(( وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا.* )). آية رقم: (100) من سورة النساء.

لكن السؤال هو: هل هاجر المسلمون الى أوربا في سبيل الله؟

أم طلبا للعيش الكريم بعيدا عن الدول الاسلامية نفسها بكل مافيها؟

يصعب الحصول على أرقام وإحصائيات دقيقة لعدد المسلمين في أوربا سواء من هاجر إليها (لاجئا أو دارسا أو زائراً ثم إستقر)، أو من ولد هناك وكون الجيل الثاني وما بعده.

وصعوبة ذلك بالدرجة الأولى، بسبب طبيعة نظرة الاوربيين للانسان عموما، بصرف النظر عن دينه أو عرقه،لذلك،يتعرض من يقوم بتلك الاحصاءات والدراسات الى الشك في نواياه ودوافعه، وتتسائل منظمات حقوق الأنسان وحتى أعضاء البرلمانات عن أهمية تلك الدراسات والأحصاءات والجدوى منها.

ومع ذلك يستطيع المهتم العثور على بعض الارقام التقريبية للموضوع (15 مليون )، من جهات أمريكية أو عربية أو إسلامية.

ومنها هذا المختصر لبحث طويل اعده الدبلوماسي الأمريكي تيموثي سافيج،عام 2007 تحت عنوان أوروبا والإسلام:{ الهلال المتنامي، وصدام الثقافات}. ونشرتها المجــــلة الفصلية ذي واشنطن كوارترلي The Washington Quarterly، وتحتوي الورقة علي احصائيات وتفاصيل مهمة. واهمية الدراسة تنبع من ان معدها سافيج يشتغل في قسم الدراسات التحليلية المتعلقة بأوروبا، والأكثر من ذلك أنه اشتغل كقنصل عام للولايات المتحدة الأمريكية في ألمانيا. ولعل ذلك مكن صاحب الدراسة من الإطلاع عن قرب علي أوروبا عموما وحضور الإسلام فيها خصوصا.

ويقدر البعض أنه في منتصف القرن الواحد والعشرين سيكون الإسلام العامل الأبرز في تحديد ونحت معالم أوروبا سواء أكانت موحدة أم دولا، و يرى تيموتي سافيج، أن التحدي الإسلامي الذي تواجهه أوروبا اليوم له بعدان:

داخلي.. ويقتضي من أوروبا إدماج الأقليات الإسلامية التي تعيش في عزلة (في الغيتوهات)، مع التزايد الديموغرافي السريع، وهو ما يعتبره الكثير من الأوروبيين، حسب الكاتب، مهددا للهوية الجماعية الغربية، ولقيم المجتمع الأوروبية،

و خارجي.. حيث يقترح الكاتب في دراسة تحليلية حول تنامي الإسلام في أوروبا أن تبـلور أوروبا مقاربة للتعامل والتعاطي مع مجموع الدول الإسلامية غير المستقرة، والمحاذية لأوروبا جنوبا وشرقا، والتي تمتد من الدار البيضاء جنوبا إلي القوقاز شرقا،

وسأترك الأحصائيات والدراسات والنظريات المستقبلية عن تأثير الاسلام في أوربا وأنتقل الى ملاحظاتي خلال أقل من عقد من الزمن على التغيرات الاجتماعية والبيئية في السويد الاسكندنافية كنموذج عايشته عن قرب وبعين المراقب..

مقدما، تجدر الأشارة الى وجود نسبة قليلة من المهاجرين المسلمين الذين إستطاعوا الاندماج في المجتمعات الجديدة بشتى الطرق وتفاعلوا معها فأفادوا وأستفادوا،وأكملوا دراساتهم وحصلوا على أعمال مهمة،وبعضهم صار وزراء او نواب برلمان أوأصحاب شركات مختلفة..لكن تلك نسبة قليلة جدا تكاد تكون الشذوذ عن القاعدة.

أما الغالبية والتي أهم ما يميزها سمة التمسك بالأسلام، قولا ظاهرا على الاقل، فملاحظاتي عليهم بأختصار هي:

الكبار.. تقاعس في البحث عن العمل والاندماج في المجتمعات الجديدة، والاكتفاء بالمساعدات البلدية ومحاولة التلاعب على القوانين، للحصول على المزيد، واللجوء الى طرق ملتوية..يصل بعضها الى إجراء طلاق رسمي بين الشريكين للحصول على شقة إضافية..ثم تأجيرها في الباطن وغير ذلك كثير.وقسم من القدماء إستطاعوا تشكيل نوادي إجتماعية صورية يحلبون بها خزينة البلدية،فهي تدفع لهم مئات الآلاف سنويا من أجل نشاطات مزعومة وسفرات ومحيبس رمضان وما شابه.

الشباب.. القسم المنفتح تعلم من الحرية ما يخصه فقط ولم يهتم بسلب حرية الآخرين،فتراهم يصرخون ويزعقون ويمدون ارجلهم في الباصات على مقاعد الآخرين و في عطلة نهاية الاسبوع بعد الشرب يقومون بتكسير الاشياء والاثاث وأحيانا يحدثون حرائق (كما حدث مؤخرا في مالمو..روزنبيرغ)،ومنعوا حتى رجال الاطفاء من القيام بواجبهم وقاموا برميهم بالحجارة فأصيب بعضهم..و أحدهم جروحه خطيرة ونقل الى المستشفى

ثم رفض رجال الاطفاء الحضور دون تواجد الشرطة لحمايتهم من خطر الشباب الذين احدثوا الحريق.أما الأسلاميون فيتسكعون في المساجد ويلعنون ظواهر المجتمع الغريبة عنهم ليل نهار ويتقوقعون خصوصا في رمضان ووجباته الدسمة ويبتعدون عن السفرات الشبابية المختلطة والمسابح والنوادي والاماكن العامة الاخرى، وكبارهم يحصلون على الاموال البلدية لدعم مساجدهم ودروسهم الدينية وجلسات رمضان...لماذا يقبل السويديين بدفع كل تلك الاموال؟ لا أعلم

الاطفال..يمارسون ألعابهم الخطرة وكأنها في جيناتهم وطريقة تعاملهم مع بعضهم وعركاتهم توحي للناظر أحيانا أنه في حارة شعبية عربية أو إحدى العشوائيات..

يرمون أغلفة النساتل وما شابه في الشارع ومعهم والديهم ولا أحد ينبههم.

عند قدومي للسويد..أول شيء غريب جذب إنتباهي، هي كلابهم..

حيث لم أسمع نباحها عندما أصادفها مع اصحابها في المترو أو حتى خلال( البرومنيرا) أي التمشي.. لا أسمع عوائهم إلا نادرا..وتصورت أن هناك لقاحا ما، هو السبب، لكن إتضح لي تدريجيا أن طريقة تعامل الناس مع تلك الحيوانات هو السبب..فهم يعاملوه كما لو أنه إنسان عاقل، وسيتصور البعض أني أبالغ لو قلت أن الامر ينطبق على الطيور وحتى الحشرات.

لأول مرة أسمع كلب يدوش المنطقة بعوائه كان قبل أيام، عندما إقتنى أحدهم لأبنه كلب صغير ولطيف، فتحول الى شبه مسعور خلال اسبوعين، كيف؟ لا أدري

لاداعي لذكر أصل الرجل وإبنه.

أما العموميات فتشمل: قلة النظافة ورمي الأزبال دون تصنيفها، ومناظر صحون الساتلايت، وتكدس الاثاث الفائض في البالكون وإستخدام الغسالات المشتركة في العمارة بصورة خاطئة،وعدم الاهتمام بالحضور في الموعد المضبوط، وكثرة الزعيق في الباصات والاماكن العامة والمحجبات والمنقبات على الشواطيء في الصيف، والبازار الاسلامي الذي خصصت له مقالة سابقة، وممارسات عاشوراء والقائمة تطول.. وآخر ملاحظة قبل شهر هي نزول السكان المهاجرين الى ( الشلري)، لكوي ملابسهم هناك، وعندما سألت أحدهم لماذا هنا و ليس في شقتك؟أجابني هنا الكهرباء مشترك على جميع السكان !

في الواقع، نحن لم نسمع شكوى علنية من أهل البلاد الاصليين من تصرفات القادمين الجدد، بل نراهم متعاونين ومبتسمين في كل الاحوال،وكمثال للتوضيح، ففي رمضان.

تمتلأ محلاتهم الكبرى بأطعمة إسلامية متنوعة وبسعر أقل كثيرا من باقي أيام السنة، كالتمور والحلويات بأنواعها و لحوم الحلال والعدس والبقوليات وماشابه، وكأنهم يعرفون أن رمضان يعني مزيد من الأكل والسمنة. لكن تخفيض أسعارها يتبع سياستهم مع جميع الاشياء في حالة زيادة الطلب عليها،أي في موسم طلب السلعة، وهو عكس ما يحدث في بلداننا الاسلامية عموما..وتفسيرهم لذلك،أن السلعة في موسم الطلب عليها سيعمد التجار الى توفيرها..والذي يعرضها بسعر أقل طبعا سينال رضا المستهلكين وأموالهم.وسأرفق شريط لرمضان في إحدى الدول الاسكندنافية.

أحيانا أسأل صديقي.. هل تتذكر حال السويد قبل 8 سنوات؟ ونظافتها ونظامها؟

فيجيبني..كانت أيام ولن تعود!


رعد الحافظ