وعندما يحين وقت الدخول الى الاستديو مرة اخرى تغلق ديوان الشعر وتطفيء الموسيقى وتعود الى شخصيتها الاخرى التي تمارس الردح و اخبارالأحقاد و الدم.

هذه الصورة اليومية التقريبية لحياة مذيعات قناة الجزيرة.. تكشفتبين عيشهنالشيزوفرينيا أو أنفصام الشخصية، فلا يمكن للانسان الذي يتمتع بالصحة النفسية والتوازن أن يقبل على نفسه العيش بهذا الانفصام والتناقض الصارخ بين عالمين، فالشخصية السوية لاتقبل على نفسها تأدية هذه الادوار المصدعة لوحدة الذات الانسانية وانسجام مكوناتها.

صحيح ان نقطة ضعف المرأة بشكل عام هي المال وحب الظهور، ولكن الوضع السايكولوجي لمذيعات قناة الجزيرة من الناحية الصحية في مأزق أنساني يتطلب من جميع أنصار المرأة المطالبة بأنقاذهن واعادة التوازن النفسي لهن.

خضير طاهر
[email protected]