يعاني المجتمع الكردي من عدة أزمات فكرية وأخلاقية وسياسية بنيوية تعصف به، مسببة له الاضطراب وعدم الأستقرار، وعدم الثبات على ماهية هوية واضحة سواء كانت عشائرية أم قومية أم أسلامية أم متمدنة علمانية، اذ انه عرضة للتقلبات والأهواء وتقمص عدة هويات في ظل الشحن الأيديولوجي أزاء الأخر المختلف وطغيان الخطاب الهياجي العدواني على الحياة العامة!

وما ذكره الى جريدة الشرق الاوسط في 19 تموز 2009 الدكتور فاضل ميراودلي المرشح لأنتخابات الرئاسة في كردستان في معرض حديثه عن تردي الاوضاع العامة هناك وان حوالي 20 عشرون ألف أمراة كردية قتلت منذ 18 عاما ولغاية الآن بسبب العادات العشائرية المتخلفة... يلخص طبيعة هذه الازمات الخطيرة ويعطي دليلا عملياً على ترجمتها على أرض الواقع. ففي ظل قبضة بوليسية مخابراتية شديدة من قبل هذه الاحزاب على الشعب ومع هذا حصلت كل هذه التجاوزات، مما يعني شرعنتها في كردستان من قبل السلطة هناك رضوخاً منها أو تواطئاً أو قبولاً معلنا لها.

ولعل ضياع الهوية يتجلى في هذا التناقض الصارخ في الخطاب السياسي الكردي.. فهو من ناحية يدعي العلمانية والديمقراطية بينما سلوك الساسة الأكراد والنخب المثقفة يتصف بالتعصب القومي المنافي لجوهر العلمانية والديمقراطية القائم على مبدأ المواطنة والمساواة والأنفتاح على الأخر، وما شيوع ظاهرة الإلحاد الديني والتنكر للهوية الأسلامية لدى قطاعات في كردستان إلا تعبير عن بعض أوجه أزمة ضياع الهوية والتخبط الذي يعيشه المجتمع الكردي الذي يبدو انه يفتقر الى الحكماء الذين يضبطون بوصلته بأتجاه العقلانية والمنطق والواقعية وثقافة السلام والتعايش الأنساني مع الأخرين من أصحاب القوميات المغايرة.

والسؤال الذي أتمنى ان يطرحه على نفسه كل انسان كردي حريص على مستقبله هو: الى أين نمضي ونسير بهذه الأفكار الشوفينة والغرور وأستفزاز الأخرين والتعدي على حقوقهم، وماهي عناصر القوية التي نمتلكها ماعدا الحماية الخارجية التي سوف لن تستمر طويلا، وهل بمقدورنا تحدي كل دول الجوار وأستفزازها وتحقيق كافة أطماعنا؟

أسعد فرحان السومري